إخلاص أحمد الاعتذار سلوك حضاري ودليل على الرقي وحسن التربية والأخلاق الحميدة. فكلمة «آسف» لا تقلل من شأن أو مقام إنسان، بل ربما تجعله اسماً في نظر الآخرين ممن يقدم الاعتذار لهم. فنجد البعض يوليه كل الاهتمام ويقدمه بكل حب وصفاء قلب، بينما يعتبره البعض ضعفا ونقصا. فالاعتذار إحساس ومشاعر نبيلة نقوم به تجاه من سببنا له الإساءة أو قمنا بالتقصير ناحيته، وهو خلق يجب أن يتسم به الإنسان. فهل ثقافة الاعتذار موجودة فى مجتمعنا السوداني الذي غالبا يستخدم كلمة «معليش» تعبيراً عنه. «الإنتباهة» وقفت على ذلك الجانب من ثقافة وأساليب الاعتذار، واستطلعت عنه فكانت الحصيلة التالية: ميادة علي: إعلامية تقول بهذا الخصوص ثقافة الاعتذار للأسف غائبة لدى الكثيرين في مجتمعنا، فبعض الأشخاص يرون ان الاعتذار «عيب» وأنه يقلل من شأنهم، والبعض لا يعتذر برغم علمه بانه أخطأ في حق غيره ويكون ذلك غالباً بدافع التكبر والتعالي، فتسمع عند هؤلاء كلمة «أنا اعتذر مستحيل طبعاً». واعتقد أن ثقافة الاعتذار دليل على حسن التربية والتواضع والرقي في التعامل، والاعتذار لا يقلل من شأن قائلها، بل يزيد من احترامه بين الناس، وليس من العيب الاعتذار لأشخاص أخطأنا بحقهم، بل العيب والعار ان نتعمد عدم الاعتذار. وأنا من الأشخاص والحمد لله الذين اذا أخطأوا بأى حال من الأحوال تجدني أبادر فورا بالاعتذار له وفي بعض الأحيان اشعر بالضيق اذا لم اعتذر. ويقول علاء الدين مبروك: موظف بمركز حاسوب: الاعتذار شيء جميل، والإنسان الذي يقوم بالاعتذار إنسان مثقف وفاهم، والاعتذار موجود في مجتمعنا ولكن النظرة تختلف إليه من شخص لآخر. فنجد هناك بعض الناس يعتبره نوعا من الثقافة والذوق والادب والاحترام، بينما يعتبره البعض نوعا من المزلة والمهانة وضعف وعدم قدرة وهذا يحدده الأسلوب والشكل الذى يقدم به الشخص الاعتذار، واعتبر الاعتذار كذلك لغة نبيلة من شخص مهذب سواء كانت هناك مشكلة او اذا لم توجد مشكلة اساساً وذلك بان يقوم الشخص بالاعتذار عن غلط بدر منه لشخص ما، وبدون مشكلة وهى بان يكون عادة تكون تربية فى الشخص كاعتذاره عن اتصال تلفوني خاطئ لم يقصده فيبادر بكلمة «آسف للازعاج». وهناك ايضاً من يعتذر عن خطأ ارتكبه غيره ويتحمل مسؤوليته بان يقول «معليش ياخ أمسحا لينا في وشنا». قالت إنصاف مصطفى «موظفة» بهذ الصدد: أنا من الأشخاص الذين يقدمون الاعتذار للآخرين حتى فى الأخطاء البسيطة وغالبا اعتذر اذا وعدت وأخلفت أو حال وعدت بإنجاز شيء ولم أوفق في القيام به، فمن البديهى ان اقوم بالاعتذار وبطريقة مثقفة، لاني وعدت واعتبر ذلك من باب الثقافة والاحترام للطرف الآخر، ولكن نجد البعض يتجاهلون تلك الناحية حين يخطئون وهناك من يوعد بشيء ولا يفي به وعند سؤاله لا يقدم الاعتذار ويقول بكل بساطة «آآخ نسيت». الصادق عبد الله: د. صيدلي قال عن الاعتذار: هو نوع من الثقافة والرقي ولكن يعتقده الجاهلون إهانة للنفس، ودائما يجب على الانسان ان يضع فى مخيلته اذا كان الاعتذار ثقيلاً على نفسه فعليه ان يتذكر ان الإساءة أثقل على نفوس الآخرين، فيجب ان لا نعتبر الاعتذار نوعا من الذل أو العار، وأن نبادر به حال اخطأنا، وان نتقبل كذلك اعتذار الآخرين من الذين أساءوا إلينا طالما أحسوا بذنبهم. وأضاف: أنا صراحة أحب الاعتذار. «نحن كطلاب جامعات نتمتع بنوع خاص من ثقافة الاعتذار ودائما نستخدم كلمة سوري»، هذا ما جاء على لسان الطالبة إسراء محمد التى اضافت بأن sorry الاعتذار يعتبر نوعاً من التحضر والرقي ويستخدم دائما فى المجتمعات الراقية والمثقفة، وهي كلمة موجودة وشائعة بكثرة فى المجتمع الجامعي، تقال بكل عفوية ولا تلاقي الاعتذار بصدر رحب وابتسامة وختمت حديثها قائلة: «كلنا شيء واحد». وفي رأي علم الاجتماع عن الاعتذار تقول أ. سناء محمد: الاعتذار من منظور اجتماعي يشير إلى التساند، ولكن نجد ان ثقافة الاعتذار والتي دائماً تنشأ في حال حدوث خطأ ليست متوافرة لدى الكثيرين في مجتمعاتنا بالشكل المطلوب، كما يشعر البعض بالحرج عند تقديم الاعتذار رغم ان ثقافتنا العربية الإسلامية تؤكد على ضرورة الاحترام، وهناك من يتصرف تجاه من أخطأ في حقه، وكأن شيئاً لم يكن، وهذا من الخطأ ومما يجعله مرتبكاً أمام الشخص الآخر، وغالباً ما يؤدى عدم الاعتذار إلى إنهاء صداقات وعلاقات اجتماعية طيبة.