شكاوى مُرّة نطقت بها أفواه كثيرة، وشعور بغصّة في الحلق يلازم مجموعات كبيرة من قيادات ورموز الحركة الإسلامية في كل ولايات السودان، كلها تتحدث عن الإقصاء وقلة الوفاء والتسلُّق الذي شهدته المؤتمرات القطاعية والولائية التي تجاوزت الرموز والآباء المؤسسين لقياداتها الفاعلة في أصقاع السودان المختلفة. ولا يختلف اثنان أن ما لازم هذه المؤتمرات من تجاوز وطريقة التحضيرات والإعداد لهذه المؤتمرات، لم تشهده الحركة الإسلامية في تاريخها منذ أول مؤتمر لها عام 1954م، وهناك حالة عامة من الاستغراب لما يحدث من تهميش لأدوار وجهاد عدد من القيادات التاريخية، وهنا لا نتحدث عن الإسلاميين في المؤتمر الشعبي، لكن عن مَن هم داخل المؤتمر الوطني، فمَن مِن الناس يمكن أن يصدِّق أن وجوهاً معروفة لها تاريخ وسبق، لم تتم دعوتها لحضور أي مستوى من المستويات ولم يتم تصعيدها من المؤتمرات القاعدية في الأحياء والمحليات حتى الولايات... والأغرب أن لا يتم حتى دعوتها لحضور مؤتمرات الولايات. بين هؤلاء الذين تم تجاوزهم قيادات ورموز تاريخية وكوادر عملت في مواقع مفصلية في كل مجالات ونشاطات الحركة الإسلامية على مر تاريخها عاصروا أيام العسرة والابتلاء والامتحان ودخلوا السجون وفارقوا أعز إخوانهم وما زالوا ينتظرون وما بدّلوا تبديلاً. وأكثر ما يحزن ويحزُّ في النفس ونذكره هنا كمثال فقط، ما حدث في مؤتمر الحركة الإسلامية في الفاشر بشمال دارفور، هل يصدِّق الناسُ ممن يعرفون الحركة الإسلامية وتاريخها ورجالها، أن يتم تجاوز شيخَ الحركة ورمزَها في شمال دارفور، الأستاذ جبريل عبد الله ويتم تجاهل الأستاذ محمد عثمان الخضر الذي كانت تقام الأسر واللقاءات والاجتماعات في بيته وكان أمير الحركة لفترة طويلة، والنور محمد إبراهيم، وبدر عبد الماجد مختار ومالك أب سم الذي صرف كل أموال أسرته وإخوانه من أجل الحركة الإسلامية وكانت كل قيادات الحركة القادمة من الخرطوم تنزل في منزله منذ ستينيات القرن الماضي وإبراهيم فوزي ومكي نصر وهو من الرعيل الأول في الحركة.. وإبراهيم محمد سليمان؟ لقد ملأ الطلقاء كل الأمكنة والساحات، وظهرت وجوه لا يعرفها أحد، حتى الوالي عثمان كبر الذي تم التجديد له أميناً وعدد من الذين معه في قيادة الحركة الإسلامية الحالية هناك، لم يُعرفوا طوال تاريخ الحركة الإسلامية بأنهم أعضاء فيها ولم يعاصرهم أيٌّ من رموز وشباب الحركة، ولم يعملوا في أي مكتب من مكاتبها ولم يعيشوا أيام محنتها واستضعافها.!! هذا هو الواقع في كل الولايات ومنها ولاية الخرطوم، وسيحدث في المؤتمر العام الثامن، لقد تسلّق الحركة من تسلّق وامتطى سرجها كل راكب ..!! ولم تعد هي الحركة الإسلامية التي نعرفها بدقة تصنيفها وجودة وصحة معلوماتها ونباهة مراجعاتها وتمحيصها ومعرفتها الدقيقة بكوادرها وقوة تنظيمها وحصانتها من الاختراق. هذا من ناحية التجاوز والتجاهل والتهميش، أما القضية الأهم حول وضع الحركة وعلاقتها بالدولة والمؤتمر الوطني ودورها المنوط بها في قيادة المجتمع وتحقيق مقاصد الدين وغياب الشورى داخلها، ودستورها وقيادتها المرتقبة وفاعليتها، فهناك آراء كثيرة حول كل هذه الشؤون والأقضية وترتفع الآن أصوات احتجاج ونقد عنيف في أوساطها، فهذه قضية لازمة النظر، ولابد من تحرير نقاشات وحوارات عميقة حولها قبل أن تذهب الريح ونفقد البريق ونصحو ذات صباح أن الحركة نفسها إما مختطَفة أو موءودة. فالتاريخ لا يرحم، فما يحدث يجب مراجعته اليوم قبل الغد، قبل أن يضيع تاريخ الحركة تحت أرجل المتزاحمين ويضيع المستقبل منها للأبد، بعد أن فقدت عافيتها التنظيمية واستصغرت شأن كبارها واستنسرت في أرضها بغاث الطير. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.