* أخطر المنعطفات التي يمكن أن تصادفك في طريق حياتك على الإطلاق هو (منعطف النسيان)!!!.. حيث تواجه حينها مخاطر الانزلاق أو الانجراف أو التصادم أو (الانقلاب) أو فقدان (الفرامل) المفاجئ وتخرج بخسائر فادحة في كل الأحوال. نحن لا ننسى بسهوله كما نظن.. نحن نكابر وندعي أننا سننسى.. وفداحة النسيان لا تكمن في ممارسته ضد قصص الحب الفاشلة فحسب.. إنه يكون أصعب وأشد وطأةً عندما نحاول أن ننسى الإساءة أو الكراهية أو الخيانة أو الاستغلال. وما محاولات النسيان المتتابع إلا اجترار دائم للذكرى بكل ما يصاحبها من وجع وحنين وحنق وربما قهر. فمن عذابات النسيان أنه يذكرنا دائماً بأشياء وردود أفعال كان يجب علينا المبادرة بها في وقت معين أو موقف محدد.. ولكننا لم نكن حينها في صفاء ذهني يسمح بالتصرف السليم وفق ما ينصف مشاعرنا أو كرامتنا.. حينها يتبدى حنقنا على أنفسنا وإحساسنا بالقهر لأنه لم يعد بإمكاننا استرجاع اللحظات لنكون أكثر قوة وموضوعية. * ترى لماذا يجب دائماً أن ننسى؟. لماذا لا نمعن في التذكر لنعي ونتعلم ونستمتع ونطهر دواخلنا أحياناً ببعض الدموع المالحة من باب الأسف أو السعادة القديمة أو الشوق المكبوت؟ لماذا لا نتذكر أوجاعنا وآلامنا لنجعلها وقوداً يحرض إمكانياتنا على النجاح والتقدم نحو الأمام دحضاً لافتراءات من نالوا منا يوماً بما أساء لمشاعرنا أو احوالنا؟.. ولماذا لا نبني من الحجارة سلماً نعتليه نحو المجد.. أو نرسم من دماء جراحنا ورداً أحمر اللون نهديه لأنفسنا من باب المواساة والمحبة؟؟ نعم.. تعالوا نحب أنفسنا طالما لم نجد من يحبنا كما يجب.. تعالوا نضمد جراح قلوبنا ونربت على أوردتها ونطهر شرايينها من ملح الفجيعة في الآخرين ودنس الخيانة والغدر والاستغلال. تعالوا نعينها على الصبر والسلوان والإنجاز ونمنحها القدر الكافي من الثقة والحماس لتفعل المستحيل وترتق ثقتها في (الثقة). * لا شيء يبقى فعلاً بعد أن نفقد ثقتنا في الثقه!! ولا شيء يهلك الأرواح ويهوي بها من سماواتها أكثر من خذلان الأعزاء لثقتنا فيهم واطمئنانا المطلق على حياواتنا بين يديهم والذي قابلوه بالكثير من التشريد والترويع والصدمات!!! إن أزمة النسيان الحقيقية، أزمة ثقة!! فإما أننا وثقنا في مشاعر الآخر فغدر بنا.. وإما وثقنا في صديق واستأمناه على سرنا فأفشاه.. وإما وثقنا في شركاء العمل فهضموا حقوقنا.. وإما وثقنا في قريب ذي رحم فأكل لحمنا نيئاً في مجالس العائلة.. وإما.. وإما.. وإما, لكل منا حكايته المتأرجحة بين الثقة والنسيان.. بين الخوف والأمان.. وبين السعادة والتعاسة. * هل فكر أحدهم يوماً في تأمين منعطف النسيان ذاك؟ هل تتم مراقبة طريق الحياة برادار الضمير؟ وهل يكفي دخول شخوص وتفاصيل جديدة إلى سيناريو أعمارنا لنتمكن عملياً من تجاوز ذلك المنعطف؟.. ثم ماذا لو التقانا بطل النسيان يوماً عند دوران العواطف في أحد الطرق الرئيسة؟.. لماذ ننسي فجأة كل ما بدر منه ولا نعود نذكر سوى ذلك الجمر الذي مضى يستعر بغتةً تحت الرماد بجذوة اللهفة والشوق والتمني فلا تلبث أن تنساب احاديث الهوى والجوى والعتاب.. ولا ننسى حينها سوى آخر.. ينتظرنا في محطة ما بعد أن ساعدنا يوماً على تجاوز أوجاعنا!! ياااااللإنسان ونسيانه.. الذي لا يلبث أن ينساه, ويا للحياة ومنعطفاتها المتلاحقة التي أهلكت عجلات أيامنا (فبنشرت) بنا في مكان ما من الطريق وأرغمتنا على تغييرها بأخرى قد تكون للأسف (سكند هاند) أو غير مطابقة للمواصفات فنظل ندور في حلقة مفرغة منسوء القيادة على الطريق حتى ندرك يوماً أننا لا نتقن القيادة أو لا نملك (رخصة) لذلك!!!!!!! * تلويح: ونسيت أن أنساك! إندياح - صحيفة اليوم التالي