وضعت وثائق الموقع ذائع الصيت «ويكليكس» مستشار رئيس الجمهورية د. مصطفى عثمان في موقفٍ لا يُحسد عليه الأسبوع الفائت بنشرها وثيقة كشفت من خلالها إبلاغه للقائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم في يوليو 2008 إمكانية تطبيع الحكومة لعلاقتها مع إسرائيل وبحسب البرقية قال: «إذا مضت الأمور بصورة جيّدة مع الولاياتالمتحدة، قد تساعدوننا في تسهيل الأمور مع إسرائيل الحليف الأقرب لكم في المنطقة».. تباطأ عثمان في نفي الخبر أو نشر توضيح بشأنه وسارعت الخارجية الخميس الماضي بنفيه على لسان الناطق باسمها العبيد مروح لإحدى الصحف وقال: «لم يسبق لأية حكومة يمين أو يسار ولا منتخبة أو عسكرية منذ استقلال السودان أن سعت أو خططت لإقامة علاقات مع إسرائيل بمختلف اتجاهاتها العقائدية».. في حين فات على المروح أن لقاءات تمت بين إسرائيليين مع مسؤولين بحكومة الراحل جعفر نميري ونتج منها تعاون فيما عرف بعمليات الفلاشا وكذلك تؤكد مصادر حدوث اجتماعات بين إسرائيليين وقيادات حزبية. وكان الأمر مثار الدهشة في حديث الخارجية اعتبارها ما جاء في ويكليكس محاولة لجر السودان لخطوات ليس هو جزء منها.. أوحت بذلك الفهم وكأنما جهات غربية حاولت النيل من الحكومة بقتل شخصية مصطفى رغم أن الأخير ليس بالمسؤول النافذ في الحكومة على الأقل على مستوى العلاقات الخارجية، فبحسب مصدر لم يلتقِ عثمان بالمسؤولين الأمريكان الذين زاروا الخرطوم في السنوات الثلاث الماضية وعلى رأسهم المبعوثين السابق الجنرال سكوت غرايشن وخلفه برينستون ليمان ربما للترتيبات التي وضعها مستشار الرئيس د. غازي صلاح الدين التي حدت كثيرًا من تغوّل بعض المسؤولين على بعض الملفات الخارجية وأكمل وزير الخارجية علي كرتي مهمة غازي حيث سيطر تمامًا على مقاليد الأمور الخاصة بوزارته!! وما تبقى من تفعيل العمل الخارجي تولاه مدير الأمن والمخابرات المهندس محمد عطا بينما نشط مصطفى مع قطاع الطلاب. ومن ثم يبدو السؤال الغارق في بحر المنطق.. لماذا مصطفى؟؟ خاصة أنه أيضاً ليس من المفاوضين الأساسيين مع حكومة الجنوب مثل د. نافع علي نافع الذي وقّع اتفاقاً مع الحركة بأديس أبابا رفضه حزبه جعلت الرجل يتحلى بشجاعة فائقة قلما تتوافر في مسؤول معلنًا التزامه بقرار قبر الاتفاق.. وكان الكاتب الصحفي المرموق الصادق الرزيقي لفت الانتباه عبر زاويته الراتبة ب «الإنتباهة» إلى أن بعض المسؤولين يصيبهم نوع غريب من سوء التقدير وحسن الظن في الأجانب فيتبرعون لهم بما لديهم من آراء خاصة لا يفرقون فيها بين سياسة الدولة المعلنة والآراء الشخصية الناجمة من فهم خاص أو خاطرة لا علاقة لها بالدولة. ونستحضر أيضًا تضارب تصريحات المسؤولين ذلك الفخ الذي وقع فيه إسماعيل ذات مرة بطريقة شبيهة بالخطأ الذي ارتكبه مدافع الهلال سيف مساوي في مباراة فريقه مع أنيمبا النيجيري في دوري أبطال إفريقيا.. إذ أعلن مصطفى رفضهم جملة وتفصيلا للإستراتيجية الأمريكية التي صدرت تجاه السودان قبل سنوات قلائل في وقت أعلن غازي العتباني في تصريحات بالبرلمان عزمهم دراسة الإستراتيجية أولاً ومن ثم التعليق عليها، وبهذه المناسبة يشكو المؤتمر الوطني مر الشكوى من ركض قياداته في مضمار التصريحات ولعبهم على كل الألعاب على المضمار في حين أن قاعدة رياضة ألعاب القوى تؤكد أن لكل نوع من أنواع السباقات لاعب بعينه فصاحب العدو في الماراثون ليس هو لاعب المسافات القصيرة وذات الأمر ينحسب على المسؤوليين ومن ثم وزن تصريحاتهم ومدى تأثيرها على سياسات الدولة حتى إن الوطنى اعتزم ذات مرة بتمرير قائمة لوسائل الإعلام تحوي أسماء محددة مخول لها الإدلاء بتصريحات. وتبرأ بعض الإسلاميين من ما جاء بويكليكس بشأن مصطفى وقالوا ل «الإنتباهة» إن هو قال ذلك فهو شأن يخصه ولعل ذلك الشأن الخاص شبيهًا بتبني صحيفة يومية لترشيح مصطفى لمنصب الأمين العام للجامعة العربية في حين أن الحكومة لم تعلن رسميًا ما يفيد بذلك مما حدا بالكاتب الصحفي بالزميلة الأحداث مصطفى البطل بالتعليق على الأمر وقد كتب: «أن الغاشي والماشي في حوش الحركة الإسلامية يعرف أن مصطفى عثمان لم يرفع في سبيل الحركة سيفًا ولا مدفعًا في يوم من الأيام مثل د. غازي صلاح الدين ولا دق في تثبيت بنيانها حجر دغش».. ومهما يكن من أمر هل بالفعل استهدفت ويكليكس مصطفى ولماذا؟..