منذ دخول القوات الأمريكيةالعراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل، استبانت النوايا الصهيونية واتضحت جلياً معالم خريطة الشرق الأوسط الجديد المعدة مسبقاً وببرنامج زمني محكم لتغيير الأنظمة الإسلامية في البلدان العربية والإفريقية، تارة بذريعة أسلحة الدمار الشمال وأخرى بذريعة الإرهاب، والدول التي لم يجدوا لها مبرراً حاربوها بأبناء جلدتهم وضعاف النفوس من الساسة المتعطشين للسلطة والمال والجاه حتى ولو كان ذلك على حساب تدمير أوطانهم، واتخذوا من منظمات حقوق الإنسان وفبركة مشاهد الاعتداء على الحريات ذريعة لمحاربة الأنظمة في بلدانهم، فوفروا لهم الدعم اللوجستي والغطاء السياسي والإعلامي، وبعضهم تم دعمهم عسكرياً بتوفير الأسلحة والآليات مثلما حدث في دعم التمرد في السودان. عجبت للذين ينادون بإسقاط النظام بالقوة، فإذا وافقناهم في هذا الرأي هنالك أسئلة مشروعة نطرحها عليهم. ما هو البديل؟ وإذا وجد البديل كيف يحكمون في ظل دولة مثل السودان يوجد بها أكثر من خمسين فصيلاً مسلحاً وقبائل لديها أسلحة تستطيع مجابهة الدولة، وفصائل متمردة قادتها عاجزون عن التحكم في مليشياتها. وما هي اللغة التي تسود إذا سقط النظام؟ أهي لغة الديمقراطية أم لغة البندقية. وهل الفصائل المسلحة متفقة فيما بينها؟ وهل المعارضة الساسية على قلب رجل واحد؟ وهل قادة الفصائل المسلحة سوف يضعون السلاح بمجرد سقوط النظام ويقولون للمعارضة تعالوا اجلسوا على كراسي السلطة وطبقوا الديمقراطية التي حملنا السلاح من أجلها؟ وهل ستكون الغلبة في الحكم للذي لديه قاعدة جماهيرية أم قوة عسكرية؟ أليست تجربة الجنوب والمجتمع الإقليمي من حولنا دليلاً على أن المليشيات هي أفيون الثورات؟ لماذا الحرب الدائرة في الجنوب الآن؟ وانفراط عقد الأمن أليس سببه عدم وجود قوات مسلحة مبنية على عقيدة قتالية واحدة مهامها حماية دستور البلاد. كل هذه الأسئلة التي طرحتها هي التي دفعت السيد الإمام الصادق المهدي لدعوته إلى عدم إسقاط النظام بالقوة، وعندما يدلي السيد الصادق بتصريح مثل هذا يعني أنه استمع إلى رأي العسكريين والسياسيين ورأي الشارع العام والتجارب السابقة والوضع الراهن. وإذا نظرنا إلى الوضع الإقليمي من حولنا وما فعلته ثورات الجحيم العربي وليس الربيع العربي لأنها ربيع على إسرائيل جحيم على بلدان الربيع العربي، لوجدنا أنه محق في ما ذهب إليه من تصريح. والسيد الصادق المهدي يخشى على السودان من الضياع، لذلك نادى بالمعارضة الناعمة، وإن كنت أخالفه هذا الرأي، واتمنى أن يغير هذا المصطلح إلى مشاركة خشنة، وأقصد بالمشاركة الخشنة أن تشارك جميع تنظيمات المعارضة في الحكم وتفرض البرنامج الذي يلبي طموحات الشعب السوداني من داخل مؤسسة الحكم. وعندما أتحدث عن تنظيمات المعارضة أعني حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والأحزاب المشاركة في الحكومة وحملة السلاح والمؤتمر الشعبي، رغم تحفظي على معارضته لأنه لا يعارض من أجل السودان إنما من أجل تصفية حساباته مع رفقاء الأمس، ولكن نعتبره معارضاً ونسأل الله أنه يكف عن المكر ويغفر الله له في ما مضى، ولا يخالجني شك في أن كل سوءات النظام الحالية أسبابها بقايا المؤتمر الشعبي في الحكم. أما بقية فصائل المعارضة فلم أسمع بها، فهم أشخاص لمعتهم ندوات الأربعاء بدار الأمة، فأصبحوا نشطاء سياسيين لا يهمهم الوطن ولا أمن المواطن، فهم يعارضون من أجل النجومية وخدمة الأجندة الخارجية، ويخالفهم الرأي حتى أفراد أسرهم، ولو كانوا يعلمون أن «بنطال» لبنى سوف يوصلهم لما وصلت إليه لارتدوه. أما عن الحركات المسلحة فعليها توحيد صفوفها وبرنامجها، وأن تؤمن بأن الحوار هو سبيل السلام، وحينها سوف يجدون الشعب السوداني بكل الوان طيفه يقف معهم، فنحن نتألم لكل قطرة دم سالت معارضة أم حكومة، فكلهم سودانيون، ونأمل أن يحتكموا إلى صوت العقل ولا يتحمسون لخطابات دعاة الفتنة عبر الإعلام والقنوات الفضائية أمثال كمال عمر الذي يقول في قناة «الجزيرة» يوم 4/2/2014م، إن السودان كله يحترق.. اتق الله الله.. نحن نعلم أن الذي يحترق هي دواخلك التي تحترق من الفتنة شوقاً وطمعاً في السلطة حتى ولو كانت على دماء الأبرياء من الشعب السوداني، وانت تتطلع إلى أن يصبح السودان مثل سوريا، وتحلم بأن تصبح رئيس الائتلاف السوداني تجوب عواصم العالم مزهواً بصورك على الفضائيات.. وتريد أن يصبح السودان مستنقعاً حتى يكتمل نمو طفيك السياسي سريعاً. وفي الختام أتمنى من المعارضة أن تحتكم إلى رأي الحبيب الإمام وتوحد صفوفها وتسعى لمصالحة تجمع أبناء الشعب السوداني معارضة وحركات ومنظمات مجتمع مدني وغيرهم على كلمة سواء وحكم راشد وديمقراطية مستدامة تكون فيها المواطنة أساساً للحقوق والواجبات، وأن يلتف كل الشعب السوداني خلف قواته المسلحة ويجنبها التحزب والقبلية، وأن تعزز حياديتها وتصون ماضيها وتؤسس لمستقبلها الذي يحفظ البلاد ويصون أمنها، ويجعلها بعيدة عن خلافاتنا السياسية. حفظ الله السودان وجنبنا الجحيم العربي، وجعل ربيعنا وحدة وأمناً وتنمية وازدهاراً «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» صدق الله العظيم.