أخطر أسلحة العولمة وأقواها، ويتمثل خطرها في: محاصرة الثقافات غير الغربية، وطردها لتحل محلها الثقافة البديلة الحيّة الفاعلة، حتى يسيطر على العالم ثقافة واحدة، معتمدة على فكر الحداثة العلماني، القائمة على مركزية العقل الغربي الذي يسعى لعرض خصوصيّته على الآخرين والهيمنة على حركة المجتمع. إبراز محاسن الإنموذج الغربي با عتباره قائمًا على الحرية الشخصية والنزعة الفردية والعمل على تحرير إرادات الأمم من القيود الثقافية والسياسية المكبِّلة لانطلاقتها. زعزعة قناعات الأمم، والتشكيك في ثوابتها وقيمها ومعتقداتها، وصرف الأمم إلى الاهتمام بالقضايا الهامشية، وذلك عن طريق التحدي والاحتقار، والتبعية والدّونية، ولكثافة الإنّتاج والبث الموجّه للأمم الإسلامية مع جودة الإنتاج الذي يستميل المشاهد للقنوات الأجنبية المعتمدة على التقنية العالية والخبرة الطويلة. 2- البعد الاقتصادي: ابرز ما تكون تجليات العولمة في بعدها الاقتصادي الذي يرتكز على حرية حركة البضائع والسلع والخدمات والاففكار بدون قيود او حواجز كما إنّ ابرز معالمها سيطرة الشركات متعددة الجنسيات ونفوذها والتي يعرفها صندوق النقد الدولي بإنّها «التعاون الاقتصادي المتنافس لمجموع دول العالم والذي يحتمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى تدفق رؤوس الاموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في ارجاء العالم كله «1» وخطورة البعد الاقتصادي تكمن في أنّ الشركات المتعددة الجنسيات تصبح مهيمنة على السوق العالمية وتتحكم في المضاربات المالية عبر البورصات العالمية وهي شركات ليس لها ولاء لأية دولة وتفرض اساليب في المعاملة تتفق مع قيمها وتعرضها دون النظر لتقاليد المجتمعات او قيمها فهي تعتمد على حرية حركة البضائع والسلع المستهلكة والايدي العاملة والخدمات والمعلومات ورأس المال عبر الحدود الوطنية والاقليمية، والبعد الاقتصادي يشكل قيمًا ومفاهيم تترسخ في المجتمعات كايدولوجية «فكر عقدي» تعمل مع الابعاد الاخرى. و بما أن الولاياتالمتحدة تبدو دائماً راعية وحامية لمؤسسات العولمة ومؤتمراتها ومنتدياتها ؛ فإنها تسعى لحركة حضارية تسود العالم تحت نظام عالمي واحد تستقطب الانشطة الاقتصادية والسياسية حول إدارة مركزية تمثل مركز القوة في العالم والامر في النهاية توسيع للانموذج الامريكي ليشمل العالم كله 3- البعد السياسي: ابرز مظاهر العولمة السياسية تتمثل في محاولات إضعاف سلطة الدولة وفقدانها للقدرة على التصرف والمحافظة على سيادتها واستقلاليتها في محيطها وبخاصة أمام التقدم العلمي الذي فتح مجال الاتصالات الفضائية التي جعلت سلطة الدولة على الرقابة والانتقائية فيما يبث في الفضاء الخارجي أمراً صعباً وأصبحت الدولة عاجزة عن التحكم فيما يتلقاه افراد الاسرة من وسائل الإعلام وعبر الأقمار الاصطناعية لإنّ أبرز تحديات العولمة تتمثل في إزالة الحدود السياسية وإضعاف قبضة الدولة في التوجه والإعلام و الاقتصاد والتربية والخدمات الاجتماعية بحيث لا ترتبط الوطنية الحقة والسيادة بالقيم والمفاهيم الوطنية بل بتأثيرات رأس المال والاقتصاد. إنّ الدولة تنوب عن الأمة في تحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادى كما أنّها مسؤولة عن إتاحة الفرص المتساوية والحقوق المتكافئة، والعدالة الناجزة لأفراد المجتمع الذين يحق لهم تحقيق طموحاتهم المشروعة في الحياة وأداء واجباتهم تجاه أمتهم ووطنهم دون أي خلل في الاتساق في الوظائف بين المواطنين والدولة ومؤسسات المجتمع بحيث تعمق الثقة المتبادلة، وتقوي الروابط الإنسانّية. النظام السياسي هو الذي يحقق الاستقرار والسلامة الأمنية والمجتمعية السيادية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني التي تقوم بمسؤوليتها في البناء والإصلاح والتطوير.