يعتبر رمضان من المواسم الكبيرة لكثير من المهن في ظل تهافت السودانيين للتجهيز للشهر الفضيل وبتخزين المواد التموينية واللحوم ولكن بسبب الوضع الصعب والأزمة الاقتصادية تضرر الجزارون من هذا الوضع بعد أن هجر الناس شراء اللحوم كما كان في السابق، واستخدموا بعض البدائل لها وهو ما جعلنا نلتقي بعبد الجبار الجزار الشهير بجبرا ليكشف لنا ما يدور داخل محلات الجزارة في شهر رمضان. * كيف يكون يوم الجزار في رمضان؟ يوم شاق يبدأ منذ الصباح الباكر بعد صلاة الفجر أذهب للسوق وأشتري اللحم ومن ثم أعود و أقوم «بتوضيبها» من تكسير وتقطيع ونظافة وبعدها تكون جاهزة للزبائن ولهذا يكون اليوم طويلاً ومرهقاً يصيب الجزارين بالتعب الشديد وخاصة في هذا العام الذي يأتي رمضان في عز الحر. * هل يؤثر الشهر الفضيل على عمل الجزار؟ طبعاً خاصة في الأيام الأوائل من الشهر الفضيل حيث تقل القوة الشرائية بصورة كبيرة ولكن ترجع مع مرور الوقت لوضع مقبول ونجد أن الطلب يتزايد على الأنواع الأخرى من اللحم المفروم ففي الأيام العادية أبيع أكثر من مائة كيلو في اليوم ولكن في رمضان تقل إلى عشرين كيلو فقط وأيضاً تختلف مواعيد الشراء ففي اليوم العادي يبدأ الناس بالشراء منذ الصباح الباكر عند الساعة الواحدة أو الثانية ظهراً يمكن أن يغلق الجزار محلة ولكن في رمضان يكون جالساً معظم الصباحية دون حراك الى الساعة الثانية أو الثالثة فبعدها يبدأ الزبائن في الحضور. * ما هو السبب في ارتفاع أسعار اللحم قبل وأثناء رمضان؟ عدة عوامل ليس للجزار صاحب الجزارة الصغيرة دخل فيها، منها ارتفاع تكاليف النقل وكذلك الأعلاف وأيضاً معظم الجزارين يشترون قبل رمضان كميات كبيرة ويقومون بتخزينها وأيضاً الزبائن يشترون قبل رمضان فيؤثر ذلك على السوق فيكون هناك زيادة في الطلب وهو ما يجعل ضعاف النفوس يقومون باستغلال الموقف لصالحهم. * بالمقارنة بالأعوام السابقة أي شهر رمضان كان جيداً من حيث العمل؟ خلال عملي في الجزارة لم يكن هناك فرق بين السنوات ولكن في آخر ثلاث سنوات أصبح الوضع صعباً على المواطن وعلينا نحن أيضاً ففي الثلاث سنوات الأخيرة تدهورت الجزارة بصورة مريعة والسبب هو الزيادة الكبيرة في أسعار المواشي فكثير من الجزارات أغلقت أبوابها جراء ذلك وهجر الجزارون العمل فلم يعد باستطاعتهم العمل بعد أن خسروا رأس مالهم. * وما الذي جعلهم يخسرون رأس مالهم؟ الكساد، فاللحوم هي من السلع غير المعمرة حيث تفسد خلال يوم أو يومين، فبعد الزيادة الكبيرة في أسعارها ترك الناس شراءها وأصبح من النادر أن تجد محل جزارة يعمل بصورة طبيعة يشتري منه الناس بمعدل ثابت ففي بعض الأحيان يكون البيع جيداً وفي اليوم التالي تنعكس الصورة وهو السبب في ترك الكثيرين للمهنة وعدم المجازفة بما تبقي من أموالهم. * هل رمضان موسم للجزارين كان في السابق كذلك وخاصة في أيامه الأوائل حيث كان الناس يعدون العدة للإفطار والسحور بالمأكولات الدسمة والشهية وخاصة الشواء، فلقد كان كل الناس يشترون اللحوم الصافية لإعداد الوجبات في رمضان ولكن الآن أين ذلك إذا قدم شخص لشراء كيلو أو اثنين تحدث حالة من الذهول وسط الزبائن وفي إحدى المرات أتى شخص وطلب مني عشرة كيلو لحم وبعد مغادرته قال لي أحد الزبائن «انت عارف الزول ده بيكون عنده كرامة». * أشياء يُحرَم منها الجزار في رمضان ؟ العبادة، فشهر رمضان شهر عبادة ولكن بسبب الظروف لا يستطيع معظم الجزارين التعبد مثل بقية الناس، يتلون القرآن الكريم ويجلسون في المساجد لحلقات الذكر، فكما ذكرت لك سابقاً يبدأ يومي من الصباح الباكر وهو بعد صلاة الفجر مباشرة ويستمر حتى وقت قريب من الإفطار بعدها يكون الواحد منهكاً بسبب العمل يرجع وينام وتبدأ نفس الدوامة ولولا الوضع الصعب والضغط الأسري لتفرغنا للعبادة في هذا الشهر. * أفضل الأيام خلال شهر رمضان بالنسبة للجزارين الأيام الأخيرة حيث يبدأ الناس بالتجهيز للعيد وتخزين المأكولات له، فيشترون اللحم بكمية كبيرة لان الجزارات سوف تغلق أبوابها في العيد وهو ما قد يوفر لنا بعض المال لتلبية مستلزمات العيد وقضاء الإجازة بين الأهل والأصدقاء، ولولا ذلك لعملنا أيضاً في العيد.