وهذا مدرس أصول التربية بجامعة المنصورة المصرية، الدكتور حسان عبد الله حسان يسهم برؤاه الفكرية في نظرته التأملية للقرآن الكريم في الخارطة الإصلاحية للأمة قائلاً:القرآن ذلك الوحي المنزل على الإنسان ليبين له «الصراط المستقيم» نحو الحياة الطيبة وقد تواءم الوحي المنزل مع تساؤلات الإنسان وحيرته حول الخالق والمخلوق فكان هادياً ومرشداً نحو تصحيح المسار الإنساني ورده من الانحراف الأرضي إلى السمو والارتقاء السماوي. وبحضور «الرسول» و«الرسالة» تمكن القرآن من نفس المسلم فاشتعلت جذوته المعرفية والوجدانية فتمثل واقعاً حياً في الوجود ليصنع الأمة «الوسط» والأمة «الشاهدة» والأمة «الهادية»، وعندما انطفأت هذه الجذوة القرآنية غابت الأمة عن الشهود والحضور. ومن سنن الله الباقية سنة الإصلاح في الأمة عندما تتحرف عن المنهج فإن الله يقيض لها من يصحح لها أمرها ويقوم اعوجاجها، وقد تمثلت هذه السنة الباقية في حركة الإصلاح التي اعتمدت القرآن محوراً لتقويم هذا الاعوجاج وتصحيح ذلك الانحراف. نرمي في الورقة الحالية إلى إدراك حالة القرآن في منهج هذه الحركة «شكل التعامل معه والالتقاء به» وذلك من خلال نماذج ممثلة عن الحركة الإصلاحية في القرنين الأخيرين التاسع عشر والعشرين ومن خلال الإطلاع المبدئي والخبرة البحثية وجد أن هناك ثلاثة اتجاهات أساسية في حركة الإصلاح نحو القرآن وتشكل المباحث الرئيسة لهذه الورقة: اتجاه تجديد منهجية القراءة والتفسير والتناول، واتجاه اتخاذ القرآن مرجعية تربوية وحركية، واتجاه اتخاذ القرآن مرجعية معرفية. وتقوم منهجية هذه الورقة على تحليل أبرز الأفكار الإصلاحية وموقفها من التعامل مع القرآن في هذه الاتجاهات الثلاثة مع طرح رؤية مستقبلية لحالة القرآن في الأمة في القرن الحالي. وتتوصل الورقة إلى نتائج مفيدة حول صلة حركات الإصلاح بالقرآن إذ منذ أن نزل القرآن هادياً ومرشداً ومنقذاً للإنسان من حيرته ظل على مر العصور ملهماً لحركات الإصلاح الكبرى التي ظهرت في أمة الإسلام وكان الإطلاع على القرآن ومدارسته وتناوله بالتدبر والتفكر مصدراً أساسياً للإصلاح لدى المسلمين كما أن القرآن الكريم مرجعية تربوية وفكرية دائمة لحركات التجديد والإصلاح في الإسلام. وعن الإعجاز الكوني للقرآن الكريم، استطاع المفكر الباحث الدكتور عبد الدائم الكحيل من سوريا إثبات حقائق كونية جديدة تشهد على اعجاز القرآن في هذا العصر، قائلاً: من خلال الحقائق العلمية الكونية في هذا البحث سوف نبحر في بعض الآيات التي تحدثت عن بناء السماء، وجاء العلم حديثاً ليؤكد أن الكون كله بناء محكم، ولا وجود فيه لأي خلل أو فراغ أو اضطراب فالعلماء يؤكدون الغنى الذي يُظهره الكون في البنية المُحكمة، ويؤكدون رؤيتهم للنسيج الكوني وكأنه نسيج حبك بمنتهى الإتقان والإبداع، وأن النجوم والمجرات تظهر كاللآلئ التي تزين العقد. وقد نعجب إذا علمنا أن القرآن قد تحدث عن كل هذه الحقائق بمنتهى الدقة والبيان والإيجاز والإعجاز فالحق تبارك وتعالى يقول عن السماء: «الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين» سورة غافر الآية «64» هذه الآية العظيمة تؤكد أن السماء بناء، وهذا ما سنراه في الفقرات الآتية من هذا الكتاب. أما النسيج الكوني فقد تحدث القرآن عنه أيضاً في قوله تعالى مقسماً بالسماء: «والسماء ذات الحبك» سورة الذاريات: الآية «7»، وقد تمكن العلماء حديثاً جداً من رؤية الكون على مقاييس مكبرة فظهر تماماً كالنسيج المحبوك، حتى إننا نجد أدق وصف للمشهد الذي رآه العلماء حديثاً هو الآية الكريمة «والسماء ذات الحبك» فتبارك الله مبدع الكون ومبدع هذا النسيج المحكم!. سوف نشاهد حديث القرآن عن الدخان الكوني في مرحلة من مراحل الكون، وقد أثبت العلماء بالدليل القاطع والتحليل المخبري لذرات غبار ملتقطة من الفضاء الخارجي أن أدق وصف لهذه الذرات هو كلمة «دخان». وعن القيم التربوية في القرآن الكريم كتربية للقلوب نموذجاً، قال الباحث الدكتور إدريس علي الطيب علي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة إفريقيا العالمية: الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم تنزيله: «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، وأنه إليه تحشرون» سورة الأنفال الآية «24»، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، القائل في هديه الشريف: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» رواه البخاري كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، ومسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات»، وعلى آله وأصحابه وبعد: لا شك أن من أعظم القيم الإيمانية، والتربية الأخلاقية، تلك القيم التي تتعلق بالقلب، لأنه أخطر عضو في الجسم، وإذا فسدت فسد الجسد كله وهو محل الإيمان وهو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. كما أن معظم الصفات الحميدة التي تقوم عليها القيم الأخلاقية من: الحسد، والبخل، والشح، والغل، والظلم، والكبر، والغفلة، وسوء الظن، والزيغ، والقسوة، والرياء، والنفاق، ومرض الشبهات والشكوك، ومرض الشهوات وغيرها محلها القلب أيضاً. وكيف تهدف الورقة إلى الكشف عن منهج القرآن الكريم في تربية القلوب وعلاج أمراضها، وإظهار ما في القرآن الكريم من قيم إيمانية وتربوية وأخلاقية من خلال هذا العضو الذي يتحكم في سلوك الإنسان كله. قال تعالى: «يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين «57» قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون «58» سورة يونس «57 58». وعلى ذلك تخلص الورقة إلى أن للقرآن الكريم منهجاً تربوياً واضحاً في تربية القلوب وذلك وفق ترقية القيم الإيمانية والأخلاقية المتعلقة بالقلب، ويرتب على تربية القيم المرتبطة بالقلب صلاح الفرد وبالتالي صلاح المجتمع ككل. وعن الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة والحل القرآني لها، يقول الدكتور محمد نور علي عبد الله المحاضر بالمركز الإسلامي الإفريقي: يممؤتمر أكاديمي بعنوان «أهمية العلوم الأساسية في خدمة المجتمع»بكلية العلوم والتقانة بجامعة النيلين.العالمي بالانهيار، يقول الخبير الاقتصادي بالمؤسسة العالمية Market كرس وليمنسون Chris Williamson الحوادث الأخيرة انهيار سوق الأسهم، وأزمة الديون الرئاسية، وهبوط مديونية أمريكا. والجمود في النمو للدولة العظمى دفع كثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين للتساؤل هل العالم يواجه تغييرًا جذريًا في نظامه الاقتصادي BBC News/ Business 18 - 8 - 2011» هذه الورقة تبحث في أصول الاقتصاد الغربي وأسباب هذه الأزمة، وآثارها على الدول الرأسمالية والعالم والانهيار الذي يواجه النظام العالمي، والبديل الممكن للنظام العالمي. تتعرض أيضاً للأسس الأخلاقية للنظام الاقتصاد الإسلامي، وهل يمكن للعالم الإسلامي أن يقدم للغرب تجربة إسلامية رائدة في الاقتصاد الإسلامي؟ هل نظامنا المعاصر يمكنه أن يقدم الحل الإسلامي، وما هي الأسس الأخلاقية والاجتماعية التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يمكن أن يكون بديلاً عن النظام العالمي المعاصر. هل نظامنا الإسلامي لديه حل للأزمة الاخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وإن لم يكن ما المطلوب من الأمة الإسلامية والمنظمات الإسلامية والمفكرين والجامعات لتقديم الحل للعالم الذي يتخبط بين النظام الاشتراكي الذي هوى والنظام الرأسمالي الذي حيَّر العالم وجعلهم كالذي يتخبطه الشيطان من المس. وفي المؤتمر العالمي للقرآن الكريم المنعقد في يوم الخميس القادم بقاعة إفريقيا الدولية للمؤتمرات، بحوث دراسات أخرى أعدتها نخبة نيرة من العلماء والمفكرين.