مبارك المغربي صيداح حب الأديم وأسير «أرض الحبيب» كنار شُق حب الجمال على لهاته. إذ هو المولود على ضفاف النيل على مقربة من أولى خطوات رحلة النهر الخالد فشبَّ مفتونا بفتنة المقرن المفتون بعناق النيلين الأزلي. حيث وُلد بحي الموردة في عام 1923م وتوفي يوم الأربعاء 9 يونيو 1982م وتلقى حفظ القرآن ثم التحق بالمدارس الأولية والوسطى ثم تخرج بمدرسة السجون وقبل ذلك عمل بمصلحة البريد والبرق والإرصاد.. اتسمت تجربته الأدبية شاعراً وأديباً وباحثاً بسمو الفكرة ونصاعة البيان وذلك ما تحدث عنه في تقديم ديوان المغربي الأول الذي صدر في عام 1954م. الشاعر والروائي المصري عزيز أباظة، وتقف مقدمة أباظة لديوان المغربي «عصارة قلب» على رأس أميز المقدمات في ساحة الشعر السوداني، وفي صدر هذا الديوان ينوه المغربي بمسارات اتجاهه الشعري وأغراض تناولاته في قصيدة قدم بها الديوان شعراً وترك لعزيز أباظة مهمَّة تقديمه نثراً، كان قد جاء على سياقات نسق أدبي عالٍ، هذا وقد قال المغربي في صدر ديوانه هذا إنّ هذا الشعر نورُ القلب يجري من لهاتي فَهْوَ إمَّا ثار كالبركان جمُّ الفتكات وهو إمَّا رَقَّ كالمرآة مصقول السِّمات في عمله بمصلحة السجون كان منذ تخرجه بكلية السجون وإلى أن أُحيل للمعاش في صدر العهد المايوي برتبة العميد سجون كان من أوائل الذين كرّسوا المفهوم - السجن مؤسسة إصلاحية وليست عقابية فعلى منظور الإصلاح وترقية الذوق والمشاعر كان المغربي إدارة ثقافة وإعلام وإصلاح اجتماعي جعل من هجير السجن واحة للترويح عن النزلاء بالندوات والليالي الغنائية وغرس قيم الخير وقد أخذ بأيدي العديد من الجانحين بالإصلاحيات وله أيادٍ وافرة العطاء على كثير منهم في مقبل الأيام، وبرغم تلك الروح الإنسانية الغامرة تجاه النزلاء والجانحين فلم يتغنَّ لتلك التجربة إلا انه كتب كتاباً أسماه «تجاربي في السجون» وقد سأله تلميذه في هذا المجال اللواء سجون عبد العزيز بدر.. لماذا لم تكتب شعراً في مجال عملك الطويل بالسجون فردَّ المغربي عليه قائلاً: (وكيف تغنَّى في الهجير البلابل).. كتب المغربي مقالات ومحاورات بحثيَّة مع رواد الغناء السُّوداني «شعراء حقيبة الفن» وجمعها في «4» أجزاء قامت دار النشر بجامعة الخرطوم بطباعتها في «3» أجزاء وبقي الجزء الرابع ولا تدري أسرته أين ذهب وله مؤلَّف اجتماعي طبعته جامعة الخرطوم بعنوان «المخطئ الصغير» وله من دواوين الشعر «عصارة قلب ألحان الكروان «من الوجدان» «عاشق» النيل الذي صدر عقب وفاته عن دار القومية للكتاب بمصر وله ديوان مخطوط بعنوان «صداحات صبيداخ» وله دراسة في الشاعر الباكستاني الفيلسوف محمد إقبال بعنوان «إقبال شاعر الشرق» قام بمراجعتها لدار النشر الأديب المهذب الأستاذ نبيل غالي ولم نقرأها ولا ندري مصيرها! وله دراسة في الموسيقا عند البحتري وبحث عن أعلام الغناء السوداني، وقال نال وسام إقبال من الرئيس ضياء الحق ونال درجة البروفيسور الفخرية من جامعة البنجاب كان أميناً عامًا للمجلس القومي للآداب والفنون وهو أول أمين له. وله مشاركات على مستوى الوطن العربي وآسيا وإفريقيا وله باقة من الأغنيات منها مرت الأيام والكروان ويا ملاكي لابن أخته عبد الدافع عثمان وهو أول من قدم عبد العزيز داود بأغنية من أريج نسمات الشمال وأرض الحبيب للطيب عبد الله وفتنة الأنظار لسيد خليفة وحب الأديم لابن البادية وغنى له عثمان الشفيع أول أغنية خاصة بالشفيع هي «الباسم الفتان أحييت خيالي» وغنى له الفنان عمر الشريف إنت يا راحل وغنى له أحمد الجابري: تولى العام يا دنياي لم تعطف ولم تسأل ولم تر كيف حال الحال منذ لقائنا الأوَّل وما زوّدتنا حتى القليل لعامنا المقبل وغنى له فنان توتي أحمد شيخ إدريس وإبراهيم خوجلي «ولقد مضى عام فكيف وجدتني يا سائلي بعد الفراق القاتل» وغنى له عبد العزيز المبارك وعبد الله الكردفاني ورمضان زايد: «أنا ليتني زهر» ولنا وقفات مع المغربي بإذن الله.