أعتذر للقراء الكرام عن الانقطاع فقد شغلنى أمر ترتيب افتتاح مؤسسة رياض ومدارس صناعة القادة كثيرًا وأستعرض فى حلقتين عبر زاوية «ضد الوهن» الأصول العشرين للإمام حسن البنا رحمه الله تعالى مع بعض التعليقات: اولاً: الإسلام نظام شامل... يتناول مظاهر الحياة جميعًا.. فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كماهو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء «هذه رائعة لكن أين أتباعه منها وعضو مكتب الارشاد بالجماعة راشد الغنوشى يتحرج من مجرد ذكر الشريعة فى دستوره!! وأثبتت التجربة أن بعض بنيه رفعوا شعار الإسلام هو الحل من غير امتلاك لتصور تفصيلي يجعل للشعار رجلين يمشي عليهما». ثانيًا: والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم فى تعرف أحكام الإسلام، ويفهم القرآن طبقًا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف، ويرجع فى فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات «وهى المرجعية الفكرية التى ظلننا ندعو إليها فى مشروع الشهود الحضارى والمتعسفون من تلاميذه وأتباعه المأولون للنصوص يملأون الفضائيات تحت دعوى النص له فهم ثم يضيع النص بين دروب الفهوم المتماهية مع الواقع». ثالثًا : وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفها الله فى قلب من يشاء من عباده، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه «تقديم للنص على الكشف والإلهام وهو ما يدَّعيه المنتسبون للصلاح فكيف بخطرفة أدعياء حاكمية العقل من المنتسبين الى جماعة الإخوان وحركة الإخوان يتنازعها تياران تيار مشربه أقرب الى السلفية وآخر تجديدي أقرب الى الليبرالية». رابعًا : والتمائم والرقى والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب، وكل ما كان من هذا الباب منكر تجب محاربته.. «إلا ماكان آية من قرآن أو رقية مأثورة» «هنا تبرأ الإمام البنا من فعل أهل التصوف ورماه بالإنكار رغم تربيتنا الروحية لسعيد حوى ومقولات عمر التلمساني» !!. خامسًا : ورأى الإمام ونائبه فيما لا نص فيه، وفيما يحتمل وجوهًا عدة وفى المصالح المرسلة، معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات، والأصل فى العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعانى، وفى العاديات الالتفات إلى الأسرار والحكم والمقاصد «هذه من المسائل التى أجد نفسى أختلف فيها مع الإمام البنا إذ أمر الإنسان كله مبني على التعبد سواء كان فى مجال الاعتقاد أو العبادات أو المعاملات فهو يتلقى فيها من الله عز وجل تلقي العبد الذليل من الرب الجليل وفتح باب المقاصد فى المعاملات هو الذى جر الشر كله على الأمة فأولت الشريعة حتى ضاعت ثم أولت العبادات حتى تركت ثم أولت الاعتقاد حتى صرنا ندعو الى جبهة للمؤمنين تجمع المسلمين واليهود والنصارى»!!. سادسًا: وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقًا للكتاب والسنة قبلناه، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالاتباع، ولكنا لا نعرض للأشخاص فيما اختلف فيه بطعن أو تجريح ونكلهم إلى نياتهم، وقد أفضوا إلى ما قدموا «من أعظم أصول البنا العشرين نبذ فيها التقليد لأي أحد كان وانتصر فيها لنصوص الكتاب والسنة ودعا إلى تقديمها على أي رأي ثم نشر ثقافة الإعذار للمخالف المجتهد». سابعًا: ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر فى أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إمامًا من أئمة الدين ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع فى تعرف أدلته وأن يتقبل كل ارشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته. وأن يستكمل نقصه العلمى ان كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر «وهذه من المسائل التى أجد نفسى مختلفاً فيها مع الإمام البنا إذ ليس لأحد أن يتبع أحداً والتقليد حرام للعامي وللمجتهد سواء والجميع مأمور أن يسأل كل من أفتاه فى مسألة من مسائل الدين عن دليله وبرهانه وليس له أن يقبل دعوى بلا برهان والسؤال عن الدليل والبرهان والسؤال عن معنى البرهان وفهمه أمر لا يعجز عنه صغير ولا كبير أما البحث المنفرد فى الأدلة مباشرة والتنقيب فى كتب الفقهاء فيتطلب قدرًا من فن البحث والنظر». ثامنًا : والخلاف الفقهى فى الفروع لا يكون سببًا للتفرق فى الدين، ولا يؤدى إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمى النزيه فى مسائل الخلاف فى ظل الحب فى الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب «هذه أيضًا من أعظم الأصول العشرين وهى قاعدة تكوين جماعة المسلمين ليته بيَّنها ولم يقم دون المسلمين جماعة إذ هذا هو التفرق الذى نهى عنه فى هذا الأصل أما اختلاف مدارك النظر ومسالك الاجتهاد المفضية الى اختلاف فى الفقه والفهم فهو أمر لا علاقة له بالتفرق المنهي عنه». تاسعًا : وكل مسألة لا ينبنى عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذى نُهينا عنه شرعًا، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التى لم تقع، والخوض فى معانى الآيات القرآنية الكريمة التى لم يصل إليها العلم بعد، والكلام فى المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته وجزاء نيته وفى التأول مندوحة «رائعة من روائع الأصول العشرين». عاشرًا: معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه «والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا» آل عمران الحديث فى الجملة صواب مع الحذر من منهج التفويض الذى نسب الى الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى وهو منهج يدعو الى تفويض المعنى والكنه معاً وهذا خلاف الصواب إذ المعنى معلوم والكيف هو المجهول».