فوَّجت وزارة المعادن الأسبوع الماضي عدداً تجاوز ال«214» من الجيلوجيين والفنيين والخبراء والمحاسبين لكل ولايات السودان غادرت الخرطوم أكثر من ثلاثين سيارة على متنها كل التخصصات، ولحقت بهم أتيام جواً إلى ولايات دارفور بعد خطاب وموجهات من السادة حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس ووزير المعادن، وقدمت موجهات لتلك الوفود التي يممت وجهتها صوب كل بقاع السودان، للوقوف علمياً وعملياً على واقع التعدين شركات وتعدين صغير وتعدين تقليدي وسوف ينضم إلى تلك الوفود أعضاء كل مكتب ولائي في ذلك الطواف الذي دخل اليوم أسبوعه الثاني، يأتي هذا والبلاد تمر بتحديات هائلة سيما قضايا الاقتصاد ودور هذه الوزارة في رفد اقتصاديات البلاد والنهوض نحو آفاق اقتصادية أرحب خاصة وأن من تلك المشكلات التي قامت الوزارة بمناقشتها بكل شفافية ووضوح وعلمية ومنهجية، تراجع ولا تتراجع في مؤتمر التعدين التقليدي الذي عقد بالخرطوم الشهر الماضي والذي لا نقول لامس كثيراً من مشكلات التعدين بل قام بتفكيكها وتشريحها بمهنية وعلمية واضعاً لها حلولاً شافية دون وجل عبر مخرجات ذاك المؤتمر، فكانت هذه النفرة تعبيراً وتأكيداً لمخرجات وتوصيات مؤتمر التعدين الأخير، فتقدمت تلك الوفود السيارة وزارت أكثر من «05» موقعاً للتعدين التقليدي من جملة «81» موقع تعدين تقليدي وما زالت الزيارات تترى، وكانت على أكثر من «05» محلية والتقت بوالي كل ولاية والوزير المختص بملف التعدين والمعتمدين كذلك وقفت على واقع وراهن المعادن، والمعلوم أن بهذا الطواف ومن ضمن هذه الأتيام ممثلين للشرطة وأمن المعادن وغيرهما من جهات ذات صلة لأن هناك هاجساً ظل يلازم قضايا المعادن في كل بقاع العالم وهو قضية التهريب بل أن بعض الدول ذات الموارد المعدنية الثمينة شقيت بتلك النعمة وأدخلتها في حروبات أهلية وصراعات وافدة عليها من الجوار والمال والبحار باعتبار أن تلك المعادن تدخل في صميم أعمال عصابات دولية وحتى نهم دول كبرى تسعى من أجل وضع يدها على تلك الثروات، ورأينا بأمهات العيون وأحاديث التجارب الإنسانية ما فعله الذهب ببعض الشعوب والماس واليورانيوم والسودان ليس استثناء، فهناك واقع تهريب بحكم كبر وحجم مساحة السودان وانفتاح حدوده على العديد من دول الجوار سيما أن تلك الحدود مفتوحة ولا توجد موانع طبيعية تحول دون الدخول والخروج، وهذا الأمر أي قضية تهريب المعادن مسؤولية قومية ووطنية مناط بها أكثر من جهة مثل الداخلية وحرس الحدود وقوات الجمارك والأمن الاقتصادي وغيرها من وحدات يهمها الحفاظ على ثروات هذه البلاد، فنكون مجحفين إذا ألقينا باللائمة على جهة محددة في هذا النزيف الاقتصادي. ونأمل أن نرى في القريب العاجل مخرجات مؤتمر يضم حتى دول الجوار أي مؤتمر إقليمي برعاية السودان من أجل محاربة هذه الظاهرة العابرة للحدود، وهذه القضية من القضايا التي يبحثها هذا الوفد الناظر في ربوع السودان من أجل رفع الكفاءة الإنتاجية ووضع التوصيات من أجل صياغة قانونية ناجعة يمكن أن تضمن مستقبلاً في متن دستور البلاد القادم، كذلك وقفت تلك النفرة على واقع مجتمعات التعدين والتأكد من الالتزام بكل شروط السلامة والمهنية والحفاظ البيئي على الأرض والمعدنين وإلزام الشركات بكل شروط السلامة، ولقد رأينا قبل أيام إلغاء السيد وزير المعادن لأكثر من ست شركات تصاديق العمل لعدم التزامها بشروط وضوابط السلامة وإصحاح البيئة والعمل الجائر سيما وأن تلك الثروات ثروات ضافية لا تعوض فيجب التعاطي معها بفرق وأناة حفاظاً على البيئة والآثار ومجاري الوديان والأنهار وتجمعات المياه حفاظاً على ثروات البلاد الزراعية والسمكية والرعوية، كل تلك الموجهات الصارمة موضع التنفيذ والمراجعة لأداء الشركات والأفراد تعدين صغير أو تقليدي موضوعة موضع القداسة في تنفيذها دون مجاملة، كذلك وقفت تلك النفرة على واقع المجتمعات المضيفة لعمليات التعدين ومدى التزام الشركات والعاملين في التعدين تجاه تلك المجتمعات وتقديم الخدمات لها من صحة وتعليم ومياه صالحة للشرب وحفاظ على البيئة واستيعاب نفر من تلك المجتمعات في تلك الشركات وتقديم الرعاية، ولقد رأينا بعض الشركات قدمت الشيء الكثير النافع للبلاد والعباد كذلك من مهام هذه النفرة الوقوف على الأجواء الامنية بحكم التداخل والاختلاط ومشكلات الثروات وبحث تلك المشكلات ووضع التوصيات من أجل تقديم رؤية شاملة متكاملة بل خريطة طريق لواقع التعدين بالسودان تبحث الحاضر وتستشرف المستقبل، وهذا سوف يصبح حقيقة ماثلة للعيان وماشية بين الناس حينما تلتئم تلك الوفود الهائمة الآن بين الوديان والوهاد والشعاب والجبال وربوع السودان ويقدم كل تيم تقريره ومن ثم صهر كل تلك التقارير في بوتقة واحدة والخروج برؤية شافية كافية تقدم مزيداً من الحلول لمشكلات هذا القطاع من أجل النهوض اقتصادياً بواقع هذا الوطن الذي أدمته المحن والكروب.