(1 ( أخبار سوداء محبطة تتوالى كأنها ظلمات بعضها فوق بعض.. فتنٌ كقطع الليل المظلم، حذرنا الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه منها.. فتن مظلمة من القتل والنهب والاختلاف بين المسلمين في أمر الدنيا والدين، إنها فتن لا نعرف لها مبرراً ولا طريق الخلاص منها.. أكثر ما صدمني خبر مجموعة مسلحة تستقل (4) عربات لاندكروزر داهمت مقر محكمة نيالا وقامت باختطاف (3) من المتهمين ولاذت بالفرار دون أن تتمكن قوات الشرطة التي كانت تحرس المحكمة من التعامل معها؟!.. أي فوضى واستهتار ورعب يمكن أن يستوعبها أي خيال شاطح.. حتى خيال ملك أفلام الرعب العالمي "الفريد هتشكوك" عاجز عن تصور ما حدث في نيالا!!.. الخبر العجيب يقول إن المجموعة أطلقت أعيرة نارية داخل ساحة المحكمة التي أصدرت حكماً بالإعدام على أحد المتهمين؟!.. تفاصيل الخبر تقول أيضا إن المجموعة المهاجمة من أقرباء المدانين وتابعة لحرس الحدود قامت عقب إعلان الحكم بتحرير المدانين وفرت بهم؟!.. بربكم أليس القصة تصلح لفيلم رعب ناجح بدون أي إضافات وحبكات وسيناريو؟.. بالطبع لن ننتظر أن يستقيل وزير الدفاع ولا وزير الداخلية ولا والي جنوب دارفور ولا حتى مدير عام شرطة الولاية.. ربما كان هؤلاء جميعاً يمارسون حياتهم الطبيعية يضحكون ويتسامرون ولا يعيرون اهتماماً لمثل هذا الحدث الذي انتهك سيادة الدولة وكبريائها.. صدقوني لن يستقيلوا ولا حتى (يكشكروا) بالاستقالة.. هل يدركون أن مشروعية الدولة والحكومة قائمة بشكل أساسي على قدرتها على بسط الأمن والطمأنينة؟.. وتلكم قصة أخرى؛ جامعة الجزيرة تعلن تعليق الدراسة في جميع كلياتها إلى أجل غير مسمى في أعقاب حادثة مصرع أربعة طلاب غرقاً في ظروف غامضة واختفاء آخرين.. (الثورة) في الجامعة كانت بسبب الرسوم الجامعية لطلاب ولايات دارفور.. الدولة لم تكن واضحة بشأن تلك الرسوم، كما أن الحركات المتمردة تحاول استغلال القضية لصالح أجندتها.. عدد من الطلاب قاموا بإخراج الأساتذة وزملائهم من داخل قاعات الدرس وأعضاء هيئة التدريس من مكاتبهم والتعدي على ممتلكات الجامعة؟!. (2 ( الحكومة مشغولة بتكميم الأفواه أكثر من انشغالها بالحالة الأمنية.. على نار هادئة طبخت وليمة قانون الصحافة والمطبوعات.. مسودة القانون تم تمريرها إلى اللجنة المختصة في البرلمان.. رئيس اتحاد الصحفيين يقول إنه لا علم له بتلك المسودة!!.. ما الذي تخفيه الحكومة في طي ذلك القانون؟.. قيل إن المسودة (السرية) تحمل في جوفها الويل والثبور وعظائم الأمور للصحافة المحتضرة وللصحافيين المشردين.. الدولة تتحدث بكرة وعشية عن الإعداد للدستور الدائم؛ قلنا حسناً فتلك قضية وطنية سامية، فإن كان العزم والنية ماضيين نحو الدستور الدائم وقبل الانتخابات القادمة في 2015م فما هو الداعي لوضع قانون جديد للصحافة أو حتى تعديل القانون الساري وقد يجبه الدستور الجديد، فالدستور يلغي أي قانون قد يتعارض معه؟.. يبدو أن القانون الحالي فيه الرحمة إذا ما قورن بالذي استوت طبخته، فالذين ينتقدون القانون الحالي ويعتبرونه معوقاً لحرية الصحافة فلينتظروا قانوناً أكثر صرامة في كبح جماح الحرية الصحفية.. القانون الحالي يتيح للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية إحالة الصحف والصحفيين إلى المحاكم المختصة وفقاً للمادة (35) من القانون التي تنص على سحب السجل الصحفي للصحفيين وإيقاف الصدور للإصدارات الصحفية وفقاً لما تقرره المحكمة المختصة بناءً على طلب المجلس و(ما فيش أحسن من كدا)؟!.. نذكّر أن الزميل "العبيد مروح" الأمين العام للمجلس قال في مايو الماضي: (إن وضع الحريات الصحفية ليس كما يجب وهم كمجلس ليسوا سعداء بذلك الوضع، لكنه قال– في محاولة تبريرية – إن الحريات في أوقات الأزمات والصراعات تتقلص في إشارة إلى أن حالة مماثلة تحيط بالسودان).. نحن نتمسك بإفادته بشأن الحريات في ظل القانون الحالي ولا شأن لنا بتبريراته المفهومة ضمناً. • آخر الكلام: هل سيطول انتظارنا خارج غرفة اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين الخرطوم وجوبا؟.. هناك بالتأكيد عملية قيصرية تجرى لفيل العناد الجنوبي الذي لا محالة سيتمخض ويلد فأراً قبيحاً.