بعد أن تنفست النيل الأزرق الصعداء ووضعت الحرب أوزارها وعاد الأمن والاستقرار إليها.. إلا من بعض «جيوب» في مناطق «يابوس» التي أصبحت خارج دائرة الحياة حيث يجثم عليها فلول مارقة.. وتحترف السلب والنهب. وداخلها أقوام «مأسورون» يبحثون عن «مسالك» يهربون عبرها.. فشذاذ الآفاق يستعملونهم دروعاً بشرية.. ففي كل صباح يهرب هؤلاء الضحايا.. شمالاً بحثاً عن الأمان والاستقرار.. هروبا إلى الاستقرار والأمان، حيث الزراعة حرفتهم وحرفة جل أهل الولاية.. فالنيل الأزرق تستقبل وتعيش خريفاًَ مطيراً كامل الدسم.. فوزارة الزراعة وعبر اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي.. بدأت موسمها بتحضير مبكر، فأكملت زراعة أكثر من «2.5» مليون فدان.. بتركيبة محصولية متنوعة: «250» ألف سمسم، «600» ألف زهرة شمس، «120» ألف قوار، مليون فدان ذرة و «60» ألف قطن مطري.. ووفرت التقاوي المحسنة والجازولين وكافحت الآفات ووفرت الأمن.. فانداح التمويل من البنوك.. فالزراعة كما هي مواقيت، وهي موعودة من حكومة الولاية والمزارعين.. ويبقى من المهم جداً مواصلة مكافحة الآفات.. وعملية الحصاد حتى لا يجمعها «النمل» ويطأها الفيل.. فالوزارة استصحبت في برنامجها «الحيوان» الرديف، حيث تم فتح ستة مسارات.. فهذا إنجاز بحيث أصبحت للحيوان مساحة في خريطة الإنتاج.. فمشروع المسارات وجد متابعة واهتماماً من الوالي وذلك لأهمية هذا المشروع. فالمسارات هي الآلية لفك النزاعات بين المزارعين والرعاة.. فهي الأرضية للاستقرار الأمني والاجتماعي.. والحيوان مهم في خريطة الولاية.. حيث هناك الملايين من الثروة الحيوانية.. فالوزارة بالتعاون مع اتحاد الرعاة.. قامت بتطيعم مليوني رأس من جملة خمسة ملايين رأس.. وبتمويل من الإتحاد الأوروبي أصبح هناك بالدمازين مركز لتحسين السلالات، وعبر وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية التي وراء هذا المركز تكون الولاية قد خطت نحو تنمية وتطوير الثروة الحيوانية وبدعم وزارة المالية الاتحادية.. واكتمل العمل في سوق الصادر لتدخل الولاية سوق الصادرات.. سوق بمواصفات علمية عالمية يفتتح قريباً.. وتذهب الوزارة المتعددة الأنشطة بعد التعلية من «1700» طن إلى «5100» طن.. فقامت بتأسيس مركز للأسماك بدعم من وزارة المالية الولائية.. مركز بمواصفات علمية.. ومصنع للثلج وصرف صحي ودكاكين. فالزراعة في النيل الأزرق هي الحرفة التي يمتهنها 80% من سكان الولاية.. الزراعة بشقيها النباتي والحيواني.. فالوزارة لأجل الحيوان نثرت بذور «مراعي» ذات قيمة غذائية عالية في مساحة عشرة آلاف فدان.. وهذه المراعي ستحد من حياة الترحال للرحل الذين استهدفت الوزارة استقرارهم عبر السدود.. فهناك «25» حفيراً تم حفرها لتوطين الرحل سيما العائدين من دولة الجنوب.. وما أدراك ما «العائدون» من الجنوب، الذين يتعرضون للنهب والسلب من الجيش الشعبي.. فمشروع توطين الرحل هو مشروع وطني أمني لم تسقطه حكومة النيل الأزرق.. وتبذل فيه جهداً كبيراً مع الحكومة الاتحادية، وهناك جانب آخر في غاية الأهمية أدرجته وزارة الزراعة في برامجها ألا وهو مشروع الغابات، فالغابات التي تقلصت مساحتها بسبب الذبح الجائر للغطاء الغابي وذهاب مساحات كبيرة منه بعد انفصال الجنوب، كان حرياً بها استعادة الغابات بوصفها مورداً مهماً من موارد الولاية.. فاتجهت إلى مشروع الغابات «الشعبية» لتشرك المواطن في حماية الشجرة غابات «محجوزة» واستزراع غابات بمساحة «10» آلاف فدان.. لتبلغ المساحة الكلية للغابات في الولاية 19% من مساحة الولاية.. بل أصدر الوالي قراراً بإلزام الشركات الزراعية والمزارعين بزراعة10% من المشروعات الزراعية كغابات.. حماية للارض من عوامل التعرية.. ونزع الأراضي من أية شركة ومزارع لا يتلزم بالقرار. وبما أن الولاية تقع في «حزام» الصمغ العربي، فهناك «4» آلاف فدان لزراعة الهشاب.. من جملة «6» آلاف فدان مستهدفة لزراعة الهشاب أو غيره.. لذا كان اتجاه الوزارة صحيحاً.. حيث قامت بحجز غابات.. في «قلع العجل» وفي «خور اللبن» وفي «متحلينق» لأن الغابات مورد اقتصادي مهم.. ويكون جاذباً للمستثمرين الذين بدأوا في الأيام الفائتة يتحلقون حول الولاية.. فالنيل الأزرق «فقط» بمواردها الزراعية هي ولاية جاذبة للاستثمار سواء أكان استثماراً أجنبياً أو محلياً فقانون الاستثمار بالولاية قانون جاذب لكل مستثمر.. ولكن يتوجب على كل مستثمر أن يكون له دور في تنمية المجتمع.. فهي ولاية مفتوحة للاستثمار الزراعي «الجاد» الذي يضع في خريطته تنمية مجتمعها المحلي. ولكن يبقى من المهم جداً إدخال التقانة في النشاط الزراعي لإخراج الزراعة من الزراعة التقليدية إلى الزراعة الحديثة.. فالزراعة هي حرفة تنمو وتتطور بالعلم، سيما أن العالم قد قفز إلى زيادة الإنتاجية بالتقانة، لذا لا بد لوزارة الزراعة أن تتجه إلى التقانة الحديثة لزيادة الإنتاجية التي لا تتحقق إلا بالتقانة، فاتجاه الوزارة إلى التقانة هو المدخل لدخول الأسواق العالمية. أردت في هذا الصدد أن القى الضوء على الإمكانات المادية والبشرية الزراعية لهذه الولاية.. لأقول إن مخرج بلادنا يكمن في الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، وإن «البترول» المورد الناضب.. ما هو إلا «ضجة» ومسكن لا أكثر ولا أقل.. فالحراك الذي تقوم به وزارة الزراعة الولائية هو المسار الصحيح لإخراج بلادنا من نفق الأزمة الاقتصادية.. وأنا على يقين بأن وزارة الزراعة الولائية بالنيل الأزرق لو واصلت مسيرتها على هذا المنوال ستكون النيل الأزرق سلة غذاء السودان «وكلفورنيا» السودان.. وبالتخطيط السليم والمثابرة والعرض.. لا مستحيل تحت الشمس.