«أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي»، القرار الذي أصدرته الحكومة أول أمس بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية بالبلاد بسبب تمدد المذهب الشيعي في بلادنا السنية، تأخر كثيراً. لكن صدوره على كل حال ينبغي الترحيب به وتثمينه لما له من تأثير إيجابي من الحد من انتشار تلك الدعوة الهدامة في المجتمع، وقد ظل كثير من السياسيين والتنفيذيين في الحكومة يقللون من انتشار المد الشيعي بحجة أن السودانيين محصنون من هذا المذهب بحكم تربيتهم السنية الحاضة على حب صحابة رسول الله صلى عليه وسلم وفطرتهم السليمة التي تنأى عن مثل تلك الدعاوى. مع أن التشيع في السودان بات حقيقة ماثلة، وأصبح له أتباع ثم تطور إلى مرحلة ما يعرف بالحسنيات بالخرطوم وهو أمر أشار له د. عصام أحمد البشير رئيس مجمع الفقة الإسلامي عندما تحدث في وقت سابق عن مخاطر التمدد الشيعي في السودان، إضافة إلى تحذيرات عديدة أطلقها الحادبون على العقيدة السنية السليمة، وكان لجماعة أنصار السنة المحمدية السبق في دق الأجراس بصورة واضحة لتبيان هذا الخطر الخبيث علاوة على جماعات سلفية أخرى بل وصوفية أيضاً. وقد لاقت خطوة إغلاق المستشاريات الإيرانية ارتياحاً كبيراً في المجتمع السوداني، وهي خطوة نادرة من الحكومة الإسلامية في الخرطوم في سبيل الحفاظ على العقيدة الإسلامية، فقد ظلت البرجماتية في ظل الأزمات العديدة التي تواجه البلاد هي الترياق الوحيد للتصدي لها، وهو أمر كانت له إسقاطاته السلبية على مبادئ ومرجعية الإنقاذ التي حكمت من أجلها البلاد في العام 1989، إذ يرى الكثيرون أن الثمن المدفوع كقربان لعلاقة الخرطوم مع طهران كان باهظاً، سيما على الصعيد العقدي والسياسي والسلام الاجتماعي، كما أن مردوده الاقتصادي كان دون الطموحات بكثير. والآن بعد صدور قرار إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية لا بد أن تعقبه خطوات على الصعيد المرحلي الآني والإستراتيجي لكنس آثار التمدد الشيعي في بلادنا وتأثيره على عدد من شبابنا الغض، فالأمر يتطلب وضع خطة تستهدف هداية الشباب الذين تم تضليلهم وتغبيش وعيهم، كما لا بد من المسارعة بتجفيف مراكز الدراسات المتخفية في ثياب التقية في الخرطوم، وتسريح الأستاذة الجامعيين أو المعلمين في المراحل المختلفة المحسوبين على هذا المذهب الضال لحماية النشء من ضلاله إن كان لهم وجود بالفعل في ذلك القطاع المهم، إضافة إلى ضرورة رفض المنح الإيرانية في مجال التعليم أو التأهيل أو التدريب في المجالات المختلفة، وإيقاف التعامل مع الخبراء الإيرانيين في التخصصات كافة، مع ضرورة الرقابة على المشروعات الاقتصادية الحالية التي تديرها عناصر إيرانية، والتأكد من عدم تحولها إلى أداة بديلة للمراكز الثقافية التي تم إغلاقها، مع تكثيف الرقابة على الشيوخ الضالين الذين تم استقطابهم لخدمة المد الشيعي في السودان. أخيراً، إن فعلنا هذه الخطوات وغيرها نكون بالفعل قد دعمنا قرار تجفيف المراكز الإيرانية وحولناه إلى واقع ملموس، وليس مجرد قرار إداري أو سياسي يمكن الالتفاف حوله حتى لا نكتشف ذات يوم أن تلك المراكز التي أغلقت أبوابها، عادت مجدداً عبر نوافذ أخرى تدعمها بعض العناصر الانتهازية والضالة.