كشف القيادي بقبيلة المسيرية وحزب الأمة القومي وعضو مفوضية أبيي السابق عبد الرسول النور أن قيادات الحركة الشعبية تسعى لبسط سيطرتها العسكرية على منطقة أبيي، مبيناً أن القضية اصبحت «منسية» في السودان وفي «ذيل» اولويات دولة الجنوب، مشيراً إلى أن المنطقة الآن تعيش اوقات فراغ كامل، وقال عبد الرسول إن أبناء المسيرية مُغيبون عن اوضاع منطقتهم، واصفاً ما تم من استفتاء من قبل دينكا نقوك بأنه عبارة عن بالونة يم «طرشيقها»، مبيناً أن الدور المتعنت لأبناء الحركة من أبيي هو الذي أسهم في تعقيد الملف، وهذا وغيره من الأسئلة والمحاور المتعددة التي طرحناها على القيادي المسيري عبد الرسول النور، فأجاب عنها بكل وضوح وهذا النص الأول من الحوار: في البدء لماذا يتم الصمت الآن عن قضية أبيي.. يقال أن هنالك «صفقة» سرية بشأن هذا الملف؟ حسب علمي أن قضية أبيي الآن تعيش في ركن من اركان النسيان نسبة لأن أوضاع الجنوب تعيش أوضاعاً مأساوية وحربية، ثانياً إن أبناء منطقة أبيي في الحركة الشعبية الذين كانت لهم سيطرة كاملة على مفاصل الحركة وحكومة الجنوب، الآن هم إما معتقلون بتهم الفساد أو تُهم التآمر أو مبعدون عما يجري، وبالتالي ليست لديهم كلمة قوية لدى الطرفين، وكلمتهم ليست مسموعة لدى الحكومة ومجموعة رياك مشار، وقوات دولة الجنوب في تلك المناطق هي قوات الدولة فاقدة السيطرة عليها، وبالتالي من هذا الجانب حدث هذا الهدوء المشوب بالحذر، وكذلك كثيرون من أبناء أبيي الذين كانوا في جنوب بحر العرب عبروا شمالاً واحتموا باهلهم المسيرية بالرغم من أن بعض قوات الحركة التي كان يقودها بعض ابناء دينكا نوك امثال ادوارد لينو ولوكا بيونق ودينق ألور حاولوا أن يستفيدوا من هذا الهدوء بأن يدخلوا لاجئين بأسلحتهم ويقيموا معسكرات ويستفيدوا من الجو الذي فيه تراخٍ ليبسطوا سيطرتهم، ولكن تمت مواجهتهم ببعض أصحاب المواشي عندما اعتدوا عليهم، ولكن تم إرجاعهم بعد صدام إلى جنوب بحر العرب. ما هو دور حكومة السودان للحد من هذا الصراع؟ حكومة السودان كانت لها فرصة مواتية، وهي أن تبسط سيطرتها الكاملة على هذه المنطقة في ظل هذه الظروف، وقد ناشدت الجيش السوداني أن يبسط سيطرته في المنطقة بحكم بروتكول ابيي الذي ينص على أنها منطقة شمالية تدار عن طريق رئاسة الجمهورية إلى حين يقرر اهلها مصيرها، هل تبقى في السودان ام تنضم إلى الجنوب، وبما أن الاستفتاء لم يجر فهي منطقة شمالية، والمواطنون الموجودون فيها هم مواطنون شماليون، لذلك على الجيش السوداني ان يبسط سيطرته الكاملة في ظل هذه الظروف التي تعيشها دولة الجنوب، فاذا استقرت الاوضاع في الجنوب يمكن ان يعود الطرفان إلى المفاوضات، فالآن المنطقة تعيش اوقات فراغ كامل وتوجد فيها القوات الإثيوبية «اليونسفا»، ولم تشكل ادارة مدنية ولم يشكل مجلس تشريعي ولم تشكل شرطة مشتركة وخدمة مدنية مشتركة، فالقوات الإثيوبية هي التي يقع عليها العبء، وهي التي تحمي حدودها وتقوم بحل المشكلات التي تقع بين المواطنين، والآن المنطقة تعيش هذا الفراغ القاتل. ذكرت أن قوات اليونسفا هي التي تقوم بحل مشكلات المواطنين، وهناك من يرى أنها غير حيادية.. كيف يتفق ذلك مع ما ذكرت؟ أنا لست من هؤلاء، وأقول إن قوات اليونسفا جاءت لمهمة محدودة وبعددية وأسلحة محددة، ووجدت أن هنالك تكليفاً أكبر من قدرتها واكبر من إمكاناتها والتفويض الذي منحت له يعتبر صعباً. كيف تصف الوضع في أبيي الآن وأوضاع الرعاة، خاصة ان فصل الخريف على الأبواب؟ الآن أبيي منطقة خالية لأن الجنوبيين من أبناء دينكا نقوك توجهوا جنوباً، والشماليون من اهل السودان توجهوا شمالاً لأن المنطقة الآن منطقة مستنقعات. ما الذي يدور خلف الكواليس الآن؟ قادة الحركة الشعبية الذين أعلنوا انهم طرف ثالث في النزاع بين سلفا كير ورياك مشار يريدون ان ينتهزوا الفرصة لبسط سيطرتهم العسكرية، أما من ناحية المسيرية فهم يعتقدون أن هذه المنطقة منطقة شمالية، وكل الذي تم حولها عبارة عن تنازلات غير مبررة، لان مبادئ الايقاد تقول إن حدود الجنوب هي جنوب 1/1/1956م والمنطقة هذه هي شمال خط الحدود 1/1/56م، ويشعرون بأن الظلم الذي وقع عليهم كان عبارة عن مهر للسلام، ولكنهم لم يجدوا السلام، وبالتالي يعتقدون أن هذه المنطقة منطقة شمالية ولا نزاع حولها، وانهم سوف يستميتون في الدفاع عنها، ويعتبرون أن قوات دولة الجنوب أو أي قوات غير الجيش السوداني هي قوات محتلة. هل تعتقد أن الحكومة تتعامل في ملف أبيي بموقف ضعف؟ نعم تنازلات الحكومة مستمرة، لأن الحكومة هي التي فتحت الحدود، وإعلان المبادئ يقول إن 1/1/56م هو الخط الفاصل، وطول الحدود هي ألفان ومئتين كيلومتر ولم تفتح إلا المئتين كيلومتر، وهذا تنازل كبير، ثم انهم سمحوا للتحكيم الدولي واعطوا رئاسة الادارية لدولة الجنوب على ان يكون النائب من السودان، وأخذوا رئاسة المجلس التشريعي وتناصفوا معهم كل الخدمة المدنية والشرطية، فاذا أخذنا تعداد الدينكا فهم أقل من 5% من تعداد المسيرية، وهذا يوضح مدى التنازلات التي تمت، بل بلغ الامر ان يعتقد الدينكا ان الاستفتاء لهم فقط، وبدأ المسيرية في الجدال هل يحق لهم التصويت أم لا وفي منطقة ظلوا يحافظون عليها ولم تدخلها الحركة الشعبية الا عام 2005م ببطاقة السلام، وكل هذه تنازلات وأخطاء جسيمة وكبيرة كانت تعتقد أنها مهر للسلام، ففقدنا السلام ولم نحقق الوحدة. يعول كثيراً في مثل هذه القضية على جهود أبناء المنطقة أين جهودكم؟ نحن لم نكن مشاركين، ونحن غائبون ولا يتم التشاور معنا، وحتى الآن لا تتم مشاورتنا، بل نسمع أن هنالك وفداً ذهب للتفاوض في المنطقتين ووفداً يفاوض في كذا.. ونحن نسمع فقط. ما تم من استفتاء الآن هل هو محاولة للاقصاء واتباع المنطقة للجنوب؟ هذه خطوة يائسة وبائسة ومفروض على الدولة السودانية بمجرد ما عمل الدينكا نقوك استفتاءً ان تعتبر ان هذا اكبر انتهاك لاتفاقية السلام واكبر انتهاك لبروتكول ابيي والتفاهمات التي تمت في اديس ابابا عام 2001م. لكن حكومة الجنوب والمجتمع الدولي لم يعترفوا بهذا الاستفتاء؟ نعم، ولكن نقول هذا اخذ رأي محلي، لكن اذا حكومة الجنوب اعترفت بهذا الاستفتاء يكون قد تم الغاء كل ما اتفق عليه. في ظل هذا التصاعد في الاحداث هل هنالك مجال لبحث قضية أبيي أم أنها ضاعت في الزحام؟ هي قضية الآن بالنسبة لدولة الجنوب في ذيل الاولويات، اما بالنسبة لحكومة السودان فقد فقدت البريق والاهتمام الكامل بها واصبحت قضية مركونة ومنسية. الدور المتعنت لأبناء الحركة من أبيي امثال ادوارد لينو وألور إلى اي مدى اسهم في تعقيد الملف؟ هو الذي خلق الملف لأنهم كانوا يطمحون إلى حكم الجنوب، وحتى لا يكونوا غرباء يريدون ان تكون لهم منطقة يتحدثون بها، فهم الذين صنعوا هذا الملف وهم الذين زادوا التوتر في هذا الملف، وهم الذين نقلوا الملف من مشكلة يمكن ان يحلها زعماء المسيرية ودينكا نقوك إلى قضية دولة يتحدث فيها الرئيس الامريكي وتتحدث فيها وزيرة الخارجية الامريكية والامين العام للامم المتحدة، فالقضية تم كشفها تماماً واتضح انها مطامع سياسية وليست مطالب وطنية. الكثيرون يرون أن الحل بيد اهل المنطقة.. هل لديكم خطة او رؤية لهذا الحل؟ قدمنا كثيراً من الرؤى بأن هذه المنطقة عاش فيها أهلنا ما يزيد عن القرن من الزمان دون ان تكون بينهم اية مشكلات، والذي خلق الاشكال طموحات بعض ابناء دينكا نقوك الذين كانوا في الشمال ونالوا تعليماً قوياً لأنهم في الشمال، لذلك امتدت طموحاتهم إلى أن يحكموا الجنوب. لكن بنازل المسيرية عام 1953م أصبح دينق مجوك اول رئيس لمجلس ريفي دار المسيرية؟ كنا نبحث عن التعايش ونستطيع في المنطقة ان نقتسم كل شيء، السلطة والثروة ونعيش معاً كما عاش آباؤنا، والذي فصل بيننا هو مؤامرات السياسة والكيد السياسي، ونحن نتنازل لأن المسيرية هم الاخ الاكبر، ودائماً لديهم العطف للأخ الاصغر، ويريدون ان يزيلوا كل ما يمكن ان يأتي على قلب الاخ الاصغر.. يعني نحن «دلعناهم»، وفي كل حكومتي ولاية جنوب كردفان وغرب كردفان كان ممثل المنطقة من ابناء دينكا نقوك، وكان يتم ذلك برضاء منا، وهم لا يريدون ان يحكموا ولايتي غرب وجنوب كردفان، وانما يريدون ان يحكموا الجنوب، واصبح دينق ألور وزير خارجية السودان، ولوكا بيونق أصبح وزير شؤون مجلس الوزراء، ودينق أرب هو رئيس إدارية أبيي، وهم يريدون أن يحكموا الجنوب ولهم مطامع كبيرة. التقاطعات السياسية إلى أي مدى قطعت الطريق امام الحلول لهذا الملف؟ كل المفاوضات منذ البداية دارت بين حكومة السودان والحركة الشعبية، وحتى التحكيم كان بين حكومة السودان والحركة الشعبية ولم يكن بين المسيرية والدينكا، فالحكومة تتحدث باسم المسيرية حتى إذا كان المسيرية رافضين لذلك، كذلك الحركة الشعبية تتحدث باسم دينكا نقوك، وبالتالي كل الاتفاقيات كانت تتم بين حكومة السودان والحركة الشعبية كأنما هذه الأرض كانت صحراء. فالناس غابوا وتم تغييبهم، وحتى لا يكون هنالك حديث استعانوا ببعض أبناء المنطقة، ولكن لم تكن لهم ادوار اساسية. من ناحية استراتيجية ما حدث من استفتاء لدينكا نقوك من جانب احادي هل تكون له تبعات؟ هذه «فقاعة» وانتهت، وهي عبارة عن «بالونة طرشقت» ولم يكن لها اي أثر، ونحن كنا نتمنى ان يصدر الرئيس سلفا كير بياناً يصحح فيه هذا الاستفتاء، ولكن لم يحدث، فاذا حدث ذلك معناه انه خرق كل ما تم الاتفاق عليه. أخيراً في أي النقاط تقف القضية الآن؟ الآن تقف في زاوية مظلمة وهي قضية منسية و «مركونة». ما هو رأيك في إدارة الحكومة الآن لأزمة أبيي؟ في تقديري هي إدارة خاطئة.