الهجرة تلك الظاهرة التي اكتسحت العالم لتصبح ظاهرة كونية وتتحقق الغربة لعدة دوافع وتختلف من فرد لآخر ويكون العامل النفسي فيها هو الأساس وقد يصل المغترب قبل غربته الى حالة نفسية سيئة ويكون ليس لديه حل غير الغربة وقد تكون لدوافع اقتصادية تصحبها دوافع سياسية واخرى اجتماعية واخرى من اجل التعليم ولهذا تختلف هذه الدوافع ولكن يكون الهدف منه الغربة عن الوطن.. استطلعنا عددًا من المغتربين عن دوافعهم وراء غربتهم فكانت لتلك الأسباب: محمد ادريس «مغترب» في المملكة العربية السعودية تبوك ارجع اسباب ودافع غربته الى خلاف في مهنته بعد دخوله في صدام مع رئيسه قال: بصراحة كنت مستاء الى الآن من تلك المواقف، وقال ان الغربة اكبر معاناة لكن الانسان يتحامل على نفسه من اجل ان يصنع مستقبلاً افضل ويصبح اقوى، وبالرغم من هذه المعاناة فان الامور تمضي بخير، واضاف: اكتسبت خبرة من خلال عملي الادارى لأننا نتعامل مع مختلف الجنسيات. اما الدكتور زكي محمد كرار «مغترب له تسع سنوات بالرياض» فيجزم ان غربته كانت من اجل تلبية متطلبات الحياة اليومية ومزيد من تطوير الذات والحصول على كم متنوع من الخبرات في مختلف مناحي الحياة.. ويتفق معه عيسى آدم مقيم بدولة الامارات العربية «دبي» ويقول ان الهجرة تعني له تحسين الوضع الاسري لذلك اغترب عن الوطن في أواخر الثمانينيات الى سلطنة عمان ومنها في أواخر التسعينيات الى دولة الامارات العربية المتحدة والآن مقيم بدبي. اما مجدي الحاج المقيم بالرياض فأضاف قائلاً: ان الدافع الأساسي من وراء هجرتي تحسين الوضع المادي وتأسيس بيت بسيط في اي مكان من السودان وتوفير «شيلة» العرس قبل ان تخطف البنت اللي كنت اخطبها، لكن للأسف الشديد لم اتزوج تلك البنت وامتدت غربتي لسنوات عديدة وحتى الآن. اما ابن الوليد علي حسين مغترب بالمنطقة الشرقية فنظرته للغربة تختلف عن الآخرين، ويؤكد انه هاجر من اجل التعليم العالي وليس لدوافع مادية لكنها تواصلت، وفي الحقيقة انا كنت اعمل في شركة نفطية في وضع مريح جدًا لكن كانت لي رغبة كبيرة للدراسات العليا خصوصًا اني كنت اول الدفعة وكان يجب ان اعمل مساعد تدريس حسب نظم ولوائح الجامعة ولكن لم يكن للجامعة ميزانية حتى لاستقطاب اول الدفعة ولا توجد فرص للدراسات العليا وكان لابد لي ان ابحث عن مصادر اخرى لمواصلة دراستي لذلك بدأت رحلتي للماجستير في السعودية ثم درست الدكتوراه في جامعت البرتا بكندا وهذا ساعدني لمواصلة الغربة ومن الدوافع ايضًا كنت ارغب في ان اتطور مهنيًا وتنمية قدراتي وقد اتاحت لي السعودية تلك الفرصة حيث ان الجامعة توفر ميزانية تفوق 100 مليون ريال للبحث العلمي... وفي السياق اكد الخبير الاجتماعي الاستاذ فيصل محمد انه يمكن تلخيص عوامل الغربة في الدوافع الاقتصادية التي تتمثل في الفقر وضيق الفرصة في اسواق العمل والتمايز، اما الدوافع السياسية فيدخل في اطارها القهر السياسي والإضرابات والعنف القبلي والاثني اما الدوافع النفسية والاجتماعية والثقافية فتمثلها الرغبة في التماثل واقتناء النماذج بالنسبة للمهاجرين المحتملين وذلك من خلال رغبتهم في اقتفاء آثار من سبقوهم واعادة انتاج التجارب مع تنامي الإحباط الذي يواجهونه ببلدانهم الأصلية الامر الذي ينتج عنه واقع مواز يعيش فيه الفرد وتغذيه احلام الهجرة من خلال الوسائط الاعلامية المختلفة والتي اصبحت متاحة حتى في اكثر المناطق فقرًا وقد يجد فيه الفرد القبول الاجتماعي وتغيب عنه المرجعيات الاثنية والعرقية وايضًا ضعف سطوة القانون وسيطرة القبلية على حساب الهوية القومية وما يصاحب ذلك من انعدام العدالة والتوظيف وتوزيع الثروات مما يفرز ويفتح المجال واسعا امام بروز ثقافة جمعية طاردة وهنالك الدوافع البيئية حيث تمثل البئية احد اهم العوامل الطاردة والجاذبة في ذات الوقت باعتبار ان البيئة وعلى مر التاريخ كان لها دور اساسي في نشأة وزوال العديد من الحضارات تختلف الدوافع لكن تبقى الهجرة هي الحل الأكبر لمعالجة تلك الأسباب.