{ كتبت بالأمس مشفقة على أحوال الأهالي بمحلية (أبو حمد) جراء الأمطار التي قضت على مساكنهم ومحالهم التجارية، وإذا بي أفاجأ بأمطار أخرى في ولاية الخرطوم ليومين متتالين اقتلعت الأشجار والمنازل، وشكلت بركاً من المياه في الشوارع جميعها للدرجة التي يصعب فيها العبور من باب منزلك إلى منزل جارك، إذ أن المياه قد تجمعت في أشكال مختلفة وعطلت الحركة بشكل كبير وخلقت نوعاً من الشلل العام والتام. { لم يفلح أي من سكان الخرطوم في مواجهة أمطار أمس وأمس الأول، لأن المحليات حفظها الله لم تضع في حساباتها أمطاراً بهذه الكمية التي ابتلعت الخرطوم في ساعات، ليفضح أمرها وأمر مسؤوليها الذين مارسوا الالتفاف بأنواعه وأشكاله كافة على المواطنين في الفترة الفائتة، وانبروا معلنين عبر الصحف عن استعدادهم لفصل الخريف من خلال تحركات ماكوكية لإصلاح المجاري وتنظيفها وتجهيزها بشكل جيد، ليتضح لنا أن الحكاية كانت عبارة عن حملات إعلامية لتكبير (الكوم) والوجود أمام كاميرات الإعلام بعض الوقت. { فشل ذريع وجديد يضاف إلى ولاية الخرطوم وإلى سجلاتها العامرة بالسلبيات، ليؤكد أن القائمين على الأمر لم يتمكنوا حتى الآن من تقديم نجاحات محسوسة تمكنهم من التربع على كرسي القيادة بعد أن شكلوا نماذج للفشل بكل أنواعه وألوانه، لذلك فإن الأوضاع ما عادت تحتمل هذا التهاون والاستفزاز الذي يمارس علينا على مدار الساعة، الأمر الذي يتطلب أن تكون هناك قرارات حاسمة وجادة لمحاسبة المتقاعسين والدفع بمجموعة قادرة على العطاء ومتمكنة من عملها وجادة في تقديم نماذج تعين المواطن على التمسك بالأمل القادم في الإصلاح. { انهار عدد من المنازل في أواخر الثورات وأمبدات، وتعطلت حركة المرور حتى في الشوارع الرئيسية وامتلأت شوارع الأسفلت بالمياه وطفحت المجاري خارج المسار المحدد لها، لأن الأوساخ والأتربة والحجارة قد أغلقت الممر، مما دفع المياه من الخروج إلى الشوارع العام، لأن التخطيط ظل غائباً والكل مشغول بذاته وبكرسيه ومحليته ومجموعته. { مئات الصور انتشرت عبر المواقع الإلكترونية، وآلاف الحكايات رويت عن أحداث اليومين الماضيين، إذ أن المأساة قد تجاوزت حدود المعقول والممكن والمتوقع، لذلك فإن الرد حسب ما هو معروف سيكون على شاكلة (لقد قمنا بتجهيز المجاري والاستعداد للخريف ولكن كمية الأمطار قد فاجأتنا ولم نتمكن من السيطرة عليها). { التبريرات الفطيرة ستنهال على الصحف في اليومين القادمين، وستصاحب تصريحاتهم بعض الزيارات التفقدية لأماكن مختلفة، ومن ثم محاولة خداعنا ببعض التعويضات للأسر المتضررة والصور التي تبين أن الوالي (يخوض) في المياه مع الأهالي، وأخرى تحكي عن جلوس المعتمد مع الفقراء في أطراف أم درمان، ومن ثم تكوين لجنة عليا لمواجهة الموجة الجديدة من الأمطار، وربما أضيف بعض الصحفيين من أجل القيام باللازم والوقوف في هذه (الزنقة). { ما حدث يبين الفشل المرير، ويؤكد الاستهتار الذي يمارس علينا في ولاية الخرطوم، ويوضح التهاون الذي يتعامل به مسؤولونا في الولاية، ويشير إلى أن الخرطوم العاصمة السودانية تغرق في (شبر مية) كما يقول إخواننا المصريون، لأن السيد الوالي يبدو نائماً في العسل والمجلس التشريعي يغط في نوم عميق. { شيلوا الصبر..!!