المتابع للأوضاع في إقليم دارفور يدرك أنها وصلت أوج عظمتها وأن التطاحن القبلي بلغ مرحلة سحيقة وأنه يزداد اتساعًا يومًا بعد يوم وبحكم متابعتي واهتمامي بالأمر لأنه مؤرق وجدت أن معظم أسباب الصراع تكمن في غياب القانون ومحاباة الدولة لبعض الاثنيات لحسابات تعلمها وأن الاعتماد على الثقل القبلي سياسيًا أدى إلى إغراء بعض السياسيين للاستقواء بالقبيلة ونضيف لهذه الأسباب اتساع رقعة التمرد الطائش من أبناء الإقليم الذين وصل بعضهم لسدة الحكم على أشلاء وجثث أبناء قبيلته دون أن يحقق لهم أدنى مقومات الحياة، ومن الأسباب الرئيسية نظام الحواكير الذي خلفه المستعمر حيث أورث بعض القبائل حواكير ونظارات هي عبارة عن ممالك مصغرة وترك بعض القبائل تتبع للأخرى وكان لزعماء القبائل سيطرة تامة على أفراد القبيلة بحكم العادات والتقاليد الموروثة وبحكم الصلاحيات الممنوحة لزعيم القبيلة وقبل أن تزج الأنظمة السياسية قيادات القبائل في الصراعات السياسية التي أفقدت الإدارات الأهلية هيبتها لأن أبناء القبيلة لن يكونوا جميعًا في تنظيم سياسي واحد وبالتالي إذا تسيس زعيم الإدارة الأهلية طبيعي أن يختلف معه بعض أبناء القبيلة باعتباره يمثل حزبًا سياسيًا. بالنظر لهذه الأسباب نجد أن الحل الناجع يكمن في إعادة النظر في علاقة الدولة بالإدارة الأهلية بل في قوانين الإدارة الأهلية التي وضعتها الدولة وفي رجل الإدارة الأهلية نفسه الذي يجب أن يكون بمواصفات تتواءم مع الواقع الذي نعيشه اليوم، الآن زعيم الإدارة الأهلية في دارفور ليست له أي سلطات فهو أصبح زعيمًا روحيًا فقط تلجأ له الدولة عند الملمات ولكنه مازال محتفظًا ببريقه الاجتماعي بين أهله. بعض السياسيين يحاول عمدًا إغفال دور الإدارة الأهلية وجعلها دمية يحركها لتحقيق سياسته التي يراها دون النظر إلى دورها الاجتماعي والأدبي الذي تلعبه في القبيلة، وعندما تفشل السياسات العقيمة يلجأ إلى زعيم القبيلة الذي جُرِّد من صلاحياته عمدًا ويطلب منه لعب دور في أمر لم يكن له فيه ذنب، إن إصلاح أمر الإدارة الأهلية هي أول خطوات إنهاء الصراع القبلي في الوقت الراهن.