لم أكن أتوقع أن ينحرف مسار الزيارة الودية الذي دأب عليها ضيفي والأب الروحي لأعضاء المجموعة عبر المواقع الاسفيرية ترسيخاً لمبدأ التواصل الاجتماعي بين الأعضاء.. (الإنتباهة) كانت نصيبها من الزيارة هذه المرة، بعد الترحيب وواجب الضيافة بهُنيهة انقلب مجرى الحديث فجأة إلى منحى آخر ليشمل هموم البلد وتشخيص الأزمة السودانية عبر مراحلها المختلفة خاصة الأزمة الراهنة التي تبلورت في قضايا ضرورية ومُلحة للغاية منها الفساد والإصلاح والشورى والديمقراطية داخل الحزب الحاكم سيما المرحلة المفصلية التي يمر بها السودان في أن يكون أو لا يكون، ضيف (الإنتباهة) الدكتور أسامة توفيق الطبيب الشهير بكافة التخصصات قبل أن يهجر مهنة الطب متفرغاً للعمل الطوعي والإنساني من ثم السياسي، كان أحد المنشقين عن حزب المؤتمر الوطني مع مجموعته الإصلاحيين بعد حالة (التململ) الذي دفع بهم لرفع مذكرة لرئاسة الجمهورية والمُطالبة بالإصلاح التي ظهرت بوادرها عقب مفاصلة الإسلاميين الشهيرة، مجموعة الإصلاحيين التي شقت عصا الطاعة شكلت ما يسمى (حركة الإصلاح الآن) بقيادة دكتور غازي صلاح الدين وتقلد توفيق مسؤولية الإعلام بالإصلاح الآن ومن ثم مسؤول دائرة الفئات حالياً، له آراء واضحة وجريئة لا يخشى في الحق لومة لائم متحدثاً بكل المنابر الإعلامية عن انتهاج الحزب الحاكم سياسية اختراق الأحزاب وتفكيكها واقصاء الآخرين وتكريس المحاصصات القبلية والجهوية وغيرها، يبدو من قسمات وجه توفيق قلقه الواضح على مستقبل السودان لم يتذمر قط من الحوار المباغت بل أخرج من صدره هواءً ساخناً شخص فيه الراهن السياسي ووثيقة الإصلاح المطروحة وتعزيز الشورى والديمقراطية وضرورة إنجاح الحوار الوطني المطروح ودلف توفيق إلى مسألة ترشيح البشير مجدداً وعن الانتخابات القادمة ومجمل الهم العام فإلى مضابطه... كيف تنظرون كحركة إلى إعادة ترشيح الرئيس البشير لدورة جديدة؟ نحن ننظر في حركة الإصلاح الآن وبعض زملائي في الحركة داخل المؤتمر الوطني أن التغيير لا بد أن يكون تغييراً حقيقياً وشاملاً يضم كل المراحل القيادية وبهذه الطريقة هناك جيلين لم يتمكنوا من الاطلاع بمهامهم الوطنية، لذلك نعتقد جازمين لايمكن القيام بإصلاح حقيقي وأنت مسيطر (25) عاماً وتريد الآن تمديد خمس سنوات أخرى يعني (30) عاماً، وهذه وجه نظري لا بد من قولها لازم السلطة تكون متداولة بين الناس لخلق مجتمع قيادي لإيجاد فرص للشباب لتولي مقاليد زمام الأمور، هذه نقطة أولى ومهمة جدًا. إذاً المؤتمر الوطني يناقض نفسه لأن هناك شعارات وتصريحات صدرت منه بأن المرحلة القادمة للشباب فقط؟ نعم رفعوا تلك الشعارات لكن لم يعملوا بها وإذا نظرنا إلى مكتبهم القيادي نجد 85% فوق الستين وهذا ما نعتبره مُؤشر نكوص وعدم إيفاء بالوعد المقطوع على قواعدهم، الأمر الثاني والأهم وهذا ما يعني الشعب السوداني هناك مخالفة واضحة للدستور لأن المادة (57) من دستور السودان الانتقالي لعام 2005م وهي تنص أن التجديد لرئيس الجمهورية دورة ثانية فحسب بهذا النص ويعني أن تكون من 2010 إلى 2015 فقط وما عدا ذلك خرق للدستور ومؤشر سالب لأن الدستور أبو القوانين مثل الصلاة (إذا أضاع الصلاة فما سواها أضيع) وهذا ما يجعلنا نشكك في ماذا إذا ما تم إبرام اتفاق حتى يتم الالتزام به، ونحن من خلال عهدنا بالوطني منذ أن كنا في الداخل أن عشرات الاتفاقيات التي أبرمت وتم توقيعها خرقت ولم تنفذ، وعلى سبيل المثال نجد حرية الصحافة واحدة من بنود الدستور على الصحافة ممارسة حريتها المكفولة وعلى الحكومة اللجوء للقضاء وليس من حقها مصادرة الصحف واعتقال الصحافيين مثلما تفعل الآن خاصة بعد إطلاق الحوار الوطني وهذا يعطي إشارات سالبة للغاية والرئيس قالها صراحة (لن نسمح بمراكز قوة داخل المؤتمر الوطني) خاصة هناك مراكز قوة وصراع عنيف جدًا داخل الوطني، لذلك كانت تصريحات الرئيس من منطلق الحفاظ على ما تبقى منهم. هل الصراعات العنيفة تؤكد ما رشح حول وجود تيار بالداخل رافض لهذا الترشيح؟ هناك تيار كبير داخل الوطني غير مؤيد هذا الترشيح نستطيع تسميتهم بالتيار الإصلاحي كله قالوا: بأن مذكرة الإصلاح التي تم إعدادها من (400) صفحة يجب تنفيذها بأكملها مثل الخطة الإستراتيجية الربع قرنية والبرنامج الاقتصادي الثلاثي والخماسي، الرئيس حتى الآن رئيس المؤتمر الوطني ورئيس جمهورية سابق تنتهي مدته 2015 والمكتب القيادي له الحق في اختيار المرشح لكن إذا تم ترشيحه إلى فترة ثالثة سيكون للإصلاحيين رأي واضح وهذا يدل على أن حزب المؤتمر الوطني على أعتاب الانشطارات وانشقاقات مبكرة بالحزب قبل إتمام اللعبة التي حُبكت بذكاء. المكتب القيادي يرى أن إعادة ترشيح الرئيس تطلبته المرحلة القادمة؟ هذا الحديث يُقال كل يوم ولحظة وفي تقديري مبررات فحسب، إذا نظرنا للوضع الراهن نجد الآتي حصار دولي، وضع اقتصادي متردي وحروب داخلية جملة هذه الأشياء ناتجة من إفرازات حكم (25) عاماً هل تستطيع معالجتها وإصلاحها في الخمسة أعوام القادمة؟ مثلاً لو كنت في وقت نموذجي لوجدت مبررًا للتمديد، حتى من ناحية العلاقات الدولية نجد محور مصر والسعودية أجبرنا له (ما عندنا قروش ونحتاج لدعم إقليمي). لكنه ذكر أنه رفض واعتذر مراراً عن الترشيح لكن المكتب القيادي أصر عليه إضافة إلى الشعب السوداني أيضاً؟ نترك الشعب جانباً لكن حتى في المؤتمر الوطني لم يؤكدوا عليه بالإجماع والجهة التي رشحته هي مجلس الشورى، أعضاء مجلس الشورى يتكون من (600) عضو حصل (266) أقل من النصف إذاً هناك (234) من الأعضاء غائبون لذلك تعتبر جلسة مجلس الشورى غير قانونية لعدم حضور أغلبية الأعضاء، لأن النظام الأساسي يعتمد حضور 75% من العدد الكلي وليس 42% الحضور كان (396)، وقالوا إن أعضاء الشورى (522) إضافة (130) زائد الغياب وهناك تعليمات قبل المؤتمر بحضور الرئيس وبالرغم من ذلك كان الغياب واضحاً وملحوظاً هذا الغياب مؤشراً خطير ولا بد من وضع علامة استفهام كبيرة؟ أما الأمرعندما يُطرح للشعب حينها فلكل حدث حديث وله رأي واضح بهذا الصدد ما لم تكون انتخابات مثل عام 2010 والجميع يعلم ما تم فيه آنذاك. ماذا حدث في انتخابات عام 2010م وحينها كنتم بالداخل وجزء من هذا النظام لماذا تغاضيتم عن تلك التجاوزات؟ بالفعل كنا داخل المؤتمر الوطني التيار الإصلاحي والجميع يعلم أن انتخابات 2010 لم تكن حرة ولا نزيهة آنذاك ونخشى تكرار السيناريو فى انتخابات 2015 تحدثنا مراراً و تكراراً بهذا الصدد لكن دون اصغاء، مثلما يحدث الآن مع دكتور أمين حسن عمر ظل يتكلم أيضاً دون أن يُصغي له وعندما ضاق ذرعاً اتجه للحديث في الصحف برأيي لم يكتفوا بإبعاده من المكتب القيادي وأتوقع فصله من الحزب، أما نحن بالداخل نسبة لأننا جاءنا من مدرسة عقائدية والمعروف عن الأحزاب العقائدية داخل الاجتماعات الجدال تكاد تصل إلى مرحلة الضرب والاشتباك لكن في النهاية يتم الالتزام بقرار الأغلبية حتى لو الرأي كان مخالفاً هذا الشيء لم نجده سوى في الأحزاب منضبطة العضوية، نحن لم نسكت عندما كنا في الداخل كما يعتقد البعض د. غازي عندما كان رئيساً للكتلة البرلمانية صرح في مؤتمر صحفي بعدم شرعية ترشيح الرئيس فوراً تمت إقالته، وقبل خروجنا بسبعة أشهر أجريت حواراً مع «الإنتباهة» نفسها أوضحت فيه بأن المؤتمر الوطني كحزب يمضي إلى أسباب فنائه داخلياً لأن هناك مُحاصصة قبلية وجهوية. هل تقصد بهيمنة المركز على الولايات خطوة تعديل الدستور لتعيين الرئيس الولاة بدلاً من انتخابهم بواسطة الشعب؟ بالضبط أقصد ذلك، عشان يكون هناك كنترول الرئيس في المركز على الوالي طبعاً، صحيح انتخاب الولاة والتصعيد أفرزت أشياء غير حميدة منها قبلية واستغلال نفوذ في نهر النيل الوالي الوحيد هو الذي سقط أما في بقية الولايات فكل الولاة فازوا. برأيك ما هو الحل؟ الحل يكمن في مزيد من الحريات وبرأيي هذا الاتجاه لو طُبق هذا يعني الرجوع إلى سيطرة وهيمنة المركز على الولايات مجدداً ويعني تعيين الرئيس (18) والٍ يتم خلاله السيطرة المباشرة إضافة إلى عدم إعطاء الشعب اختيار من يُصلح هذا الأمر يتطلب المزيد من اتاحة الحرية ومحاولة إعطاء جرعات التحصين ونعتبر تعيين الولاة ردة عن الديمقراطية هذا التعديل هو إمعان قبضة قوية من المركز على الولايات وسيزيد الأمور تأزيماً، بالعودة إلى الوراء في 99 هذه النقطة التي أخرجت الترابي كان سببه تعيين الولاة بدلاً من انتخابهم بمعنى العودة إلى المربع الأول، الحل الوحيد لمحاربة الجهوية التي دمرت السودان وهي العلة الحقيقية حلها يكمن في المزيد من الانفتاح والديمقراطية والتعايش، لذلك نحن في حركة الإصلاح الآن طرحنا شعار (وطن يسع الجميع) والآن آلية (7+7) أخذت الشعار نفسه وقولنا الحوار يجب أن يشمل كافة القوى السياسية من أقصى اليمين إلى اليسار دون استثناء أو اقصاء لأي قوى بما فيها الحركات المسلحة طالما طرحت حواراً يشارك مناطق الهامش بسلطة حقيقية المانع شنو يكون الرئيس نفسه من دارفور أو جنوب كردفان حركتنا طرحت هذا الشيء من قبل. عفواً د. أسامة هناك اتهام من البعض بنخبوية وصفوية حركة الإصلاح الآن؟ حركة الإصلاح الآن قامت عبارة عن صالون أو منتديات تقام كل أسبوعين بمنزل د. غازي صلاح الدين لمناقشة بعض القضايا المُلحة منها القبلية والجهوية لكن إعلان الحركة تم في حدث مفصلي وهو أحداث سبتمبر المنصرم وقولنا نرفض الإجراءات الاقتصادية نرفض قتل المتظاهرين في الشوارع وطالبنا بالتحقيق العادل والحاسم والسريع ودي مذكرة ال (31) يبقى هنا انتقلنا إلى خانة الجماهير صوت وخروج المذكرة آنذاك كان انحياز للجماهير مائة في المائة كل الموقعين فقدوا وظائفهم لذلك ما يجي واحد ويقول انتو بعد طلعتوا الكلام دا قلناه ونحن ما زلنا بالداخل وكنا ندرك تماماً سيتم مُعاقبتنا الآن، حركة الإصلاح الآن منداحة مؤتمرنا العام قام بالفين عضو وعمر الحركة كانت أربعة أشهر والألفين عضو مُثلت فيها كل ولايات السودان والزيارات التي قامت بها الحركة للولايات تم استقبالنا بحفاوة أدهشنا منها.