«هجرة العقول والكوادر إلى الخارج معها ألف حق»، هكذا ابتدر الدكتور مختار بابكر حديثه معي وهو الحاصل على درجه الدكتوراه في نهاية العام الماضي في مجال «العلوم التربوية». وعندما استفسرت عن أسباب هذا الغضب قال لي «تخيل يا أستاذ أن علاوة المؤهل العلمي لدرجه الماجستير تبلغ«35» جنيهاً وعندما تكمل تأهيلك وتصل إلى درجة الدكتوراه يزيدوك خمسة عشر جنيهاً ليصبح مؤهل الدكتوراه «15» جنيهاً والاثنان معا «خمسين جنيهاً». هذا بالنسبة لموظف الدولة في أي درجة كانت فإن علاوة «مؤهل علمي» لا تزيد عن التفاصيل أعلاه . قلت دائما إننا نعاني في هذا الوطن من عدم تقدير للعلماء والتربويين والخبراء . فالدكتور مختار بابكر ما هو إلا نموذج في بحر يموج بمثل هذا الظلم فكيف يتخيل العقل مثل هذا الإجراء. والمعروف أن الصرف على الماجستير ثم الدكتوراه لا يقل عن «خمسة عشر ألفاً» أي خمسة عشر مليوناً بالقديم، فهل يعقل أن تتم المكافأة على هذه المثابرة وعلى هذا الجهد من قبل شؤون الخدمة بمبلغ ضئيل مثل هذا «15» جنيهاً. المؤسف أن هناك لوائح وقوانين أكل عليها الدهر وشرب، لا يزال معمول بها ضمن دواوين الدولة، فهي لم تواكب التطور الذي حدث ولم تواكب التغيرات التي حدثت في اقصاديات السوق. والدليل على ذلك نجد أن الموظف الذي يتزوج يُعطى علاوة زواج قدرها «خمسة عشر جنيهاً» وعندما يُنجب له طفل يعطى علاوة أيضاً قدرها «خمسة جنيهات فقط» ،هذه الخمسة جنيهات من زمن الرئيس الأسبق جعفر نميري ومستمرة إلى يومنا هذا . يا عالم ألا ترون العالم يتطور من حولنا.. أليس منكم رجل رشيد يضع الأمور في نصابها ويعطي كل ذي حق حقه. الغريب في الأمر أن قانون الموظف يختلف عن قانون الدستوري ، فالدستوري تُحسب له مخصصاته حسب فاتورة السوق. على العموم قريباً ستجد الحكومة تحكم نفسها فقط الشعب في الخارج والحكومة في الداخل . وشكل المحادثة الهاتفية بين الطرفين سيكون كالآتي«من الشعب إلي الحكومة..الو..معاكي الشعب ..خلي بالك من البيوت المهجورة لا يسكنها البعشوم».