في زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى الصين في يونيو من العام الماضي، وخلال زيارته لمقر الشركة الوطنية الصينية للبترول CNPC، ومن خلال المباحثات حول الاستثمارات النفطية، تحدَّث رئيس هذه الشركة التي تعد من الشركات الأكبر في الدنيا «في المرتبة السادسة من بين أهم 500 شركة كبرى في العالم»، تحدَّث عن أن شركته التي تعمل في مجال النفط والغاز في ثلاثين بلداً في عالمنا الفسيح، وتستثمر في بقاع كثيرة من أقاصي الشرق للغرب والشمال للجنوب، يُعدّ السودان الثالث إفريقيًا بالنسبة، وسيرتفع إنتاجه من البترول بحلول عام 2013، «يقصد السودان الشمالي»، بتضاعف الإنتاج لما يزيد عن الضعفين تقريباً بفضل تقنيات جديدة تُستخدم لأول مرة في حقول النفط بالسودان وتحسين إنتاج الحقول باستخدام تقنيات الإنتاج والاستخلاص المدعم للنفط، وبالوعود الباهرة للاستكشافات الجديدة في المربعات التي يجري فيها العمل.. وكانت القيادة الصينية في تلك الزيارة من الرئيس هوجنتاو وبقية كبار القادة الصينيين، يتناولون قضية النفط والشراكة مع السودان باعتبارها نموذجاً تم تعميمه في عدد من الدول الإفريقية، لكن التأكيدات كلها كانت تشير لاستمرار هذه الشراكة ووجود احتياطيات نفطية كبيرة في حقول شمال السودان وفي مربعات محددة ترغب الشرطة الصينية وشركات أخرى في الدخول إليها... استرجاع هذا الحدث والأحاديث في تلك الزيارة، وبين أيدينا الاتفاق النفطي مع دولة جنوب السودان، الذي يعول عليه البعض وكأنه طوق نجاة للاقتصاد السوداني وكأن الترتيبات المالية الانتقالية ستحل كل مشكلات البلاد الاقتصادية وتُخرجنا من عنق الزجاجة، بل أسرف البعض في الظن بأن هذه الترتيبات ما هي إلا منحة من دولة الجنوب للسودان!! فإذا كان السودان بلدًا واعدًا وتوجد رغبة صينية كبيرة في توسيع استثماراتها النفطية وتطالب بمربعات وحقول جديدة تم تحديدها بأرقامها وتحديد القيد الزمني لزيادة الإنتاج في الحقول القديمة والأخرى التي ستدخل، فإن الاتفاق النفطي مع الجنوب سيكون ريعه المؤقت مجرد حل جزئي مرحلي، سيكون الاعتماد في النهاية على الإنتاج المتوقَّع والمحتمل في حقولنا التي في أراضينا وليس غيرها، وقد بدأت بالفعل مؤشرات ذاك الحديث تظهر وتبين، كما جاء في حديث الدكتور عوض أحمد الجاز وزير الطاقة أمس حول دخول إنتاج مربعي «17» الذي يدخل لأول مرة خط الإنتاج و«6» الذي تزداد طاقته الإنتاجية.. وهناك حقول أخرى على الطريق.. إذا أحسنت الحكومة ترتيب الأوضاع الداخلية وحسن الإدارة للشأن العام وتفرغت وزاراتها المختصة مثل وزارة النفط لهذا الجانب المهم والحيوي، يستطيع السودان أن يعبر هذه المرحلة وينطلق لآفاق أكبر، ومعروف أن كل المربعات الموجودة في غرب وأواسط السودان، هي مناطق مخزونات نفطية كبيرة تسد حاجة البلاد من عائداتها وتُصلح من شأن الخدمات وتوفِّر الاحتياجات الضرورية... المطلوب تقوية وتعزيز الإرادة الوطنية الجبّارة التي تقهر الصعاب وتوفير كل ما تستلزمه هذه الصناعة من ظروف في مقدمتها توفير الأمن والاستقرار والطمأنينة والصبر حتى ينزاح الكرب وتذهب العقابيل...