كانت تصريحات الرئيس البشير التى أطلقها في خاتمه اعمال مؤتمر شورى المؤتمر الوطنى، قد أثارت غير القليل من الحراك السياسي في الساحة السياسيه ما بين متحفظ عليها ورافض لها، ومضى آخرون الى قراءتها في سياق الحملات الإنتخابيه التى بدأت تنتظم أروقة القوى السياسيه، والسعي لكسب وخطب ود الجماهير في الحملات الانتخابية القادمه. ولكن حمى الانتخابات وسباق الاستقطاب بين القوى السياسيه، جعل من حديث معاملة الحركة الشعبية بالمثل باباً لتكهنات كثر مع اقتراب موسم الانتخابات، فالحركة اعتبرتها حالة من الخوف والهلع على التمدد الجماهيري لها في الشمال. فيما ذهبت ظنون البعض تنظر فيما وراء ذلك ومن المقصود به، أهى الحركة الشعبيه وقطاع شمالها الناشط في الشمال، أم أن الأمر سيمتد للقوى السياسيه الأخرى التى بدأت تأتلف في صف واحد ضد المؤتمر الوطنى في الانتخابات القادمه. حالة من عدم الرضا البائن كست المؤتمر الوطنى منذ إجتماع القوى السياسيه الاسبوع الماضي والتوافق على خط واحد ومرشح واحد لخوض الانتخابات القادمه ضد مرشح المؤتمر الوطنى، وهو الإجتماع الذي حظى بمشاركة ودعم الحركة الشعبيه له، بل ومضيها أكثر في الترتيب لجمع القوى السياسيه بجوبا لمزيد من التفاكر والتشاور على مختلف القضايا السياسيه، هذه الخطوة التى ابتدرتها القوى السياسيه بمشاركة الحركة الشعبيه دفعت المؤتمر الوطنى لهذا التصعيد، ليس في وجه القوى السياسيه التى كثيراً ما يستهين بقدراتها في مواجهته، ولكنه في وجه الحركة الشعبية التى تمتلك كثير من المفاتيح التى يمكن اذا ما تضامنت مع القوى السياسيه ان تحدث كثيراً من التحولات في الخارطه السياسيه بالبلاد، خاصة أن المؤتمر الوطنى كان يأمل في التحالف مع الحركة الشعبية لخوض الانتخابات المقبله لأجل المحافظة على اتفاقية السلام والمكاسب التى تحصلت عليها الحركة الشعبية بموجب تلك الاتفاقية. ولكن تحالف الشعبيه مع احزاب المعارضه يبدو أنه شكل صدمة للمؤتمر الوطنى، الذي يبدو أنه كان ينتظر بلورة وعود من بعض قادة الحركة الشعبية لتحالف معه، وهو ما عكسته تصريحات بروفيسور ابراهيم غندور مسئول ملف الانتخابات بالمؤتمر الوطنى التى قال فيها رداً على ذلك الحراك «ان الفريق سلفاكير يدعم ترشيح البشير للانتخابات القادمه وهذا موقفه المعلن حتى الآن» وكانت تسريبات صحافيه قد أشارت الى أن إئتلاف احزاب المعارضه يتجه لإختيار الفريق سلفاكير نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحركة الشعبيه لقيادة تحالف المعارضه كمرشح للرئاسة في الانتخابات القادمه. فيما يمضي البعض الى ان التهديد بمعاملة الحركة الشعبية بالمثل في الشمال، خطوة قصد بها، احداث حالة ارتباك وسط التحالف القائم تمهيداً لقطع حبل الوصل الذي بدأ يمتد ما بين الحركة الشعبية والقوى السياسيه المعارضه، اذاً اجواء الانتخابات بدأت تظلل الساحة السياسيه، وتشير كل الدلائل والتكهنات الى ان الانتخابات القادمه ستكون الأكثر سخونا وإثارة في تاريخ السودان، لجهة مشاركة اللاعبين الفاعلين من الاحزاب فيها من ناحية، وللاهتمام الكبير الذي تحظى به داخلياً وخارجياً، وكان دكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية، قد وصفها في افتتاح مجلس شوري المؤتمر الوطنى بأنها «مباراة سياسيه» غير مسبوقه ستتاح فيها الحرية التامه لأهل السودان للمفاضلة بين القوي السياسيه، في وقت تعتبرها فيه القوي السياسيه الأخرى أنها فرصة كبيره لتصحيح مسار التاريخ السياسي السودانى وإزالة كل التشوهات التى لحقت به. ويبدو من واقع الحراك السياسي الممتد الاسبوع الماضي أن صورة الخارطه التحالفيه الانتخابيه بدأت تظهر شيئا فشيئاً، فقد لاح في أفق الساحه السياسيه انها ستنقسم الى فريقين سيتنافسان في الانتخابات المقبله، فالمؤتمر الوطنى بدأ والى جانبه احزاب حكومة الوحدة الوطنية المؤتلفة معه، وكان لقاءاً قد جمعها قبل ايام لبحث التحالف القائم وكيفية خوض الانتخابات القادمه في قائمة واحده الى جانب المؤتمر الوطنى بعد أن رفضت خطوة احزاب المعارضه، وفي الجهة الأخرى تبرز الحركة الشعبية التى اختارت القوي السياسيه المعارضة لتتحالف معها بقيادة حزب الامه والمؤتمر الشعبي والشيوعي والمؤتلفين معهم. وما يزيد من سخونة الساحة السياسيه في مقبل الأيام أن المؤتمر الوطنى من جانبه لن يقف مكتوف الأيدي حيال التحركات التى تقودها القوي المعارضه مع الحركة الشعبيه، فهو ينشط أيضاً في الجانب الآخر للاحتفاظ بالقوي السياسيه الموقعه معه على اتفاقيات السلام المختلفه في الشرق ودارفور بالاضافه لأحزاب الوحدة الوطنية، في وقت سيسعي فيه لإضعاف التحالف المناوئ له بمزيد من الاستقطابات والتفاهمات مع كثير من أحزابه خاصة وأن هناك أحزاب لم توضح موقفها بعد من الوقوف في وجه المؤتمر الوطنى بشكل قاطع مثل الحزب الإتحادي الديمقراطي وحزب الأمه القومي رغم مشاركتهما للقوى السياسية المعارضة في كثير من مناشطها ومواقفها. خالد البلولة إزيرق :الصحافة