قال الشيخ كمال رزق إمام المسجد الكبير أمس الأول في خطبة الجمعة «إن هناك قيادات تجري وراء الاستيزار، وفي سبيل الحصول على الكرسي تستخدم حتى الدجل والشعوذة»، وكانت «الإنتباهة» قبل فترة أشارت إلى مسؤول وزاري سابق قبل إعلان التشكيل الوزاري جلب أحد السحرة إلى منزله، وشوهد دخان البخور يخرج من النوافذ بينما ظل المسؤول يهرول في كل مرة بنفسه ودون حارسه إلى السوق لتلبية طلبات الساحر من بخور وغيره، وبالطبع لن يكون من بينها ديك أعور لأن السيد المسؤول لن يستطيع أن يدخل تلك المناطق التي توجد فيها الديوك العوراء والتيوس المكسِّحة، ولهذا فإن مهمته لن تتخطى دكان العطار، لكن رغم تلك الهرولة والسعي غير الحميد تجاوزه التشكيل الوزاري وحرمه من دورة استيزارية جديدة. وبالرغم من أن الرئيس السابق نميري لم يُعرف أنه كان يسعى للسحرة لكن كان يعتقد في بعض المشايخ الدينية جلباً للبركة والاستقرار في سدة الحكم، ويقال إنه كان يعتقد في العصا التي يحملها ويرفعها محيياً بها جماهيره، وقيل إن نميري عندما كان ضابطاً صغيراً، بحسب كاتب مصري، فوجئ وهو بجنوب السودان بشخص غريب يظهر فجأة من بين الأشجار ويتنبأ له بالحكم والسلطان ثم يختفي، وعندما تولى جعفر نميري الحكم فوجئ بنفس الرجل يظهر في بيته ويترك عصا ثم يختفي، وظل نميري محافظاً على تلك العصا لا يتركها من يده حتى كان اليوم الذي انكسرت فيه فحزن ولم يخرج من بيته إلى مبنى الاتحاد الاشتراكي حيث الاجتماع السياسي الهام ليكتشف رجالُه مؤامرة انقلاب عليه وقتله لينجو من القتل بسبب وجوده في منزله، بالطبع قد تكون الرواية غير صحيحة لكن الصحيح أن للرئيس نميري اعتقادات تتعلق بالفأل والنحس وجلب الحظ بحسب بعض معاصريه وبعض الأقلام التي تناولت هذا الأمر. ومن الطرائف أن الصحافة المصرية أشارت إلى علاقة الرئيس المخلوع حسني مبارك بالسحر واهتمامه به، وكعادتها أرادت أن تلصق هذا الأمر بالسودان، فقد قال كاتب مصري: «إن علاقة مبارك بالعرافين والدجالين قديمة بدأت فى نهاية الخمسينيات عندما كان مبارك ضابطًا في السودان والتقى بعراف سوداني تنبأ له بأنه سيصبح رئيسًا لمصر، في الوقت الذي كان فيه طموحه السياسي لا يتعدى أكثر من محافظ أو سفير وهو ما جعله لا يأخذ الأمر بجدية إلى أن وجد نفسه رئيسًا، وهذا ما بنى جسرًا من الثقة بينه وبين العرافين بعد ذلك خصوصًا عندما تم تعيينه نائبًا للرئيس السادات، فقد تردد أثناء هذه الفترة على سيدة في مصر الجديدة اتضح بعد مراقبة أمن الرئاسة لبيت هذه السيدة أنها سيدة تدعي أنها تعرف الطالع وتعرف المستقبل، ويتردَّد عليها الكثير من الأمراء العرب أو تُرسل لها طائرات خاصة لتذهب لقراءة الطالع لبعض الحكام العرب، وعندما سألها أمن الرئاسة عما يفعله نائب الرئيس لديها ذكرت أن مبارك حضر عدة مرات ليسألها عن مستقبله السياسي فقالت له إن نجمه في صعود وإنها ترى دماء كثيرة وقتلى وجرحى، فسألها: وأنا ماذا سيحدث معي؟ قالت سيصعد نجمك إلى مرتبة عالية، ففرح وانصرف.. وتحدث أمن الرئاسة مع السادات فقال: إن نائبه رجل مجنون أن يصدق الدجالين والمشعوذين.. نفس الكلام الذي قالته له عرافة مصر الجديدة». لكن يبدو أن اهتمام السياسيين ليس قاصراً على العرب والأفارقة، فقد نُقل أن عدداً من الرؤساء الأجانب، بحسب مصادر عربية، مثل الرئيس كارتر قيل إنه عندما زار مصر فى الستينيات وقبل أن يفكر في الترشح للرئاسة تقابل مع هذه السيدة التي تنبأت له بأنه سيصبح رئيساً لأمريكا!! هذا ما ينطبق أيضًا على الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والروسي السابق بوتين والفرنسي الحالي ساركوزي، ورئيس دولة بورما «تان شوي»، فهو رجل مصاب بهوس السحر لدرجة دفعته للقيام بنقل العاصمة من مدينة يانجون «6» إلى قرية نيبيداو التي تفتقر إلى المياه والكهرباء، وتكمن داخل الغابات بسبب تنبؤ المنجِّم بسقوط الحكومة إذا لم ينقل العاصمة. أخيراً هل يستحق أي منصب في الدنيا أن يشرك المرء بالله ولو كانت فيه كنوز الدنيا كلها؟ إنها الغفلة وطول الأمل وضعف البصيرة «ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق».