المرآة والإحباط قبل نحو 12 سنة بعث صديقي العزيز الراحل الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، وكان وقتها مرتاح البال نسبيا، لأنه كان سفيرا للسعودية في لندن، ولا شأن كبير له بقطوعات الكهرباء أو انعدام فرص العمل للشباب، (تولى منصب وزير العمل في الكهرباء والماء بعد تركه السلك الدبلوماسي).. المهم أنه بعث إلي برسالة عن طبيب سوداني أجرى بحوثا أثبتت ان بول الإبل يعالج حالات معينة من التهابات الكبد.. واعترف بأنني كتبت مقالا استخف فيه بهذا الاكتشاف، وأعاتب الطبيب بكلام مثل: ما لقيت غير بول الإبل تعمل عليه أبحاث.. كان الطبيب في ما أذكر يحمل اسم أوهاج مما يدل على أنه من القبائل البجاوية التي تعيش في شرق السودان وتشتهر بتربية الإبل، وكان قد لاحظ ان قومه يتداوون ببول تلك الكائنات فكان ان أجرى تجارب سريرية في عدد من المستشفيات قبل ان ينشر نتائج دراسته.. ثم تلقيت رسائل الكترونية عديدة أكد أصحابها ان التداوي ببول الإبل مجرب ومؤكد المفعول منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.. بل ان قارئة أبلغتني بأن وقوف المرأة تحت الناقة لتلقي بولها مباشرة على رأسها يكسب الشعر لونا أشقر تدوم شقرته أكثر من الأصباغ الكيميائية، فكرهت الشقراوات منذ ذلك اليوم لأنني صرت أتخيل أنهن جميعا يأخذن «دُش» من الإبل... وبعدها بأشهر قليلة أعلن الدكتور احمد عبدالله عميد كلية المختبرات الطبية بجامعة السودان أن بول الإبل ناجع بالفعل في علاج أورام الكبد، وأن خلط بول الإبل مع لبنها بجرعات محسوبة يؤدي إلى علاج الاستسقاء (انتفاخ البطن الناجم عن نقص الزلال أو البوتاسيوم)، ومضى الدكتور عبدالله معددا فوائد بول الإبل بالقول إنه يساعد على خفض معدل السكر في الجسم بدرجة ملحوظة لأن تركيب الأحماض الأمينية في بول الإبل يماثل تركيبها في هرمون الأنسولين، ولكن المفاجأة بالنسبة لي تمثلت في قول صاحبنا ان بول الإبل يستخدم سلفا كشامبو مما يعني ان الشقراوات اللواتي تؤلف النكات حول غبائهن، في واقع الأمر عاليات الذكاء بدليل أنهن عرفن سرا لم تعرفه ذوات الشعر الأسود أو البني! ولكن شيئا ما قاله الدكتور السوداني «سد نفسي» فقد ذكر في تصريحات صحفية ان بول الإبل يصلح كمحفز جنسي للذين يعانون من ضعف في الذكورةا! أرجو ان يكون الرجل مخطئا في هذه الجزئية، وحتى إن كان مصيبا فانني أعتقد ان إحلال بول الإبل محل الأقراص المعروفة سينسف الحياة الزوجية... فالبصل والثوم مفيدان في خفض ضغط الدم وتعزيز مناعة الجسم، ومن يتعاطاهما بكميات تجارية قد يكسب صحة جسدية طيبة ولكنه سيصاب حتما بأمراض نفسية بعد أن يهجره الأقارب والأباعد. المهم انه تأكد ان بول الإبل ذو خواص طبية علاجية، وقد شرعت في إجراءات احتكار تعليبه وتصديره، بل وقد أعود إلى السودان لافتتاح حظيرة للإبل (يقولون إن بول البكر منها هو الأكثر فائدة) حتى أتمكن من بيع البول الفريش الطازج للمرضى ويتطلب ذلك إقامة فندق قرب الحظيرة.. ومن يربون الإبل يشهدون للسودانيات منها بالجمال والرشاقة والأنوثة، فأهلا بكم زبائن في شركة أبو الجعافير لبول البعير.. وبما انني أعاني من رهاب (فوبيا) الإبل ولا أطيق مجرد النظر اليها فمرحبا بطلبات الراغبين في العمل في مجال تسويق بولها على ان يكونوا من حملة درجة الدكتوراه لأن وجود بائع أناديه بدكتور فلان يعطي الزبائن انطباعا طيبا ويعطيني فرصة شرشحة تلك النوعية من الدكاترة التي تسير في الأرض مرحا مختالة فخورة.. على الفاضي. جعفر عباس [email protected]