في أعقاب ظهور «17» حالة إصابة بشلل الأطفال بسوريا أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ في جميع بلدان إقليم شرق المتوسط، وتوقعت انتشار المرض في جميع أنحاء المنطقة بما فيها السودان باعتباره من دول الإقليم، وظلت وزارة الصحة الاتحادية طوال السنوات الماضية تعمل على رفع مناعة وتعزيز صحة الأطفال من خلال تكرار الحملات التي تنفذها بسبب أن البلاد تحاط بدول موبوءة بالمرض. ومن المعروف أن الشلل ينتشر في باكستان وأفغانستان ونيجيريا بالرغم من الحملة التي أطلقت قبل «25» عامًا للقضاء على المرض الذي قد يسبب إعاقة في غضون ساعات، وهذا هو أول ظهور لشلل الأطفال في سوريا منذ عام «1999» إلا أن منظمة الصحة العالمية ذكرت في بيان صحفي أورده «مركز أنباء الأممالمتحدة» على موقعه الإلكتروني أنه تأكد ظهور حالتين جديدتين بشلل الأطفال في ريف دمشق وحلب، إلى جانب ظهور خمس عشرة حالة شلل أطفال في محافظة دير الزور. وذلك بعد انخفاض معدلات التطعيم في ضوء الصراع العسكري وتنقلات السوريين المستمرة في المنطقة حيث انخفضت إلى نحو68% بعد أن كانت تتجاوز 90% قبل الصراع. وأكدت المنظمة أنها تعمل بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسف» على البدء في إنفاذ حملات تحصين على نطاق واسع ضد شلل الأطفال تشمل أكثر من عشرين مليون طفل في سوريا والدول المجاورة خلال الأشهر الستة المقبلة. وبما أن البلاد شهدت خلال الفترة الماضية أحداثًا أمنية في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق أدت إلى عدم الوصول إلى تطعيم حوالى «600» ألف طفل ضد الشلل وضعت الحكومة خطة للوصول إليهم بالتنسيق مع منظمتي الصحة العالمية واليونسيف ولكن السلطات الصحية تتخوف من إمكانية انتقال المرض عبر الحدود بسبب المواجهات والاضطرابات الأمنية التي اندلعت في دولتي جنوب السودان وإفريقيا الوسطى لذلك نفذت وزارة الصحة الاتحادية حملة جزئية لاستئصال شلل الأطفال بجميع الولايات خلال الأسبوع الماضي بهدف رفع مناعة الأطفال تحسبًا لأي حالات وافدة من الدول المجاورة. وقال وزير الصحة بالخرطوم د. مأمون حميدة إن إصابة طفل واحد بالشلل يعني وصمة عار وعيبًا للخدمة الصحية، وكشف حميدة عن امتناع بعض أساتذة مدارس ولاية الخرطوم من تطعيم تلاميذها خلال الحملة الماضية للقضاء على الحصبة، لافتاً النظر إلى توجيهات صارمة أصدرتها وزارة التربية والتعليم قضت بالسماح بتطعيم التلاميذ، وأوضح أن حملة التطعيم ضد الشلل استهدفت مليون طفل دون سن الخامسة بولاية الخرطوم، وشدد حميدة على الحفاظ على مستوى التطعيم، مشيداً بالشراكات مع منظمات الأممالمتحدة خاصة اليونسيف والصحة العالمية لتوفيرها التكلفة العالية للجرعات التي بلغت قيمتها حوالى مليار و«700» مليون جنيه. فيما أكدت د فدوى عبد الرحمن ممثلة اليونسيف عدم تسجيل أي حالة بالسودان منذ العام «2009م»، وأشارت إلى أن الحملات الروتينية السنوية تكلف «200» ألف دولار في السودان، وأقرت بوجود ظروق مختلفة في الولايات المتاخمة لجنوب السودان بسبب النزوح والهجرة، مؤكدة سعي المنظمة لتطعيم أطفال هذه المناطق منعاً لظهور أي حالات لكن ممثل الصحة العالمية د. أحمد حردان أشار إلى ظهور إصابات جديدة للمرض بلغ عددها «183» حالة في الصومال و«7» حالات في كينيا وقال إن الخرطوم على طريق الاختطار لإمكانية مرور الفيروس عبر الحدود إلا أنه أكد وجود نظام تقصٍ قوي في السودان، وأبان أن هنالك محاولات تجريها منظمة اليونسف والاتحاد الإفريقي وحكومة السودان للوصول إلى «162» ألف طفل لم يتم تطعيمهم بجنوب كردفان والكرمك بولاية النيل الازرق، وعندما استفسرنا د. مجدي صالح مدير إدارة التحصين الموسع عن شلل الأطفال أجاب قائلاً إن الحملة الجزئية حققت استجابة واسعة وسط المواطنين وقطاعات المجتمع، وأشار إلى أنها استهدفت ما يفوق «3» ملايين طفل دون سن الخامسة، وأكد خلو البلاد من المرض، وقال إن شلل الأطفال يعتبر أحد الأمراض الفيروسية التي قد تُصيب الأعصاب بالضرر، مما قد يُؤدي إلى شلل في حركة العضلات. بسبب دخول الفيروسات إلى الجسم. ويمثل شلل الأطفال من أخطر الأمراض التي تهاجم الأطفال ومن أشدها قسوة فهو يترك الطفل بعاهة سواء في يده أو ذراعه أو ساقه أو قدمه وتجعله معوقًا يحتاج دائمًا لمساعدة الآخرين طوال حياته مع ما يصاحب ذلك من آلام نفسية على الطفل وأسرته. ويسببه أحد ثلاثة فيروسات متشابهة «1، 2، 3» وتنحصر العدوى فقط في الإنسان المريض، أو حامل الفيروس لا غير ويصاب الشخص بالعدوى عن طريق الرذاذ المتطاير، الأطعمة والمشروبات الملوثة، الاحتكاك بفضلات الإنسان الملوثة بالجرثومة ويدخل الفيروس إلى جسم المُصاب عبر الفم أو الأنف، ويتكاثر إما في الحلق أو الجهاز الهضمي. ثم تبدأ أنسجة الجسم في امتصاصه لينتشر في الجسم عبر الدم والأوعية اللمفاوية، وصولاً إلى مناطق معينة في الجهاز العصبي. وينتقل للجهاز العصبي الخلايا العصبية الحركية في الجزء الأمامي من النخاع الشوكي، المادة السنجابية في الدماغ أو جذع الدماغ ثم ينتقل إلى الألياف العصبية ويتكاثر فيها ثم يقوم بتدمير الخلايا العصبية وخصوصاً الحركية منها، هذه الخلايا المدمرة لا يمكن تعويضها، ومن ثم فإن العضلات التي تغذيها هذه الأعصاب لا يمكن أن تعمل للقيام بوظائفها الطبيعية. وتبلغ مدة الحضانة وهي المدة بين العدوى والإصابة وظهور الأعراض المرضية بين «6 35» يومًا. وتختلف الأعراض بشكل كبير بين حالات لا تظهر عليها أي أعراض مرضية، إلى حالات الشلل التام والوفاة وأوضح أن اكثر الفئات العمرية عرضة للإصابة بالمرض هم الأطفال دون الثالثة، تليها الفئة العمرية بين الثالثة إلى ما دون الخامسة وعليه فإن الفئة العمرية دون الخامسة بصفة عامة هي الأكثر عرضة ويمكن الوقاية من المرض عن طريق أخذ التطعيمات الروتينية إضافة للتطعيم أثناء الحملة وأبان أن تكرار الجرعات يعمل على تقوية مناعة الطفل ويزيد فرص الوقاية حيث لا توجد آثار جانبية من تكرارها، وأثبتت الدراسات والبحوث العلمية أن الأطفال في البلدان النامية يحتاجون إلى تكرار الجرعة لتقوية مناعتهم لذلك تعتبر ضمانًا وسلامًا وأمانًا لصحة أطفال السودان.