عند النظر لقضايا التعليم في إطارها الواسع والعام، نجد أنها إحدى القضايا التي تواجه مستقبلي باب الهجرة والمهاجر السوداني بالخارج، وذلك لارتباطها الموضوعي بالأهداف التي بدأت من أجلها الهجرة، وتبلورت فكرتها حينها بعقول من يقصدونها، فالسعي لتوفير حياة مستقرة اقتصادياً ومستوى تعليمي متطور، يعتبر إحدى الدعامات الأساسية التي تلبي حاجة وتطلعات المغترب، ومن أهم الأهداف التي يرجو تحقيقها من هجرته واغترابه، وعندها تمثل تحدياً لا بد من اجتيازه. ويظن كثير من الناس أن رغد العيش الذي يعيشه أبناء المغتربين يبعدهم عن دائرة المشكلات، والبعض الآخر قد يتهمهم بضعف الحس الوطني عند عودتهم، مما يولد بداخلهم شعور الغربة، فيصطدمون بواقع لم يدر بخلدهم يوماً ما حين يعودون من أجل اتمام الدراسة أو الاستقرار النهائي، مما يجعلهم يهربون إلى وسائل الاتصال الحديثة بوصفها ملاذاً آمناً من جحيم الغربة داخل وخارج الوطن!! إذن من الأهمية بمكان أن نتعرض إلى قضية تعليم أبناء المغتربين بوصفها قضية محورية وملحة تفرضها الظروف التي جعلت آباءهم يلجأون للاغتراب، وتتطلب الوقوف عندها وتشخيصها ومعرفة دائها وكيفية علاجه، خاصة أبناء المغتربين بالمملكة العربية السعودية نسبة لاعدادهم الكبيرة، وخصوصية قوانين المملكة في ما يتعلق بعدم السماح بإنشاء المدارس السودانية التي نجدها نجحت في دول أخرى، وحققت رؤية الدولة في ربط أبناء السودانيين بالخارج بقضايا ومناهج الوطن لتأكيد الهوية والانتماء ورفع الحس الوطني لدى النشء، وانعكاساتها السالبة عليهم بالخارج مما يؤثر على مستقبلهم باعتبار أنه الهدف الرئيس من الاغتراب!! وما يراه المغتربون عند معادلة الشهادات العربية لأبنائهم مع السودانية، بأنه نظام جائر، فيستعصي عليهم أن يتم قبولهم ضمن القبول العام، الأمر الذي يدفعهم إلى الدراسة بالخارج، على الرغم مما يترتب على ذلك من محاذير التي يوازيها ارتفاع نفقات التعليم بالداخل وإلزامية سداد رسومهم بالعملة الصعبة، إضافة إلى المتغيرات الآنية المتعلقة بأوضاع التعليم في دول الاغتراب التي تسير في غير صالح السودانيين، والزيادة المطردة في رسوم قبولهم بالمدارس تشكل ضغطاً اقتصادياً على أولياء الأمور، ويضاف إلى ذلك الضغط النفسي الذي يعانون منه، مما يجعلنا نأمل أن تتم مراجعة السياسات المتعلقة بتعليم أبناء المغتربين، ووضع أطر تحميهم وتحتويهم بوصفهم أبناء للوطن وليسوا غرباء.