قلت لو أن الشهادة في سبيل الله تبتذل.. لا بتذلت في غزة.. فغزة اليوم فيها مخزون إستراتيجي من الشهادة والشهداء.. يستشهد فيها الرجال والنساء.. يستشهد فيها الشيب والشباب.. تستشهد فيها الأرامل والصبايا.. والأيتام.. يستشهد فيها كل من فيها.. هل سمعتم بأرض يستشهد فيها حتى الرضع؟ كم رضيع رأيناه شهيداً في غزة.. أحياناً يسبق الرضيع أهله جميعاً بالشهادة.. وأحياناً أخرى يوفدهم أمامه.. حتى إذا كتبت له الشهادة.. تلفت حوله ليجد من يكفنه.. فلا يجد أحداً.. من أسرته.. فيتطوع بعض أهل الحي لتكفينه.. ويحملونه على أكفهم.. ودموعهم تنهمر.. وتنظر إليه وقد لف في البياض.. ووجهه أكثر بياضاً من الكفن الذي لف فيه. بل أكثر بياضاً من الثلج.. فتقول في نفسك لولا أن الملائكة لا يموتون!! إن المدهش والمغري بالشهادة أن أصحاب المعاصي في غزة هم أيضاً يستشهدون.. لو بقي فيها منهم أحد! { عندما يتآمر الشهيد جاءتني هذه في الواتساب: أولا تأجل زفاف الفتاة الغزاوية لاشتداد القصف! ثانياً تأجل الزواج لأن بيت الزوج دمر!! أخيراً ألغي الزواج لأن العريس استشهد!! أي حزن هذا!! عقد عليها.. ثم خرج للجهاد.. خرج للجهاد.. ثم أتاها خبر استشهاده. قلت أنا: هذا يغبطه عليه حنظلة غسيل الملائكة لولا الصحبة!! قال الراوي: وبعد ذلك رأوا مذكرة في أغراضه وقد كتب فيها مخاطباً عروسته: والله ما عقدت عليك لأظلمك.. ولكن قيل لي إن الشهيد يشفع في سبعين من أهله فأردت أن تكوني رفيقتي في الجنة!! قال الراوي: في غزة الحب مختلف. وقلت: يا أهل غزة علموا أهل الدنيا الحب! وعلموهم الاستشهاد.. وعلموهم كيف تكون مؤامرات الأخيار!! فالمؤامرة هي كل ما حاولت إخفاءه. فصلاة السر مؤامرة.. والصوم في رمضان وفي غير رمضان مؤامرة.. وصدقة السر مؤامرة.. ودعاؤك لأخيك بظهر الغيب مؤامرة.. وهذه وغيرها كثيرة هي مؤامرات الأخيار.. لا يحسنون سواها. { عامر بن بهدلة يطمئن أهل غزة مر عامر بن بهدلة برجل من الصالحين الذين صلبهم الحجاج فقال عامر بينه وبين نفسه: يا رب إن حلمك بالظالمين قد أضر بالمظلومين. ونام عامر تلك الليلة فرأى في منامه أن القيامة قد قامت وكأنه قد دخل الجنة ورأى ذلك المصلوب في أعلى عليين. وإذا بمنادٍ ينادي: «حلمي على الظالمين أحل المظلومين في أعلى عليين». قاله الزمخشري في «ربيع الأزهار». قال الراوي: وأصدق من ذلك قول الله تعالى «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين». وقوله تعالى:«ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم». فإذا مرت بك خاطرة مثل خاطرة عامر بن بهدلة فاصرفها.. واسترجع.. واستغفر.. فما أنت بأقدر من الله على الظالم.. ولا أنت بأرحم من الله بالمظلوم. { خرنج بالمصري.. خُرج بالسوداني إذا قال المصري لأخيه المصري يا خرنج.. فقد أبلغ في شتمه.. وسبه.. ولكن عندما يقول المذيع أو المقدم لرئيسه.. أنت خرنج.. أنت معندكش دم.. كل هؤلاء الشهداء في رقبتك يا ريس.. ومصر دلوقت وطن ما يشرفنيش.. والعالم كله بتفرج علينا يا ريس.. وقطر تفت في وشنا.. والبيان القطري يوجه إلى دولة ليس لها سيادة ودولة تافهة.. وأنا أحس بأني تافه.. أنا ما يشرفني أنه أنا أكون ابناً من أبناء هذه الدولة الضعيفة دي.. جَرب حد يعمل كده مع حماس.. مع السعودية.. مع قطر مين أنت؟ أنت إزاي ضعيف كده؟ أنت إزاي ضعيف كده وخرنج؟! مقدم البرنامج عمرو أديب طفح به الكيل.. ولم يستطع أن يتحمل.. وبتلقائية عجيبة.. وبمصرية عميقة ومتجذرة صدرت العبارة التي لا تصدر إلا من مصري أصيل. وخرونج هذه كلمة معبرة جداً جداً.. بحروفها ونطقها ومجالات استخدامها في العامية المصرية.. ولا أظن أن لها علاقة بكلمة خِرْنِق صغير الارنب. لأن ضبط خِرْنق بكسر الخاء والنون، والكسر عادة يكون للتصغير والتلطيف والتقليل، والضم للتعظيم والتهويل.. وهو يجري مجرى الطبع العربي وقيل الخُرُنْق أو الخُرُنج بالعامية المصرية هو الأهبل أو التافه أو المغفل، وقيل هو شخص خارج المنافسة وقيل هو من لا قيمة له. أقرب شبيه لها كلمة «خُرُج» في العامية السودانية والخرج لا يشارك بأي شيء إنما يُملأ ويفرغ ولا يدري ما صب فيه ولم وكيف.. ولا يدري متى ولا أين ولا كيف يفرغ منه!! والخرج في العامية السودانية هو الدلدول وفي الفصحى الإمعة. خلاصة القول.. أرى أن عمرو أديب قد غضب من شأن غزة وبلغ به أن تحدث وقال عن أن «أهل غزة هم أهلنا».. «وأهل فلسطين هم أهلنا».. «وأن مصر خاضت حروبها كلها من أجل فلسطين».. لله درك من مقدم برامج.. شاهدوه!! { وجدي غنيم: لله دره أما وجدي غنيم فلله دره.. طالعه على اليوتيوب إن أردت وأيضاً هو من أجل غزة؟! غزة هذه الأيام هي معراج الأخيار إلى السماء!!