بالقانون ما يُعرف بالتحكيم وهو أن يحكِّم متخاصمون شخصاً أو آخر للحكم فيما بينهم من نزاع، بمعنى أن يمنح المتخاصمون المحكِّم أو المحكمين ولاية للحكم أو القضاء في ما هم متنازعون فيه، والتحكيم في فقه القانون بمثابة تنازل كامل من حق المواطن في اللجوء إلى المحاكم واختيار برضاء تام وإرادة حرة للتحكيم دون المحكمة المختصة بفض النزاع، وذلك وفقًا لما جاء بالموسوعة السودانية للأحكام والسوابق القضائية، والمعلوم بالضرورة أن هيئات التحكيم تعمل وفق أسس ولوائح ونظم معروفة لا لبس فيها ولا مغالاة ولا شبهات ولا فساد وتعمل بنزاهة للتوفيق بين الأطراف المتنازعة. أسوق هذا الحديث بعد تناولنا في مقال سابق لهيئة التحكيم التي أُقيمت لفض نزاع بين شركة جياد للصناعات المعدنية وبعض رجال الأعمال، وأشرنا لوضع اللجنة حوالى ثمانية مليارات و«750» مليون جنيه نظير أتعابها وباللجنة التي يرأسها الدكتور إسماعيل الحاج موسى مستشار جياد الأستاذ شاكر أحمد عبد الجابر. فشركة جياد بلا شك تعتبر من الصروح الاقتصادية التي يجب النظر إليها بعين وعملاً بمبدأ تحقيق العدالة والموضوعية فإن أي مصلحة خاصة تتعارض مع القوانين والنظم المتعارف عليها في المجتمع وتؤدي لمكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة هي مفسدة وإن أخطر أبواب الفساد هو ذلك المغلف بغطاء إداري وقانوني وماوصلت إليه شركة جياد من تطور وما زرعته من آمال في نفوس الشعب السوداني هو كافٍ لأن يدفعنا بقوة لندافع عنها ضد أيّ تعدٍ عليها سواء من خارجها أو من داخلها.. وإن التعدي من الداخل هو الأخطر «فهو أعلم بالمضرة» لذلك اسمحوا لي أن أطرح بعض الأسئلة وبكل شفافية: هل تدري وزارة العدل أن المستشار القانوني للشركة المذكورة.. قد جاء من خارج منظومتها من المستشارين؟.. أم أنه يكفي أنه كان في منظومة مستشاريها يوماً ما؟ وهل قوانين وزارة العدل ولوائحها تسمح لمحامٍ مستقل ليكون مستشاراً لمجموعة كبيرة من الشركات الحكومية بهذا الحجم؟ وما هي الضمانات التي تتوفر في إدارة محامٍ لعمل حكومي من مكتبه الخاص؟ ..أم أن جياد ليست شركة حكومية؟.. أليس من حق أي مواطن أن يسأل هذا السؤال؟، ما ورد من معلومات فإن المحامي المذكور مستشار لأكثر من خمسين شركة حكومية.. والسؤال لوزارة العمل أليس في ذلك تعدٍ على حقوق آخرين ممن لهم حق التوظيف من أهل القانون؟ وهل طاقته المحدودة وإن عظمت تمكنه من أداء دور بهذا الحجم؟ ونسأل نقابة المحامين والجهات المسؤولة عن الإشراف على المحامين.. هل تمثيل مكتب محاماة لأكثر من مصلحة واحدة.. بل لمصالح متضاربة في قضية واحدة هل يتماشى مع أخلاقيات مهنة المحاماة التي هي رقيب عليها؟. أفق قبل الأخير لمن يحاول الوصول بظهر الجياد ويجد ما يبرر لنفسه به أن يحملها ما لا تطيق أليس الحلال بيِّن.. والحرام بيّن. أفق أخير فيم يتنازع رجال الأعمال إن كان نظر قضيتهم «8» مليارات؟