(1) "مبارك الفاضل" عراب ومهندس الجبهة الثورية المحاطة برعاية جوبا، وصل (معززاً مكرماً) إلى أمريكا.. أمريكا تمد جزرة (زابلة) للسودان عبارة عن (250) مليون دولار كوعد بخصمها من ديونها على السودان البالغة (2.4) مليار دولار.. الوعد الكذوب الأمريكي مشروط بمعالجة الأوضاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق على مزاج أمريكا وهوى جوبا.. "نافع علي نافع" مساعد رئيس الجمهورية ونائبه في المؤتمر الوطني في زيارة إلى أديس أبابا، ظاهرها تقديم العزاء في وفاة "ملس زيناوي" وباطنها لقاء كبير سحرة المتمردين "مالك عقار".. الحركة الشعبية قطاع الشمال من لدن "عقار" و"ياسر عرمان"، جزء لا يتجزأ من دولة الجنوب.. ودولة الجنوب، دولة وظيفية وجزء لا يتجزأ من السياسة الأمريكية في إفريقيا.. كل هذه (الشربكة) السياسية والعسكرية المعقدة هي (شفرة أمريكية) لا تحتاج لعناء لاكتشافها.. "مبارك الفاضل" لم يعد شخصاً مزعجاً لغريمه "الصادق المهدي" فحسب، فالرجل يخوض غمار لعبة كبيرة أرتضى لنفسه فيها أن يكون واحداً من الأدوات الأمريكية ليس في السودان بل في المنطقة بأسرها.. لانستبعد إن قررت الحكومة التعامل مع الشفرة الأمريكية أن يرتقي (مبارك) مرتقى علياً في سدة الحكم في السودان تحمله الاستراتيجية الأمريكية على أجنحة من ذهب.. "مبارك" أغلى قيمة من "عرمان" وأقدر على لعب دور مهم في تلك الخطط والاستراتيجيات.. زيارة "نافع" إلى أثيوبيا ليس الغرض الأساسي منها التعزية في "زيناوي"؛ لأن الرئيس "عمر البشير" قدم التعزية على أرفع مستوى، وهو يمثل الدولة وحزب المؤتمر الوطني الذي هو رئيسه.. لقاء "عقار" و"نافع"، والذي استبقه "نافع" بترحيب كبير بالتطبيع مع أمريكا، يرى فيه البعض محاولة لاحياء اتفاق (نافع – عقار).. الاشكالية الماثلة والعقدة المستحكمة أن ذلك الاتفاق أسقطه المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بالنقاط، وأسقطه الرئيس "البشير" بالضربة القاضية، بيد أن وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" أشادت به في لقائها مع "نافع" في أديس أبابا، كذلك أشار قرار مجلس الأمن (الماسورة) رقم (2046) الذي قبله السودان مرغماً صراحة إلى اتفاق (نافع – عقار) وفي ذلك دعوة للحكومة السودانية لتبنيه.. الهجمة المضرية التي استهدفت الاتفاق بسبب أن أعطى (قطاع الشمال) وضعاً مميزاً وتغاضى عن الترتيبات الأمنية في اتفاقية (نيفاشا)، والتي استهدفت حل قوات (قطاع الشمال)، وهما الفرقتان التاسعة والعاشرة التابعتين للجيش الشعبي، مما جعل البعض ينظر إلى الاتفاق باعتباره (نيفاشا) جديدة، وهو أمر يقود إلى سلسلة جديدة من (النيفاشات) والتنازلات. (2) السؤال أين الصين من الطغيان الأمريكي والهجوم المنظم على إفريقيا أكبر مسرح للاستثمارات الصينية؟.. بينما لم يعد هناك مهدد أمني عسكري ذو بال للولايات المتحدةالأمريكية أكبر دولة في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانهيار المنظومة الشرقية بالكامل، فقد برز أمام المارد الأمريكي مارد اقتصادي يهدد أمنه الإستراتيجي.. الصراع بين الصين والولايات المتحدة على أشده على النفط، أهم سلعة استراتيجية على الإطلاق.. الصراع لا يتخذ أشكالاً تقليدية بسبب الحذر الصيني، إلا ضغط واشنطن على بكين يتزداد ويتمدد في الفضاء الإفريقي.. في آخر زيارة لوزيرة الخارجية الأمريكية إلى إفريقيا قالت أن الصين تعمل على (نهب) ثروات إفريقيا.. وهذا يدخل في إطار محاولات واشنطن تأليب الدول الأخرى ضد سعي الصين لشراء حصة أكبر من نفط إفريقيا، هذا في الوقت الذي تعمل فيه العديد من وسائل إعلام المنظومة الغربية على خلق صورة ذهنية سالبة تصور الصين باعتبارها مستعمراً جديداً للدول الإفريقية.. ما يؤكد هواجس واشنطن تجاه بكين تلك المعلومات التي تشير إلى توقع صندوق النقد الدولي بأن يتجاوز حجم اقتصاد الصين بحلول العام 2016م نظيره الأمريكي من حيث تعادل القوة الشرائية، وترى العديد من المؤسسات البحثية الدولية أن الاقتصاد الصيني أصبح منذ العام 2010م الأول في العالم. • آخر الكلام: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) صدق الله العظيم.