ظلت ولاية جنوب دارفور تجأر بالشكوى من النقص المريع في الكوادر الطبية لسنوات عديدة، والتي قادت لتدني الخدمات العلاجية بالريف لانعدام الأطباء حتى في بعض رئاسات المحليات، مما جعل الاعتماد الكلي على مستشفى نيالا التعليمي يضيق ذرعاً هو الآخر في تحمل الضغط الواقع عليه، بجانب استقباله بصورة شبهة يومية لحالات حوادث بسبب الظروف الأمنية التي تعيشها نيالا، وإفرازات الحرب التي طال أمدها في دارفور الأمر الذي جعل هذا المستشفى يطلق الصرخة الداوية لإنقاذه مما وصل إليه من حال متردية سواء في البيئة أو الصرف الصحي علاوة على التقاطعات من هنا وهناك، وفوضى تشعرك كأنه لم يكن مستشفى ملكياً بدخول أفراد مسلحين وكذلك عربات تحمل الدوشكات التي كلما رآها مرافقو المرضى داخلة على المستشفى يدور في ذهنهم أن هناك حادثاً ما وقع، بل أن هذا المستشفى شهد حالات اعتداء على الأطباء من بعض المتفلتين حتى قاد البعض للدخول في إضراب الأسابيع الماضية، مما جعل رئيس لجنة أمن بلدية نيالا ومعتمد المحلية عبد الرحمن حسين قردود يصدر قراراً قضى بمنع دخول كل العربات العسكرية المسلحة لمستشفى نيالا التعليمي بجانب المنع البات دخول جميع الأفراد المسلحين للمستشفى تحت كل الظروف والأسباب والمبررات، كما نص القرار على أن يتلقى العسكريون جميعهم العلاج والخدمات الطبية لدى المستشفيات العسكرية وأن يسمح فقط للمحولين من المستشفيات العسكرية تلقي الخدمة بجانب السماح لسيارات الإسعاف العسكرية الدخول للمستشفى، بجانب ذلك وضعت شرطة الولاية دورية ثابتة للنجدة أمام هذا المستشفى الذي يعد المرجعي للولاية لتدارك أي خلل حتى لا يتوقف مثل هذا الصرح عن خدمة إنسان الولاية المتعطش للخدمات العلاجية. فإذا وجد هذا القرار طريقه للتنفيذ فإن مشكلة الظواهر السالبة التي تحدث بالمستشفى تكون قد حلت وتبقى مسألة التزام حكومة الولاية باستحقاقات الأطباء وتهيئة البيئة العلاجية بالمستشفى وبالعودة لقضية النقص في الكوادر الطبية فقد أكد وزير الصحة بالولاية عمر سليمان آدم سعي وزارته لمعالجتها، بجانب الاهتمام بتعزيز خدمات الرعاية الصحية الأساسية بمناطق الريف. وقد شهد وزير الصحة عمر سليمان وعميد أكاديمية العلوم الصحية بنيالا الدكتور أبوبكر حسين أبوبكر الأربعاء الماضي انطلاقة الامتحانات النهائية للدفعة الأولى تمريض من أكاديمية العلوم الصحية والبالغ عددهم «310» ممرضين متوقع تخريجهم عقب شهر رمضان المعظم والدفع بهم لمحليات الولاية المختلفة للمساهمة في سد فجوة الكوادر الطبية خاصة المساعدة منها بعدد من محليات الولاية. وقال وزير الصحة ل «الإنتباهة» أن هذه الدفعة ستكون إضافة حقيقية للصحة في الولاية بعد أن قضوا ثلاث سنوات في الأكاديمية بعضهم يتبع لولاية شرق دارفور، مشيراً إلى أن هؤلاء بعد تخريجهم سيتم توزيعهم على المستشفيات الريفية والمراكز الصحية بالريف، وتابع «هذه بشرى طيبة لأهلنا لأننا تلمسنا من خلال جولتنا الأخيرة للمحليات أن هناك نقصا كبيرا في الممرضين وبتخريج هذه الدفعة ستكون المشكلة قد حلت». وكشف الوزير عن وجود دفعات أخرى ستبدأ الدراسة مباشرة عقب تخرج هذه الدفعة، وطالب عمر حكومة الولاية والمركز والسلطة الإقليمية لدارفور بالوقوف مع وزارته لإنشاء صرح كبير للأكاديمية بمقرها الجديد حتى تستوعب التخصصات التي تحتاجها الولاية، ومن بينها مساعدو الصيدلة والتخدير والأسنان والعيون والمعامل وغيرها. من جانبه أعرب عميد الأكاديمية د. أبوبكر حسين عن سعادته بوصول هذه الدفعة لمرحلة التخرج، وقال إنها ستسهم في خدمة الأهالي بالريف خاصة بعد تلقيهم جرعات تدريبية تمكنهم من ذلك، ويرفعون المعاناة عن كاهل المواطن، خاصة في فصل الخريف الذي تنفصل فيه عدد من المحليات عن حاضرة الولاية. وقال إن اختيار هذه الدفعة تم من كل محليات الولاية «ونحن نبشر المواطنين بأن هذه الكوادر ستقدم لهم خدمات جليلة بإذن الله تعالى». وحول شكاوى الأكاديمية من ضيق المقر والقاعات بموقعها الحالي، قال أبوبكر إنهم تحصلوا على قطعة أرض للأكاديمية من قبل وزارة التخطيط العمراني حتى تقوم الأكاديمية وفقاً لتصميمها الذي يضم «10» تخصصات للكوادر الطبية المساعدة، وتابع «نأمل أن مشروع تأسيس الأكاديمية التمويل حتى ننهض بالخدمات التي تليق بإنسان هذه الولاية.»