المهندس الطيب مصطفى: المهندس السوداني أسهم في تعمير دول الخليج ومشكلتنا إغفال مبدأ المحاسبة عند التقصير...شرف الدين بانقا: علينا تشييد المصارف والسدود وتصريف المياه عبر الآبار بعد تجميعها ..مدير الدار الإستشارية : لا بد من إنفاذ الخريطة الهيكلية للخرطوم إعداد: عبد الهادي عيسى محمود البرجوب تصوير: متوكل البجاوي أقام منبر السلام العادل ندوة بعنوان «الخرطوم ومشكلة السيول والأمطار.. الأسباب والمعالجات» بعد أن هطلت أمطار غزيرة في الآونة الأخيرة خلَّفت أضرارًا كبيرة في عدد من أحياء ومحليات ولاية الخرطوم، كما شهدت الندوة مداخلات ساخنة من الحضور وجهوا فيها انتقادات حادة للحكومة في عدم تعاملها مع الأزمة بالقدر المطلوب. أشاد المهندس الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل بالمهندس السوداني وإسهامه في تعمير كثير من دول الخليج، وقال خلال مخاطبته للندوة في المداخلة التي شارك بها، إن مبدأ المحاسبة غائب لدينا في السودان، وإن ما حدث جراء السيول والأمطار لو حدث في أي مكان آخر لاستقال المسؤول من منصبه فورًا. وتحدث في الندوة د. شرف الدين بانقا رئيس مجلس بيوت الخبرة السودانية موضحًا أن الدول تنال منها صعوبات كبيرة كالزلازل والفيضانات والتلوث البيئي، وأن الخرطوم تتعرض لثلاث ظواهر «فيضان وسيول وأمطار»، مشيرًا إلى أنه ليست هناك صعوبة في احتواء الفيضانات إذا اتخذنا التحوطات اللازمة لهذه الظاهرة، وأن للخرطوم تجارب في احتواء أزمة الفيضانات. وأوضح بانقا أن أهم مشكلات الخرطوم هي أن الأمطار تهطل متباينة كما أنه توجد عشرات الأودية التي تأتي من بعيد وتصب في النيل على امتداد الولاية، وقال إن طريقة بناء المنازل بها بعض العيوب الهندسيَّة وضعف في بنيتها، وقال إن العاصمة بها «22%» مباني جالوص و«17%» طوب أخضر و«29%» حالتها متدهورة، وأضاف أن وجود الطرق سهَّل من عملية الوصول إلى المتضررين. وأكَّد د. شرف أن بناء سدود وبقليل من الجهد على الأودية وتوصيل المصارف بمجرى النيل يعمل على حماية الخرطوم، مضيفاً أن الخرطوم نفذت عددًا من السدود أسهمت في تجنب أخطار السيول وفي ذات الوقت نجني منها مياهًا كثيرة، وأن الولاية تحتاج إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية للوصول لحلول مستدامة لهذه المعضلة التي تسبَّبت في كثير من المخاطر. وأشار إلى أن الأسباب الرئيسة في عدم تصريف المياه تكمن في أن كثيرًا من المصارف يحصل لها انسداد أو مشكلة في أسلوب التنفيذ، وقال: «واحدة من مشكلاتنا بجعل الطرق أعلى من مستوى المساكن وهذا يجعل المياه تنحدر إلى الداخل». وعن المعالجات لدرء الأخطار طالب د. شرف بمنع عودة المواطنين للسكن في المناطق المنخفضة مرة أخرى، داعياً إلى قيام الحكومة بمساعدة المواطنين في بناء المساكن، وأن تهتم الحكومة بالطرق ومستوياتها ومعالجة المصارف بجانب بناء مصارف وسدود جديدة على الأودية والخيران، فضلاً عن إصلاح الجسم الإداري وتدريب المهندسين. ونادى في الوقت ذاته بأن يكون تصريف مياه الأمطار عبر مخططات تجميع ثم تصريفها عبر الطرق الرئيسة واعتماد التصريف إلى باطن الأرض عن طريق الآبار. وأشار بانقا إلى أن الولاية لا بد أن تعيد النظر في لمن تقدم الخدمات؟ وهي لمن هو أحوج إليها من الفقراء والضعفاء. وتحدث الباشمهندس أحمد البشير رئيس اتحاد المقاولين مقدمًا مواساة الاتحاد للمتضررين من السيول والأمطار، مشيرًا إلى أن الخرطوم توسعت في الآونة الأخيرة وشملت مناطق ريفية وأصبحت نسيجًا عمرانيًا غريب التشكيل وأن التعدي البشري بالسكن في المناطق التي كانت تمتص مياه الأمطار أسهم في تعقيد المشكلة. وعن المعالجات للمشكلة أو مقترحات لحل مستدام أشار إلى ضرورة استجلاب بيوت خبرة للاستفادة من قدراتهم الفنية بجانب تضافر الجهود الرسمية ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم فضلاً عن إنفاذ المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم وعدم التهاون في تنفيذ القوانين والاهتمام بالرصد الجوي وإجلاء المواطنين من مجاري الوديان وإعادة تصميم المصارف في المدن حتى تتناسب مع شبكة الطرق. وأشار أيضًا إلى المشكلات السياسية ومعالجة تداعياتها، كما طالب بإيجاد معالجة لطريق الشيخ الأمين وطريق ليبيا والطريق الدائري بمحلية شرق النيل، وأن تكون هنالك سدود لكل الأودية خلال العام القادم، وطالب أيضًا بإصلاح المجال الإدارى وتدريب المهندسين وتقوية الجسم الإدارى للمصارف، وطالب بضرورة مواصلة عمل الفنيين والمهندسين بعد الأمطار، وطالب بوقف التوسع الأفقي وتشجيع التوسع الرأسي والعمل على تثقيف المواطن وحثه على المحافظة على الحق العام. عقَّب على المتحدثين، عبد الله عباس حبيب مدير الدار الاستشارية لتطوير الخرطوم حيث استهل حديثه بالإشارة إلى الاتهامات التي وُجِّهت ومسَّت المهندس السوداني من قبل بعض أجهزة الإعلام، ودافع عن المهندس السوداني بشدة وطالب بالاستفادة من خبرات وزارة السدود في عملية حصاد المياه التي يمكن الاستفادة من هذه العملية بعمل ثورة زراعية، كما طالب بإنفاذ الخريطة الهيكلية والتي من واجباتها توفير المعلومات، وقال إن مثل هذه المنتديات التي يشارك فيها أهل الاختصاص يمكن أن تسهم في إيجاد الحلول، كما عقَّب على المتحدثين أيضًا د. حسن عمر عبد الرحمن رئيس المجلس الهندسي، وقال إن فكرة البحث العلمي أصبحت لدينا ضعيفة، وأضاف أن المؤسسات الكبرى تضع «5%» من ميزانيتها تجاه البحث العلمي والتطوير. وفي مداخلات حضور الندوة ألقى البعض اللوم على المواطن وممارساته السالبة، وأشار البعض إلى تقصير السلطات الحكومية مستنكرين استعانة الحكومة ببيت خبرة سويدي لحلة مشكلة السيول، مؤكدين عدم قدرته على الحل في ظل عدم توفُّر معلومات وبيانات واحصائيات كافية، كما شارك أيضًا ممثل ولاية الخرطوم أحمد محمد طاهر الذي أكد عدم وجود مياه الصرف الصحي في الشبكات التي تم تنفيذها أخيرًا والتي حدثت لها كسورات في بعض المناطق.