في محطة بيزنطة كانت الساعة وقتها تشير إلى العاشرة صباحًا، وأنا داخل مدينة (الصحافة)، وأولى محطاتي شارع جعفر إشيقر، لفت انتباهي العم عبد القيوم الذي يجلس أمام منزله، في ظل الصباح لتفريج همومه والتفكير والتأمل في معاشه الذي لا يقضي له شيئًا، جلست بجواره وصاح في جيرانه، احلولت الجلسة بالحكايات الجميلة أيام زمان، قال عبد القيوم: كانت الخطة الإسكانية من زمن الشريف الهندي، وكانت وقتها دعاية لأحزاب لانتخابات، وكان التوزيع بالقرعة بواسطة شيوخ السجانة، واستقررنا وشاركنا في ثورة مايو وأغلبنا شوايقة وضناقلة واتحاديون، ومن العم (عبد القيوم) إلى محطة (بيزنطة)، وهي من المحطات المعروفة من سنة (68)، كانت تجمع كل رجال الحي السياسيين والرياضيين للتشاور، وجاء الاسم على الجدل (البيزنطي)، وهناك التقينا بشاب (أمجد السر) وهو من الصحفيين القدامى اعتزل الصحافة وتوجَّه إلى التجارة ومعه شقيقته رنوية وصاحب العربة الهايص صافي وبابكر وأشرف، وهنالك حركة من نساء الحي في التجوال لبقالات، وأخريات يعملن في نظافة الشوارع، وهناك كارو اللبن الذي يتجول بين الأحياء، وصاحب الخردة يصيح: (خرد.. خرد..) وصاحب الخضار يصيح (بصل ...) وكأنها قرية داخل مدينة لطيبة سكانها، إنها مدينة الصحافة وهي تنقسم إلى قسمين «الصحافة شرق» و« الصحافة غرب). مع الصحفي إسماعيل حسن الصحفي الرياضي إسماعيل حسن غنيٌّ عن التعريف، وهو من نجوم الصحافة الساطعين، تولى منصب رئيس تحرير ورئيسًا لأقسام الصحف الرياضية، جاءت تسميته على إسماعيل الأزهري، وهو من قدامى منطقة الصحافة، جلست إليه (الإنتباهة) بمنزله مربع (24) بالصحافة فقال: أُنشئت في عام (68) وكانت وقتها أشبه بقرية ولا يوجد بها ماء ولا إنارة، وكان سكانها بسيطين ومندمجين لأنهم أتوا من أحياء شعبية، وهي القوز والسجانة والحلة الجديدة والديوم الشرقية، وكانوا مواطنين بسيطين في حياتهم وطريقة تعاملهم وترابطهم مثل القرية، وأضاف: جاءت تسمية الصحافة على جريدة الصحافة، وقتها تبنَّى الصحفي المرحوم سيد أحمد خليفة قضيتهم ولاحق لهم الحكومة من أجل وضع الخطة الإسكانية، لذلك أطلق عليها مواطنوها (الصحافة) على اسم جريدة (الصحافة) ورئيس تحريرها الأستاذ عبد الرحمن مختار، وكبُرت وتنامت وأصبحت مدينة بطابع قرية، وأضاف: أغلب سكانها شوايقة وضناقلة وهنالك توالف بينهم، وغلب عليهم الطابع الديمقراطي نسبة للانتماء القبلي، وقال: ما يميِّز الصحافة التخطيط وأرقام الشوارع وأغلب سكانها موظفون. جلسة الجبنة الحاجة عرفة علي من النساء القائدات في الصحافة، كانت (الإنتباهة) في منزلها، ابتدرت حديثها قائلة: زمان لا يوجد ماء وكانت هنالك ماسورة واحدة جوار المجلس التشريعي، كانت الصفيحة بريال والجركانة بقرش، وكنت وقتها بائعة في دكان زوجي في المدة الصباحية لأنه في العمل، وكانت نساء الحي يتجمعنَ معي في الدكان وننظِّف الخضار معًا، وأضافت: نحن متضامنون منذ أن استقررنا في الحي إلى اليوم، ولدينا جمعيات للمناسبات، ولدينا جلسة جبنة كل أسبوع مع واحدة، وندفع عشرة جنيهات في الجلسة للصندوق، ولدينا عادة إذا توفي شخص في الحي نحن النساء نقوم بضيافة اليوم الأول من الصندوق، وهنالك تلاوة، ولنا زاوية خاصة بنا. نجوم الصحافة قدَّمت الصحافة الكثير من النجوم الرياضية والثقافيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة.. فمن اللاعبين حامد بريمة، وعلي العوني، والتاج محجوب، وسعد زكريا، وعثمان محجوب، وفتح الله إبراهيم، وهاشم عز الدين، وعبد المجيد منصور، وإسماعيل عطا المنان، ومن الفنيين خالد الصحافة، وجلال الصحافة، وفيصل وعبد المنعم الخالدي، ويوسف الموصلي، ومن المذيعين محمد جمال الدين من (تلفزيون السودان)، وأكرم محمد عبد الله من (قناة الشروق). الوزراء و(المال) و(الدين النصيحة) من أبرز سكانها عبد المجيد منصور من (بنك السودان)، والرشيد حسن كوكو (صاحب السفور)، وإبراهيم محمد الحسن (مدير زين)، وتوجد الوزيرة السابقة سناء حمد، ووزير الإعلام كمال عبيد، ومحافظ جبل أولياء، ومن رجال الدين محمد أحمد حسن، ورئيس القضاء جلال علي لطفي. والفنان خالد الصحافة والفنان جلال الصحافة المعالم البارزة والمحطات من الأشياء التي ساعدت على انتشار ومعرفة (الصحافة)، المرافق الخدمية العامة التي تحدُّها من كل جانب، وهي الميناء البري، والسوق المحلي، وديوان الزكاة، ومستشفى الحكمة، ودائرة الأجانب، وقناة طيبة، ومن محطاتها محطة الماسورة، محطة سبعة، وكانت وقتها آخر محطة للمواصلات، ومحطة الدكان والقدس والطرمبة. من الطرائف والأحداث حدَّثنا صحفي رياضي عن طرفة رئيس اتحاد الصحفيين د. محيي الدين تيتاوي عندما كانوا يلعبون كرة القدم في الزمان الماضي في ميدان الصحافة قال: كان تيتاوي وقتها حاد الطِّباع، وكانت قدماه قويتين، شات الكرة بقوة، وقفزت الشبكة وعبرت ثلاثة مربعات، وقتها أرجعنا الكرة بعجلة دراجة إلى الميدان، وأصبح موضوعنا الطريف إلى الآن، وفي ذات السياق قال المواطن أمجد جلال عن أشهر الأحداث التي شهدتها الصحافة، هي أيام الانتخابات في عهد الديمقراطية الثالثة، قال: وقتها كان الترابي وشبو نازلين في الدائرة، وأهل الصحافة فوَّزوا شبو وأسقطوا الترابي، فاز (شبو) ب (12) ألف صوت ونال الترابي (10) ألف صوت وهذا ما جعل سكان الصحافة يقولون إن الحكومة غاضبة عليهم، وشارع ظلط الصحافة من زمن الإنجليز، قلت له: لماذا أسقطوا الترابي؟ فرد لأنهم (ما عندهم راس). الصيدليات والمدارس والنوادي والمساجد بها (13) مدرسة و(9) مساجد و(2) زاوية وبها (8) نوادٍ وبسط أمن وبها (32) ميدانًا و(10) صيدليات وبها (16) عمارة و(5275) منزلاً. حملة نمر هنالك حملات نظافة شاملة لترقية البيئة ودورات أمن المجتمع برعاية السيد عمر نمر معتمد محلية الخرطوم، وتم اختيار مربعات (15) و(25) و(31) كمربعات نموذجية للنظافة، وتم تعيين مشرفات للمتابعة.