بعد خروج القوات الأمريكية من العراق نهاية العام 2011، وهو وعد من الرئيس باراك أوباما خلال حملته الانتخابية العام 2008 بسحب القوات الأمريكية بالخارج، وأن لا تتدخل واشنطون عسكريا في المستقبل في حروب أخرى، وأنجز الانسحاب العراقي، وفي الطريق الانسحاب من أفغانستان بنهاية العام الجاري، ولكن مع كل أزمة تنشب في المنطقة تتصاعد الأصوات المطالبة بتدخل أمريكي، وقد قاوم الرئيس أوباما الضغوط كافة بالتدخل في سوريا أو ضد روسيا في أوكرانيا، ولكنه نشاط داعش في شمال العراق الذي استهدف في الآونة الأخيرة الأقليات الدينية من المسيحيين وأنصار الطائفة اليزيدية، لم يجد الرئيس الأمريكي من بد سوى الاستجابة لرغبة فريقه الأمني الذي اجتمع لعدة ساعات ليل الخميس الجمعة ووافق على استخدام القوة الجوية الأمريكية لضرب «أهداف محددة» لحماية الأفراد الأمريكيين، إذا تقدمت عناصر «داعش» أكثر باتجاه أربيل عاصمة إقليم كردستان العراقي شبه المستقل أو هددوا أمريكيين في أي مكان من العراق. قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إنه أجاز توجيه ضربات جوية أمريكية «محددة الأهداف»، وحتى يؤكد أنه لا يزال عند فكرة تقليل التدخلات العسكرية، تحدّث أوباما للأمريكيين الذين تعبوا من الحرب قائلا إنه لن يرسل أية قوات برية، وأنه ليست لديه أية نية لأن تنجر الولاياتالمتحدة إلى حرب أخرى في العراق. وبعد ساعات فقط على الإعلان الأمريكي باستخدام القوة، شنت الطائرات الأمريكية غارة على موقع تابع ل(داعش) شمال العراق، وذلك لحماية الموظفين الأمريكيين الموجودين في تلك المنطقة. وأعلن البنتاغون أن "الغارات الأمريكية استهدفت مواقع لمدفعية تنظيم داعش شمال العراق، وهذا يعني أننا دخلنا فصلا جديدا من التدخل الأمريكي غير المحسوب العواقب، وفي وقت يتخوف فيه الكثيرون من تبعات ذلك التدخل، يرى الكثير من الأمريكيين أن أوباما تأخر في قرار التدخل العسكري في العراق. ويظل التحدي أمام إدارة أوباما في مدى الالتزام بمحدودية الأهداف التي أشار إليها حتى لا تنجر بلاده مرة أخرى في احتلال العراق، والعالم كله يدرك ما الذي جرى في العراق من خرا ب ودمار جراء ذلك الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003 لأسباب ثبت لاحقا أنها مجرد أكاذيب ملفقة من أجل تدمير العراق الحديث وتشريد أهله.!؟ كما أن محدودوية الأهداف والمدى الزمني للعملية العسكرية هما العاملان الحاسمان في أن لا يقع أوباما في ذات أخطاء الرئيس السابق جورج بوش وهو الذي جاء إلى البيت الأبيض محمولا على أجنحة حملة انتخابية كان محورها الرئيس سحب القوات الأمريكية من الخارج وإنعاش الاقتصاد بتقليل الإنفاق على الحروب الخارجية. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي