مهنة التدريس من المهن الرسالية وهي مهنة مقدسة وقد قال الشاعر: قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا، ولكن في كل يوم يمتلئ الحقل التعليمي بالكثير من الأشواك والمطبات وحتى أضحت تلك المهنة المقدسة مصدر استياء لدى الكثيرين ممن يمتهنونها فمنهم من تركها ومنهم من هاجر ومنهم من استخدم الحلول المتاحه في مهنته حتى ابتعد كثيرًا عن الرسالة السامية التي تحملها مهنة التعليم، أصبح القليل من المعلمين ممن يقبضون على الجمر في انتظار أن تتحسن الأوضاع..البيت الكبير استأذن في الدخول للمكتب قليلاً: الأستاذ عباس المتقاعد تحدَّث لنا عن الموضوع قائلاً: كل الدول تصرف أموالاً طائله في التعليم والمعلمين، ولكن هنا كل عام يزداد الوضع سوءًا للمعلمين ولا يجدون التقدير الكافي مما يجعل المعلم يشعر بالنقص والدونية بالنسبة لبعض الذين يعملون في المؤسسات الحكومية ذات المباني الفخمة والكراسي الوثيرة والامتيازات لتصبح البيئة التعلمية طاردة وكذلك جاذبة للمخربين الذين خربوا كل شيء جميل كان فيها لتصير مجرد أسامي هلامية لشيء اسمه التعليم. الأستاذ محمد أحمد قال أصبح المعلم محاصرًا من كل الجهات للتخلي إما عن المهنة في حد ذاتها أو عن أخلاقياتها، فتجد أن البيئة المدرسية سيئة والوضع الاقتصادي أسوأ ومرتبه كما هو بدون أي امتيازات فإما أن يترك المهنة ويبحث عن عمل يغطي احتياجاته أو لا يخلص في مهنته إما بالعمل في مكان آخر أو إعطاء دروس خصوصية على حساب واجبه. الأستاذ حسين قال إن الكثير من المعلمين لا تساعدهم الأوضاع التي يعملون فيها، فالكثير من المدارس وحتى داخل العاصمة لا تصلح لتلقي العلم فيها فيزيد نفور المعلم حتى وإن ارتضى بواقعه الصعب فيؤدي رسالته غير مكتملة وتنحبس طاقاته بسبب قلة الإمكانات وتندثر مواهبه في بحر العشوائية. الأستاذ كمال قال إن المعلم مثله مثل أي شخص له طموحات وعليه التزامات يريد أن يكون نفسه وأن بيني مستقبلاً له ولأولاده فمن الطبيعي ان يسعي الى هدفه بشتى السبل وفي ظل ما نعيشه الآن لا بد لأي شخص أن يستغل الفرصة التي تأتيه والمعلم غير ملزم بأن يضحي بمستقبله لناس غير آبهين لما يدور حولهم فلماذا يؤدي المعلم الإنسان رسالته ويتحامل على نفسه من اجل اناس يذبحونه كل يوم في مكان. الأستاذ عبد الله قال: الوضع الاقتصادي المتردي اثر كثيرًا على رسالة المعلم التي جعلته بمثابة رسول كل يوم تزيد الأسعار عليه وتصعب مهمته فبدل من ان يذهب الي مدرسته بذهن صافي حتى يؤدي عملة بإتقان ويخلق جيلاً مبدعًا، يذهب وهو يحمل كل هموم الدنيا في رأسه من اين يوفر كذا ومن اين يأتي بكذا لتصبح العملية مجرد اداء لواجب فقط فضاع المدرس الاب والمربي وضاعت المزايا التي كان يتمتع بها المعلم. ويرى الاستاذ الفرزدق أن على الدولة البحث في حلول فورية للمعلمين حتى يتسنى لهم القيام بواجبهم على اكمل وجه وذلك بتحسين الرواتب والاهتمام بالعملية التعليمية في صيانة المدارس وتوفير ولو جزء يسير من متطلبات التعليم لتسير العملية نحو بر الامان، اما في الوضع الراهن فلا يمكن للتعليم ان يتطور ولايساعد في بناء جيل يستطيع النهوض بالبلد الى الأمام.