هذه الرواية على لسان محدثي من الميرم وهو عضو المكتب التنفيذي لاتحاد عام المسيرية.. وجدتُ صعوبة ًوعنتاً نفسياً وأنا أحاول إقناع نفسي بصحة رواية محدثي.. فطفقت أسائله وأتعجل الإجابة.. فيقول.. نعم الميرم والدبب من أهم المدن التي تمثل مصدراً ومورداً ومأوى لأفراد هذه اللجان الثورية.. قلتُ والحيرةُ تأخذ نصفَ فؤادي: كيف ذلك وربك وهاتان المدينتان من أشهر مدن العجائرة كفاحاً وسيراً وراء الإنقاذ.. فمن مدينة الميرم خرج المجاهدون ولا يزالون يصدون عن أهالي الشمال السوداني هجمات دولة الجنوب.. قلت: إن الميرم هي المدينة التي دشنت «قطارات الموت».. قطارات الجنيد حسن الأحمر، ودكتْ سنابك خيولهم التي تسير على حواف خط السكة الحديد مدافعةً عن القطارات التي تحمل المجاهدين، دكت سنابكهم قلاع المتمردين وقتها إلى يوم الناس هذا.. قال: هذا صحيح.. قلت: إذن ما هو غير الصحيح؟ أجابني: إن أهالي الميرم والدبب وغيرهما من مدن غرب كردفان، يأخذون على ثورة الإنقاذ الوطني أو المؤتمر الوطني أنه لم يقدم لهم أية خدمات.. زادني محدثي كيلَ بعيرٍ آخر بقوله: حتى شركات البترول لا تستوعب أبناءهم، ومن ترفده بالكاد يستطيع أن يأخذ حقوقه.. ولكني قاطعته.. هذا ليس مبرراً كافياً بالرغم من اتفاقي معك في عدم وجود تنمية، ومعتمد الميرم لم يزرها ولم يقف علي أي مرفق بها.. بل نعلم تبرعكم والأهالي لمستشفى الميرم بالكراسي وأشياء أخرى حتى لا يمل المرضى الانتظار مع عدم وجود أدوية وعناية بالمشفى، وتسيبٍ لمعتمد يسند رأسه ويسلم أذنه لديناصورات المركز من أبناء المنطقة، ليموت الناس حينما تهطل الأمطار فتنفصل الميرم عن بقية مدن السودان فتصبح لقمة ًسائغةً لكل متلهف.. ثم تأتي وتقول لي: إنها مأوى للجان الثورية؟! لكن محدثي كان لبقاً.. قال: كل افتراضاتك صحيحة ولكنها تأكد صدق روايتي وحديثي لك.. فهذه اللجان الآن حسب محدثي تُعسكر في منطقة العرديب «35» كيلو مترٍاً جنوب شرق الميرم، وغرب أبيي تماماً.. فهي لا تريد الميرم الآن حتى تكفلها والدبب.. لأن المدينتين تحتفظان بكامل غضبها على المركز.. وإلا بحكم هذا الموقع القريب، وإلا قد سيطرت على الميرم والدبب رغم فراسة وشجاعة أهلها. قلت: إذن أهالي الميرم التي كتبت عنها ذات يوم «الميرم على فوهة بندقية» على أهالي المنطقة قراءة سيناريو هذه اللجان جيداً ولا بد أن يفطروا بهؤلاء الخوارج قبل أن يتغدوا بهم لا قدر الله. كان محدثي هو السيد موسى حمدين أمين الاتصال والتنظيم باتحاد عام المسيرية الموجود في الميرم منذ شهور. شيء مهم قاله حمدين.. حدثني أن«ملوة» العيش في الميرم يصل سعرها الآن «25»ج! يا عالم أين المعتمد وحكومة غرب كردفان سُحب الخريف على ارتفاع عود كوكاب ومربط العجيل تتبارق شرقاً؟