حينما تقلد وائل بن ربيعة مقاليد الحكم في قبيلته العربية التغلبية في عصور ماقبل الإسلام كان هدفه الاول ان يجعل من قبيلته قوة اقتصاديًا بزراعتها ورعيها وعمل جاهداً على ذلك ولكن اهل عشيرته لم تعجبهم تلك الافكار الزراعية التي جاء بها وائل او «كليب» كما كان يحلو لاهله ان يطلقوا عليه، ورفضوا الزراعة التي كانت متاحة لهم عبر الاراضي الزراعية الخصبة وعاشوا بحماية القوافل التجارية التي كانت تتعرض للنهب في ذاك الوقت، ويبدو ان العرب وفي عصورهم الحديثة بعد الالفية الثالثة ما زلوا يرفضون فكرة الزراعة على الرغم من الضائقة الاقتصادية الكبيرة التى يمرون بها وكذلك ازمة الغذاء الحادة التي تمر بها الكثير من الدول العربية، وفي السودان ظلت معظم الحكومات التي تتعاقب على الحكم تضع خططها واستراتيجيتها من اجل النهوض بهذا القطاع الحيوي ولكن دون جدوى ملموسة للمواطن وظلت الزراعة موضع عناية الباحثين والمفكرين في العديد من مناطق العالم وكذلك السودان، وعلى الرغم من وجود مقومات مهولة للزراعة في ارض النيلين الا ان العديد من مناطق السودان ما زالت تواجه خطر الازمات الاقتصادية مع وجود الارض الخصبة والمياه الجارية في قلب السودان ان كان عبر نيله الرائع او آباره الجوفية، لتبقى العقبة في كيفية توفير هذه المياه للمشاريع الزراعية التى قتل البعض منها العطش، فمن المؤلم ان تجد الثمار تموت وهي على مشارف التسويق بسبب العطش ومن المحزن ان ترى دموع الرجال تنهال من المقل بسبب ازمات الغذاء وعدم المقدرة على اطعام الصغار والارض على امتداد البصر ولكنها «بور» تشتكي قطرات المياه وهي على مقربة من النيل العظيم،. ومن الموسف ان يضيع السودان المليارات في انشاء المنتزهات العامة والمنشآت الهامشية وبعض المشاريع تحتاج لملايين قليلة حتى تخضر ويستفيد من هذا الاخضرار جميع اهل السودان وكذلك يستفيد اقتصادنا النحيف. ان الزراعة مثلها مثل الابن الصالح ان وجدت الرعاية السليمة والاهتمام فستحمل الاقتصاد على اكتافها كما يحمل الابن الصالح والديه في الكبر، فهل تعي الدولة اهمية هذه الزراعة وتبحث عن مواطن الخلل في عدم نجاح الكثير من المواسم الزرعية والتى اعتقد انها واضحة وضوح الشمس ولكن اهمها هو توفير مدخلات الزراعة وكهربة المشاريع الزراعية من اجل تقليل كلفة التشغيل ام تظل الدولة تلهث وراء السراب وتهدر الاموال في المشاريع الغير مجدية اقتصاديا؟