يتعين بادئ ذي بدء، الإشادة بقرارات رئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس، التي صدرت مؤخراً فيما يتعلق بإعتماد وإنفاذ توصيات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية وتنظيم تجارة الذهب، وخاصة ضبط التصدير العشوائي المنفلت منذ 2019 م فأفضى لتناقص الإحتياطي القومي الاستراتيجي، والتدهور المريع والفوضوي في قيمة الجنيه، وتدني معدلات تبادله مقابل العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، فضلا عن تفشي الفساد الإداري، وانتشار شبكات التهريب، في ظل غياب المساءلة المؤسسية وحكم القانون. ولكي تأخذ هذه القرارات فاعليتها، وتتنزل آثارها الإيجابية على أرض الواقع، يتعين تعزيزها بأخرى لا تقل أهمية، ريثما يتعافى الاقتصاد الوطني تماما خلال فترة ما بعد الحرب المفروضة على البلاد واستهداف اقتصادها. فالمطلوب اليوم وبإلحاح مسؤول، إلغاء الرسوم الجمركية على كافة السلع الرأسمالية الضرورية للتنمية وإعادة الإعمار، كأدوات وآلات ووسائط الإنتاج الزراعية، وماكينات المصانع، والتعدين، والشاحنات، وقطع الغيار، وأجهزة توليد الطاقة الشمسية، وهلم جرا. كذلك يتعين تخفيض ضريبة الدخل والأرباح corporate income tax على كافة الشركات العاملة في مجالات الإنتاج الزراعي، والأمن الغذائي، والبنيات التحتية، بحيث لا تتجاوز نسبتها 10% كأقصى حد. وهذه إجراءات ضرورية وحتمية لجذب أكبر عدد من الشركات الوطنية لإستئناف أعمالها، واستقطاب أعظم قدر من رأس المال الوطني والدولي للاستثمار في القطاعات الأساسية والحيوية، المفصّلة في مصفوفة المشاريع ذات الأولوية القصوى لاستعادة البناء، وتسيير عجلة الإنتاج، وتعظيم معدلات الإنتاجية بأعجل ما يتيسر. كذلك يتعين إعفاء كافة المستثمرين من القطاع الخاص من ضريبة الأرباح، ولفترات لا تقل عن عشر سنوات، وخاصة للشركات العاملة بنظام البوت BOT في قطاعات البنية التحتية، ومشاريع المساندة الضرورية للتنمية المستدامة، كالطاقات المتجددة، وبناء الطرق، والجسور، والسدود، ومواعين التخزين الحديثة، ذات القدرات والسعات التخزينية العظمى، كصوامع الغلال، والمخازن المبردة، وفي مجال التنقيب في الغاز والنفط والمعادن النادرة. كذلك يتعين منح إجازات ضريبة tax holidays حفزاً للمستثمرين في النشاطات التي لا تحظى بالعائد السريع. وفضلا عن ذلك يتعين على بنك السودان المركزي توجيه كافة البنوك الوطنية بتقديم القروض الميّسرة لإنعاش الاقتصاد الوطني، واستعادة النشاط الانتاجي وخاصة في مجالات الإنتاج الزراعي، والتصنيع الغذائي، واستعادة تشغيل كافة المصانع التي توقفت بسبب اعتداءات الميليشيا، وخاصة تلك التي نُهبت وعُطلت. ومن تلقاء ذلك يتعين أن تكون أولوية التمويل لكافة المؤسسات الإنتاجية التي لديها قضايا تنتظر الفصل أمام نيابة تعويضات الحرب. فبدون هذه التدابير يتعذر تصور إمكانية استعادة نشاط هذه القطاعات الإنتاجية والصناعية، التي تمثل قاعدة وأس البنية الهيكلية للاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل لقطاعات مقدرة من المواطنين. لذا علينا ألا نخدع أنفسنا بتعافي اقتصادي متوهم، يقوم على جبايات وإتاوات مجحفة، تفرضها قرارات محلية وولائية بيروقراطية فوقية، قصيرة النظر وغير مدروسة وبلا سقوف، وغير معنية بأضرارها التدميرية التعاقبية طويلة المدى على الاقتصاد الكلي. وخاصة فيما يتعلق بتوفير فرص العمل، وإمكانية هروب رأس المال الوطني، وعزوف الاستثمار الأجنبي الخاص FDI. فالتحدي أمام الحكومة هو توفير وظائف للآلاف من خريجي أكثر من 70 جامعة في البلاد ظلوا هائمين على وجوههم منذ خمس سنوات دون عمل، وكذلك للكثير من الشباب في الولايات بالبلاد. هذا هو الواجب والمأمول، وهذا هو التحدي الماثل أمام حكومة الأمل ومقياس نجاحها. فأقرب الدول منا كإثيوبيا ويوغندا ورواندا، ناهيك عن سيشيل وموريشوص، أحرزت معدلات نمو متفوقة بالتطبيق الصارم لهذه التدابير وتطبيق مبادئ الحوكمة الإدارية والمؤسسبية. ففي إثيوبيا بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي الخاص عام 2024م مبلغ 4 مليار دولار. وفي رواندا وموريشوص تتراوح ضريبة أرباح الأعمال مابين 10 – 14% وهي دول مستقرة وخالية من مهددات الحروب والانقلابات العسكرية. ومما يجدر ذكره أن معظم هذه التدابير اعتمدتها كافة دول الإتحاد الأوربي وأمريكا وكندا وغيرها عقب جائحة وباء كورونا، فاستعادت بها معافاة شاملة لاقتصاداتها الانتاجية والمالية التي تأثرت بالجائحة وفي فترة وجيزة. لا شك أن ما أصاب السودان عقب 15 أبريل 2023م لا يقل خطورة ولا سوءً من جائحة كورونا. فلذا يتعين مجابهته بتدابير جدّية، واجراءات واقعية وواثقة، لبلوغ المقاصد التي استهدفتها توصيات الخبراء وأهل الإختصاص المضمنة في تقرير اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية. دكتور حسن عيسى الطالب إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة