قبل أشهر من الآن نشرت صحيفة «الإنتباهة» خبراً عن مشكلة مياه شمال كردفان وفي الخبر خطة حكومة الولاية للحل الجذري وهو نقل المياه من النيل الأبيض إلى شمال كردفان لكن الخطة يعوزها التمويل، فلم يمضِ وقت طويل حتى اتصل شاب سوداني مقيم في دولة قطر ويعمل في بنك قطر الوطني اتصل هاتفياً بالباشمهندس الطيب مصطفى رئيس مجلس إدارة الصحيفة قائلاً: إنه قد قرأ الخبر ومستعد لتمويل المشروع فقط يريد أن يصل إلى الجهات المعنية بتنفيذه حتى ينسق معهم طريقة وصيغ التمويل ويقيني أن الرجل قد ربطه بسلطات الولاية لكن حتى الآن لم تسفر نتيجة ولم نشاهد في الأفق ما يشير إلى نتائج إيجابية مطمئنة بشأن المشروع وإنني هنا أسأل متفائلاً: «ماذا جرى لهذا المشروع» نقل المياه من النيل الأبيض إلى شمال كردفان..؟؟! ماذا يجري على صعيد التحركات بشأن المشروع في كلياته؟؟.. خاصة هذه المبادرة النيلية؟؟!. الحديث أعلاه يقودنا للتطرق إلى الدور الملموس والمحسوس الذي ظلت تقوم به الجالية السودانية في قطر ودعمها لمشروعات التنمية بالبلاد من خلال «اللجنة الاقتصادية» التي أسستها الجالية بغرض الترويج للمشروعات الاستثمارية في السودان والتنسيق واستقطاب رؤوس الأموال والشركات للعمل في السودان ومن نتائج جهود اللجنة الاقتصادية المشروعات الكبيرة التي تقوم بتنفيذها مجموعات المشيرب والديار القطرية وغيرها من كبرى الشركات والبيوتات التجارية القطرية في السودان وهو جهد ملحوظ في التطور الذي تشهده البلاد بجانب حجم الأموال وتحويلات السودانيين العاملين في قطر والتي ساهمت بصورة واضحة في زيادة الدخل والنمو الاقتصادي ومستويات المعيشة لكن مع كل ذلك هم يشتكون ويعانون. قبل أيام كان بيننا في السودان رئيس الجالية السودانية في قطر المهندس عبد الرحمن بشير الطاهر وشقيقه المهندس يوسف بشير الطاهر وهما من أبناء السودان البررة ولهما مساهمات مقدرة لدعم أهلهما ومدينتهما أم روابة بشمال كردفان، كانا معنا ضمن مجموعة من السودانيين الذين شاركوا في مؤتمر الاتصالات وكذلك ملتقى الاستثمار السوداني القطري والذي هو من بنات أفكار اللجنة الاقتصادية للجالية هناك ومثل هذه الرؤى يمكن أن تضع السودان على المسار الذي مضت عليه دول الخليج التي ظلت تحقق نمواً مطرداً سنة بعد سنة، دون أن تتخوف من تحويلات الأجانب الخارجية مثلما نتخوف نحن؛ لأن العمالة الأجنبية هناك منتجة ولها دور أساسي في مشروعات البنى التحتية ومشروعات الاستقرار والتنمية الاقتصادية ومن تحويلات المغتربين في قطر وغيرها تحسن الناتج المحلي الإجمالي عندنا في السودان وقد مثلت هذه التحويلات دعماً غير مباشر من تلك الدول للسودان.. الشقيقان «عبد الرحمن» و«يوسف» يعملان خبراء في قطر للبترول، كبرى الشركات في الشرق وبرواتب وأجور عالية جداً لكنهما غيوران على السودان ودعم استقراره الاقتصادي وهذا يكشفه استقطابهما للمستثمرين، وهما يحاولان بجدية إظهار السودان بلداً جاذباً للاستثمار لكن بكل صراحة هناك قيود للاستثمار في البلاد سواء كان من البيروقراطية وسلوك الموظفين الشخصي أو غيره من العقبات فمن ثم لا بد من إصلاحات على صعيد القوانين واللوائح ومراقبة تنفيذها حتى يتم التحسين في طبيعة الاستثمار في البلاد بصورة كلية لنرى انعكاساتها إيجابية على واقع بلادنا التي وصفها أستاذنا الكاتب المرموق إسحاق أحمد فضل الله بأنها: «أغنى وأفقر بلد على وجه الأرض» من تاريخها كله وحتى اليوم، حيث «اقتبست الهفوات» على الرغم من أن المقاربة بيننا وبين دول الخليج قد تبدو غير واقعية لكن لماذا لم يبلغ السودان التطور الذي شهدته دول مجلس التعاون الخليجي؟؟! والواقع أن ثرواته وموارده تتجاوز ثروات دول المنطقة سواء كانت «عربية أو إفريقية» قد يقول البعض الحروب وعدم الاستقرار السياسي لكن الإجابة غير ذلك!!.. السودان عليه أن يطور علاقاته المتميزة مع قطر حكومة وشعباً ويفسح المجال ويمنح التفويض لشباب الجالية واقترح على الإخوة في النخبة الاقتصادية إنشاء صندوق خاص بالاستثمار ودعمه على شاكلة بقية دول الخليج حتى ينعم السودان بخبرات وعلاقات أبنائه الذين أضاءوا سماوات العالم وزينوا وجه السودان فخراً وإعزازاً بقدراتهم المتميزة في الأداء.. وأن يجلبوا لنا الأموال الخليجية المهاجرة إلى دول العالم فنحن أحق بها لدينا كل المقومات «الزراعة الثروة الحيوانية المعادن البترول» وفوق كل هذا الكادر البشري والأهم من «دا كلو» كما أسلفت أن تفتح السلطات الباب واسعاً للاستثمار وتقليل النوافذ ويا حبذا لو «بقت» نافذة واحدة.. المجلس الأعلى للاستثمار مطالب بمعالجة كل معيقات الاستثمار ورؤى الإصلاح في البيئة الاستثمارية حتى يصبح السودان بلداً جاذباً للمستثمرين والعمالة الأجنبية!!.. شكراً لجاليتنا في «قطر» الخير ونحن نعلم أن جهودكم قد تجاوزت حدود الاحتفاء بالضيوف وقيام المهرجانات الثقافية والليالي الغنائية، تجاوزتموها إلى استثمار علاقاتكم في تنمية وتطوير اقتصاد البلاد وسلام واستقرار دارفور، ومساهماتكم في التفاوض وذهابكم مع وفد «السيسي» عقب السلام إلى ولايات دارفور مبشرين بالسلام والاستقرار المتوقع، شكراً لكم وننتظر المزيد من بقية الجاليات «على أرض الله» وما أكثر أبناء الوطن خارج حدوده لكن للأسف بعضهم ينخر فيه وينهش في عظامه ويناوش استقراره وأمنه، اتقوا الله في هذا الوطن الجريح!!..