الشيخ حربي الشيخ حياتي رجل موسوعة في الزراعة أنطقه اللَّه بالحكمة وأبان له بعض أسرار العوالم وذو لسان عربي مبين.. استمعت له في جلسات متعددة وهو ينقلنا بعلمه الغزير وعقله الكبير إلى آفاق أرحب نحو سودان مشرق ومتقدم في المجالات الزراعية والاستثمارية خاصة إذا ارتبط المزارع بأرضه وأعطت الدولة عنايتها ورعايتها للزراعة باعتبارها كنز السودان المدخر وبتروله الحقيقي.. فالسودان يمتلك أرضاً شاسعة واسعة ومياه وفيرة أي مياه جوفية ومياه الأنهار والأمطار حيث تشكل المياه الجوفية قرابة (80) مليار متر مكعب، المستغل منها (4) مليار متر مكعب تستخدم في الزراعة والصناعة. وأن السودان عندما كان موحداً وقبل الانفصال باع بترول بما قيمته (80) مليار دولار فإذا تم تخصيص نسبة (10%) أي (8) مليار دولار للزراعة وعلى وجه الخصوص لحفر ترعتي كنانة والرهد فإن ذلك سينعكس إيجاباً على موازنة الدولة.. فترعة كنانة إذا تم حفرها يمكن أن تسقي (19) مليون فدان أي قدر مشروع الجزيرة تسع مرات.. وترعة الرهد والتي تخرج من السد وتشق البطانة كلها وتجمع معها نهر الرهد لتصب في نهر عطبرة ونهر النيل وهذه المياه التي توفرها هذه الترعة يمكن أن تسقي (36) مليون فدان أي مجموع ما تسقيه هاتين الترعتين كنانة والرهد (55) مليون فدان ري انسيابي دون أن ندور لها كهرباء وعلى سبيل المثال لا الحصر فهذه المساحة إذا تم زراعتها بمحصول الذرة (فتريتة) يمكن تنتج أكثر من مائة مليون طن فإذا ضربناها في (250) دولار للطن يمكن موازنة الدولة تطلع من هذا المحصول فقط (من الترعتين) وإذا تم زراعة هذه المساحة بمحصول الأرز يمكن أن تعطينا قرابة مائة مليار دولار.. ونفس هذه المساحة إذا تم توزيعها على المزارعين بواقع (27 ونص) فدان لكل مزارع يمكن تشغيل (2) مليون عامل بما فيهم أُسرهم زوجة و(3) أطفال وأب وأم أي (12) مليون نسمة يمثلون أكثر من ثلث سكان السودان يستفيدون من ذلك.. وفي اعتقادي الجازم أن الدولة لو اتجهت نحو الزراعة بشقيها النباتي والحيواني وشمرت عن سواعد الجد وتوفير مبالغ معتبرة للزراعة وعلى وجه الخصوص حفر ترعتي كنانة والرهد وبموجب ذلك سيتم ري هذه المساحة المهولة (55) مليون فدان رياً انسيابياً مما سينعكس إيجاباً بتوفير الغذاء أي تأمين الأمن الغذائي لنا ولجيراننا بل سيكون السودان بحق وحقيقة سلة غذاء العالم.. فالزراعة هي عصب الاقتصاد الوطني والبترول هو عامل مساعد للتنمية أي بترول السودان الحقيقي هو الزراعة ولا بديل للزراعة إلا الزراعة.. فالزراعة تحتاج لمال قارون وصبر أيوب وعمر نوح عليه السلام.. فمال قارون يوجد لدى المستثمرين سواء عرب أو أجانب وصبر أيوب نجده عند المزارعين فالمزارعون السودانيون كان زرعوا أم لم يزرعوا فهم بطبعهم صابرين.. وعُمر نوح موجود في الآلة الزراعية الحديثة وعلى سبيل المثال يمكن زراعة مائة ألف فدان بعدد عشرين وابور كبير.. وهل يعلم القارئ والمتلقي أن بترول السعودية طلع بشيك ضمان من مشروع الجزيرة لإنتاج موسم واحد قطن؟.. وعلى ضوء كل ما ذكرناه تبقى الزراعة هي صمام أمان اقتصادنا الوطني فإذا أحسنا فيها وأعطتها الدولة جل اهتمامها وضخ مزيد من المال مع الاهتمام بالتدريب واستيعاب الكم الهائل من خريجي الزراعة المنتشرين في كل بقاع السودان ويا حبذا لو أفردت وزارة الزراعة الاتحادية وكل وزارات الزراعة الولائية مساحات معتبرة للخريجين الزراعيين أي تمليكهم عدد من الأفدنة وتوفر لهم التراكترات والآليات الزراعية ليطبقوا ما درسوه على أرض الواقع ليخرجوا لنا بزراعة معافاة من المبيدات والأمراض والديوكسينات ولنأكل خضروات طازجة وفواكه بطعم العسل ولحوم حمراء وبيضاء طرية خالية من المواد المسرطنة.