المشكلات والأزمات الناشبة في بعض مناطق السودان والتي تستعصي على الحكومة في كثير من جوانبها تلقي عبئًا من جانب آخر على منظمات المجتمع المدني التي تعول عليها الحكومة قبل المواطن في الإسهام في حلحلة تلك المشكلات ولعل ذاك هو الباب الذي طرقت عليه مؤسسة سند الخيرية وهي تقيم منتداها الشهري أمس بعنوان «دور منظمات المجتمع المدني في فض النزاعات وبناء السلام»، وأشارت من خلاله مديرة سند سامية محمد عثمان إلى أن السلام هو المدخل الحقيقي للاستقرار والتنمية في السودان، وأشارت لمبادرة سند لبناء السلام والتي تهدف بشكل عام إلى وضع رؤية متكاملة تسهم في بناء السلام وتحقيق الاستقرار والتنمية بشكل مستدام من خلال عدة أهداف فرعية ممثلة في البحث في أسباب تجدد النزاعات وإيجاد الحلول العملية والعلمية لها والاستفادة من الدراسات والبحوث المعدة في هذا الشأن ونشر ثقافة السلام وقبول الآخر ونشر ثقافة المواطنة وحب الوطن وتحقيق السلم الاجتماعي وتوطيد مبدأ سودنة العمل الطوعي. بينما اعتبر الخبير بمركز دراسات الهجرة د. خالد لورد أن السلام يقوم على ثلاثة أركان رئيسة وهي عملية صناعته وحفظه وبنائه، وأشار إلى أن السلام يبدأ بالتصالح مع الذات في المقام الأول ولكنه أقر بعدة تحديات تجابه عملية السلام حصرها في انفراد بعض المجموعات بالمنظمات وعدم إتاحة الفرصة للآخرين بجانب خروج مجموعات من النزاعات تحمل مخلفات الحرب وتكون بذلك عبئًا على العملية السلمية، بينما بدأ الوزير د. مصطفى عثمان حديثه مقترحًا البدء بمنع النزاع ثم احتوائه قبل صنع السلام، وأكد أن كل هذه المسارات نجد فيها أدوارًا لمنظمات المجتمع المدني، ودعا لضرورة العمل بمسألة الإنذار المبكر لمنع النزاع، وجزم بأنه لو تم العمل بذلك لتم تجنب مشكلة دارفور التي وصفها بالمشكل البيئي بالإشارة لنزاع الرعاة والمزارعين، ولم يغفل وجود مشاكلات أخرى بدارفور، وشدَّد على أهمية احتواء النزاعات حال وقوعها كونها تمتد، واستدل بانتقال مشكلة دارفور إلى أجزاء داخل دارفور نفسها ومن ثم إلى تشاد وإفريقيا الوسطى مما جعل الأممالمتحدة وأمريكا تتخذها ذريعة ومن ثم تدويلها.. وقال إن محاصرة النزاع ستمنع مظهرين هما اللجوء والنزوح، وأقر بعدم حرصهم على احتواء النزاع بالصورة المطلوبة. ولفت مصطفى عثمان الانتباه لأهمية الجودية كمنهج يخفف حدة التوترات ورأى أن المنظمات يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في عملية السلام من خلال مراقبة تنفيذ آليات السلام، وامتدح همة ونشاط منظمات المجتمع المدني في شرق السودان في المساهمة في عملية السلام في شرق السودان، مؤكدًا أن الحكومة وحدها لا تستطيع أن تقوم بكل حلقات عملية السلام مشيرًا إلى أن السودان بتركيبته وثقافته وجوديته يشكل نموذجًا حيًا لحفظ السلام، وقال عثمان: ليس لدينا شُح في المنظمات بل في الكوادر التي تديرها، منوهًا بأهمية الاهتمام بالتدريب، وتطرق إلى أن رد الفعل بالنسبة للغرب الأوربي والأمريكي للنزاع بتحويله إلى بغي وعدوان. أما الوزيرة بحكومة جنوب دارفور بثينة محمد أحمد فأكدت أن منظمات المجتمع المدني بإمكانها إحداث اختراق كبير في جدار السلام، وطالبت بعدم إغفال دور الإدارة الأهلية، واقترحت وضع برنامج وقائي لدرء حدوث النزاعات.