أشارت المصادر إلى أن زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» من المتوقع حضوره قريباً للمشاركة في حولية زعيم الطائفة الختمية الراحل علي الميرغني، والمعروف أن الميرغني غاب عن البلاد أكثر من عام، بينما كان قد عاد لأول مرة في عهد الإنقاذ بعد خروجه من البلاد في الخامس من نوفبر 2008م، والتي لم يكن مخطط لها، إذ أنها كانت بسبب مرافقته لجثمان شقيقه أحمد الميرغني الذي توفي فجأة في مصر، فقد غطت سحابة الأحزان الداكنة وهيبة الحدث على كرنفال الاتحاديين الحاشد الذي كان الاتحاديون ينوون عبره استقبال زعيمهم محمد عثمان الميرغني، لكن قبل ذلك، فقد عقد الميرغني مع الحكومة اتفاقية جيبوتي في العام 1999م، ثم اتفاقية القاهرة في عام 2005م مع التجمع الوطني الذي يرأسه الميرغني، وجميعها لم تلب أشواق الاتحاديين في العمل السياسي، ثم بعد ذلك تكرر مسلسل الخروج والحضور، ولعل غير المتابع للأوضاع السياسية قد يعزو هذا التطاول في الغياب عن الوطن لموقف عن عدم رضا الزعيم عن الحقبة الإنقاذية، وأنه ما زال غير مستيقن للتحولات التي أعقبت انقلاب الإنقاذ في العام 1989 التي كان حزبه التاريخي وصيفاً في الحكم وفق النتائج الانتخابية التي جرت في أجواء ديمقراطية لا لبس فيها، لكنه الواقع وإسقاطاته تشير إلى غير ذلك، فالحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني شارك في الانتخابات الماضية التي لم ترض نتائجها الحزب، لكن البرجماتية انتصرت وقادت الحزب للمشاركة، فولج ابن الزعيم جعفر الصادق مساعداً للرئيس بالرغم من أن مشاركة الحزب لاقت وقتها اعتراضاً مقدراً من القواعد، لكن الميرغني احتواها بعباءة الكارزيما وها هو الحزب الآن يفكر في الولوج إلى الانتخابات الجديدة في العام القادم وسط تساؤلات حول مدى مرور هذا القرار على مكانيزيم المؤسسية داخل الحزب، وعن مدى دراسة هذه الخطوة بشكل منهجي وإسقاطاتها ليس على سبيل الكسب المحدود المتولد من التفاهمات التي تتم مع «الوطني» حول الدوائر الانتخابية وما بعدها من حصص سياسية، لكن فيما تخلفه من تأثيرات قيمية تمس أدبيات الحزب الديمقراطية وعراقته وكسبه الانتخابي السابق في النظم التعددية، ومن حيث المبدأ لا توجد مشكلة في مشاركة الحزب في الانتخابات، لو كان هذا القرار ناتجاً عن قرار جمعي في الحزب يعبر عن القواعد، بيد أن الحزب الاتحادي العريق الذي عصفت به الانشقاقات في هذه الحقبة وشكل زعيمه محمد عثمان الميرغني غياباً مستمراً خارج أسوار الوطن كما أشرنا، لم يعد قادراً على التقاط أنفاسه ولعب دور سياسي يتناسب مع عراقته السياسية التي تشكلت منذ بواكير الحركة الوطنية. ومن الواضح أن الحزب الاتحادي رغم بروز العديد من الأصوات الرافضة للسياسة البصم والمباركة في زمن انداحت فيه الكارزيمات وعلت فيها الإرادات السياسية داخل المنظومات السياسية وإن حاولت القيادات ومراكز القوى قمعها وتدجينها، ما زال الحزب في حاجة ماسة لتجاوز البعد الطائفي والكارزيما الزعامية والدليل على ذلك هى الأصوات التي ترفض حتى مجرد مناقشة عملية الإحلال والإبدال في سدة الزعامة، وقبل عدة أيام استنكر قيادي اتحادي الحديث عن هذه القضية ابتداء وكأنها من المحرمات. أخيراً «البركة في الحولية الجابت الميرغني»، لكننا نطالب بحولية من نوع آخر، حولية ينعى فيها الحزب نهجه القديم ويتخلى عن بعض الثوابت التي كرستها بعض المفاهيم المتوارثة، حولية «يعرض» ويصول فيها شباب الحزب وهم يستشرفون عهداً يعلو عبر ماكنزيم الحداثة واشتراطات التطور السياسي، ويتكئ فيها حيران السياسة في خلاوى الاعتكاف الأبدي.