حوار: فتحية موسى السيد تصوير: خديجة صقر البرزن حذَّر خبير القانون الدولي د: شيخ الدين شدو من مغبة التفاوض مع قطاع الشمال بعد انفصال الجنوب مستندًا في ذلك إلى قانون الأحزاب الذي يمنع ممارسة اي نشاط سياسي في دولة أجنبية، وقال في حوار أجرته معه «الإنتباهة» إن القانون الدولي يمنع ذلك لأنه يمس سيادة الدولة، مبيناً العواقب المترتبة على استمرار الحركة الشعبية في التمسك بعدم فك الارتباط الذي يتعلق بأمن الدولة وخطورة الفرقتين التاسعة والعاشرة على الأمن السوداني ومخاطر بقائها في جنوب كردوفان والنيل الازرق وما سيترتب عليه من مشكلات أمنية مشيرًا إلى الهجوم الاخير على منطقة «مفو»، وحذر شدو من خطورة البند السابع الذى يخول لمجلس الامن الدولي التدخل بالقوة العسكرية برًا وبحرًا وجوًا فى حالة فشل الدولتين في التوصل لاتفاق شامل، منوهًا باستعجال الحكومة اجراء الاستفتاء قبل حلحلة القضايا العالقة التى قال انها اصبحت حجر عثرة حتى الآن، وأشار إلى جملة من الآراء القانونية فى جملة القضايا والموضوعات المتعلقة بين السودان وجنوبه فإلى اهم الإفادات التى وردت فى سياق الحوار: بداية د. شدو ماهو رأي القانون الدولي حول شرعية التفاوض مع قطاع الشمال؟ قطاع الشمال بعد انفصال الجنوب وبعد أن اصبح دولة مستقلة ذات سيادة والحركة الشعبية صارت حزبًا قائمًا بذاته داخل دولة الجنوب فلا معنى له، اما شمال السودان وباحزابه المختلفة فيخضع لمسجل قانون الاحزاب بالتالي قطاع الشمال بوضعيته الحالية لا يمكن الاعتراف به كحزب باعتباره حزبًا تابعًا لدولة اجنبية الا فى حالة تغيبر هذا الاسم. اما من ناحية قانونية فلا يُسمح ابدًا لاى اجنبى ولا يحق له ممارسة أي عمل او نشاط سياسى داخل دولة السودان، وقانون تسجيل الاحزاب ايضًا يمنع ذلك البتة، هذه المسألة تُسيء وتمس سيادة السودان، ومن حق الحكومة منع او الاعتراف بوجود اى حزب اجنبى يكون له فرع داخل او نشاط في السودان. مقاطعة: بم تفسر اصرار الحركة الشعبية على عدم فك الارتباط؟ أولا مسألة فك الارتباط مصطلح «حربائى» يخضع الى تفسيرات كثيرة جدًا بمعنى انفصال الحركة الشعبية عسكريًا من قطاع الشمال ويكون القطاع فى حزب وليس فى حركة مسلحة، بالتالي فك الارتباط شرط ضروري واساسي للتفاوض والسلطة فقط هي التي تملك الحق السيادي في الدخول معهم في حوار او غيره.. اما الفرقة التاسعة والعاشرة فشأن عسكرى يتعلق بأمن الدولة. فضلاً عن ذلك مساعي امبيكي يشترط ارتباط التفاوض الوثيق بعدم وجود حركات مسلحة تتدخل فى المشكلات السودانية اضافة الى فك الارتباط من الفرقتين ودعم الحركات المسلحة اضافة الى ايواء المعارضة السودانية.. جملة هذه الاشياء اذا ما تم الالتزام بها فقط يمكن التعاون بين الدولتين بما فيه البترول والمسائل الأخرى. اذاً كيف تفسر تناقض دولة الجنوب باعتداء الحركة الشعبية الأخير على منطقة «مفو» بجنوب النيل الازرق؟ وفى الوقت نفسه هناك اتفاقية مبرمة مازالت قيد التنفيذ؟ حتماً هذه الخطوة تقود الى انهيار التفاوض، والخطأ يكمن فى سياسة الحكومة، وذكرته مراراً لأن الحكومة وقبل اجراء حق تقرير المصير ينبغى ان تُحل كل القضايا العالقة فى الحدود مثلاً الحل تم فى 80% منه اما 20% لم تُحل حتى الآن واصبحت قنابل موقوتة.. اضافة الى مياه النيل والديون والخارجية يجب حسم كل الملفات العالقة، بعدها تأتى مسألة تقرير المصير وبالتالي اى اعتداء على السودان الشمالى من دولة الجنوب يعتبر اعتداء اجنبيًا ومرفوضًا من القانون الدولي وبموجب المادة 51 من ميثاق الاممالمتحدة على السودان الدفاع عن نفسه والاحتفاظ بحق الرد على الحركة الشعبية. اذاً كيف تنظر الى مستقبل التعاون المشترك بين الدولتين فى ظل الظروف الراهنة؟ مستقبل الاتفاق مرهون بالتزام كل من الطرفين اللذين نلتمس عدم الجدية منهما لأن التفاوض الثنائى بين الحركة الشعبية السلطة الحاكمة التى لا تمثل كل الجنوب اضافة الى ذلك انهم ليسا على قلب رجل واحد. وبالمقابل نجد المؤتمر الوطنى لا يمثل الشمال وايضًا ليس على قلب رجل واحد وليس الحزب الذى يعبر عن تطلعات الشعب السودانى، وهذه المسائل تخضع الى معايير دقيقة جدًا وعلى سبيل التعاون يجب مراعاة كل من الدولتين انهما دولتان مستقلتان وكل منهما ذات سيادة والتعاون المشترك لا يأتى الا عن طريق تنازلات معينة ويبدأ بسقف كبير ويقل تدريجياً الى سقف اقل، ونجد الشمال مد حبال الصبر وسعى الى تذليل كل العقبات التى من شأنها ازالة التوترات بين الدولتين وحكومتنا دائماً المُبادرة وهذا ما شجع الجنوبيين على التمادي، واذا نظرنا نجد هذه المسألة لها جانبين أحدهما سلبي والآخر ايجابي.. السلبى فى الامر هو حُسن النية اما الايجابى فهو الرغبة فى حلحلة المشكلات واستتباب الامن والسلام، واتفاقية نيفاشا جاءت بخسارة وفقدان جزء من ارض السودان ارتضينا الامر حقناً للدماء لكن الواضح ان نيفاشا جاءت بنتيجة عكسية اولاً الدماء لم تُحقن حتى الآن اضافة الى خسارة اراضينا. والمؤسف حقًا ان الجنوبيين حتى الآن لم يقدروا حجم تضحيات الشمال. د. شدو: من خلال مراقبة سير المفاوضات هناك مُلاحظة وهي التحيز الواضح للوسيط المشترك بين الدولتين؟ الوسيط او الاتحاد الافريقى اصلاً نشأ عام 68 وفى عام 62 تم استقلال 15 دولة افريقية هذا الذي شجع الاتحاد الافريقى التمتع بعضوية 52 دولة افريقية وفلسفة الاتحاد تكمن فى حل النزاعات والاممالمتحدة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية وكان هدفها الاساسى استتباب السلم والامن الدوليين طالما هناك منظمات جغرافية واقليمية فلا بد انها قادرة وراغبة فى حل المشكلات داخل القارة الافريقية، اتجاه الانحياز لربما تحدث لاسباب عرقية عنصرية وايدولوجية عقائدية لكنها فى الاساس لا ينبغى وجودها ولا تقبل العزف على هذه الوتيرة من الوسيط وثامبو امبيكى بوصفه السابق رئيس جنوب افريقيا ومشهود له الكفاءة والحنكة ونجد فن المفاوضات يعتمد على اعتدال الخطاب السياسى من الجانبين والوسيط لا يقرر يكمن دوره فى تقارب وجهات النظر وتقديم وتقرير دورى محايد للامم المتحدة بموجب القرار «2046» موضحًا فيه من المتعسف من الدولتين. مقاطعة: ما هو رأي القانون الدولي في قرار مجلس الامن الدولي «2046» تحت الفصل السابع وتداعيات تطبيقه على السودان؟ عقوبات الفصل السابع فى مجلس الأمن متدرجة تبدأ بالعقوبات الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية خطورة البند السابع فى المادة 42 التى تجوّز لمجلس الامن التدخل بالقوة الجبرية عسكريا براً جواً بحراً فى حالة فشل الدولتين فى التوصل الى اتفاق حينها يتم تنفيذ القرار «2046» وفى الاصل السبب الرئيس فى كل المآلات الراهنة هو تدويل المشكلة السودانية الى مجلس الامن بدلاً من الحل محلياً والآن خرجت الامور من بين ايدينا مثل مشكلات كثيرة منها ابيي وهذا ما يمس سيادة دولتنا. برأيك ماهي مالآت الوضع فى ابيي؟ ابيي أصبحت قنبلة موقوتة وكما اسلفت فى بداية الحديث وان لم يتم التعاطى معها بالطريقة الصحيحة والمشكلات التى نحن الآن بصددها سببها عدم حل القضايا العالقة قبل موعد الاستفتاء، ونجد العلاقة بين المسيرسة ودينكا نوق علاقة تاريخية وتعايش سلمى من عهد الناظر بابو نمر ودينق مجوك ولولا اتفاقية نيفاشا لما شابت تلك العلاقة اى نوع من سوء التفاهم ويجوز ان تكون ابيى منطقة تكاملية او منزوعة السلاح بين المسيرية ودينكا نوك. مقاطعة: اذاً انت ترى ان الحكومة استعجلت الاستفتاء؟ نعم الحكومة استعجلت مسألة الاستفتاء الذي كان ينبغى ان يكون مشروطاً ومرهوناً بحل جملة القضايا العالقة ونحن بدورنا قمنا فى عدة منابر بمُناشدة الحكومة مراراً ان تُرجئ الاستفتاء الى حين التوصل الى حل شامل لجملة المشكلات العالقة، اضافة الى اشراك الحكومة كل القوى السياسية معارضة وشعباً فى الشمال لوضع حل نهائى لمشكلة الجنوب والحرب التى بلغ ضحاياها ارتال من الشهداء ولم يأتِ اكلها حتى الآن وهذا الشيء ضد القانون الدولي. منطقة الميل «14» مازالت تشكل نقطة نزاع بين الدولتين؟ في تقديرى اقحام منطقة «14» وهجليج ومناطق اخرى يعتبر تكتيكًا سياسيًا اكثر من كونه استراتيجية لكن من نوع آخر من قبل المفاوض الجنوبى وضغوط على الحكومة لرفع سقف المفاوضات والتنازل من منطقة مقابل أخرى وهكذا. برأيك هل سترضخ حكومة السودان للضغوط الخارجية وقبول التفاوض مع قطاع الشمال؟ هذا تجريب المجرب، قطاع الشمال حاول بشتى الطرق وبالمراوغة لكن لم تكلل المساعى بالنجاح، وهدفه الواضح اسقاط النظام، وهذا اتى بمردود عكسى بل ساعد فى تطويل عمر النظام وليس اسقاطه، وعلى سبيل المثال عند ضربة هجليج كل اهل السودان وقفوا على قلب رجل واحد معارضة وشعبًا لأن الاعتداء كان يمثل مس سيادة دولة السودان، وكلما اقدموا على خطوة توحد الشعب اكثر.. اضافة الى الحديث عن اسقاط النظام هذا شأن داخلي يخص الشعب السوداني.. الضغوط التى ظلت تمارسها الحركة الشعبية لقبول التفاوض مع قطاع الشمال لم تأتِ بأى نتيجة ايجابية وبرأيي هي تحصيل حاصل فقط. من اى زاوية قرأت توقيع احزاب المعارضة على وثيقة «الفجر الجديد» بكمبالا؟ المعارضة منحت الحكومة فرصة لم تحلم بها لأنهم زجوا اشياء حساسة مثل نظام الحكم وكيفية ادارتها فى ان تكون دولة دينية او علمانية الدولة مما اثار حفيظة الشعب السودانى وهذا مدخل خطير جدًا فى ظل النزعة والصحوة الدينية لدى كل الشعب وهذا ليس له ارتباط بالمؤتمر الوطنى والحديث عن اسقاط النظام لا يتم عبر السلاح والجميع متفق على ذلك خاصة في ظل النظام الدولي الجديد للامم المتحدة بعدم الاعتراف باى تغيير يتم باستعمال القوة العسكرية.. التعديل الديمقراطى يحدث عبر صندوق الاقتراع ماعدا ذلك مرفوض والخطاب السياسى السودانى بين المعارضة والحكومة خطاب غير واقعى وغير صريح وانتهازي.. الشعب السودانى ماثل امام ازمة اقتصادية رهيبة ولا يحتمل ادى الى هجرة الكوادر العلمية. ماهو رأي القانون في متطلبات العلاقة لإنهاء الأزمة بين الشمال والجنوب؟ ينص القانون فى متطلبات العلاقة بين اى دولتين فى حُسن الجوار وعدم التدخل فى شؤون الدولة الاخرى على الجنوب سحب السند من المعارضة وعدم إيواء المتمردين واحترام كل دولة سيادة الاخرى اضافة الى حسن الجوار والتعامل كأى دولتين متجاورتين والتبادل التجارى وهذا هو الوضع الطبيعى والقانون الدولى يمنع ذلك التدخل فى الشأن الدولي. ما هو رأى القانون الدولى فى قرار انضمام مصر للجنائية وماهو اثره على السودان؟ انضمام مصر للجنائية الدولية له تداعياته الخطيرة جدًا على السودان ومصر اذا كانت بالفعل انضمت ووقعت على ميثاق الجنائية فهى ملزمة بتنفيذ قرارات الجنائية الدولية وضمن قرارت الجنائية تسليم الرئيس البشير وقائمة الأسماء الاخرى المُطلوبين للجنائية وفيها بادرة غير مبشرة وفيه عدم الحكمة والسودان الآن يمر بمنحى خطير جدًا فى ان يكون او لا يكون.