أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء على قوائم انتظار «الإجهاض علينا حق»
نشر في النيلين يوم 10 - 04 - 2019

فى حجرة ضيقة ومظلمة لا يخترقها سوى أضواء خافتة وعدد من الأسرّة لا تخلو من تكدس الأجهزة الطبية وأدوات الطبيب، ظلت «رشا على» فتاة تبلغ من العمر 17 عاما، من إحدى قرى المنصورة، فى انتظار دورها لإجهاض جنينها الذى رفض البقاء فى رحمها لصغره وضعف تكوينها الجسمانى، بعد أن أجبرتها أسرتها على الزواج المبكر.
«رشا» فتاة ضعيفة ونحيلة الجسد، وقفت تتألم من أوجاع وتقلصات شديدة فى رحمها بعد أن اكتشفت أن جنينها توفى فجأة فى بطنها فى الأشهر الأولى للحمل، ولم تكن تعلم إلا من أسابيع قليلة، ورغم ذلك ظلت تتنقل لمدة شهر كامل والجنين متوفى بعد علمها، نظرا لصعوبة اتخاذ قرار الإجهاض من الأطباء.
«الحمل الخطر» كان عنوان الغرفة التى تواجدت بها «رشا» لإجراء عملية إجهاض بعد شهر كامل من الإجراءات والتنقل من العيادة للمستشفى حتى استطاع فريق طبى اتخاذ القرار.
تقول رشا ل«المصرى اليوم» قبل إجرائها عملية الإجهاض بدقائق: «اتجوزت من حوالى 4 شهور، وده أول حمل ليا، كنت فرحانة بيه، بس من شهر عرفت إن الجنين ميت فى بطنى، وعرفت فجأة بعد أوجاع شديدة فى منطقة البطن فى الشهر الثانى، والوجع كان متكرر، فذهبت للدكتور طلب أشعة وتحاليل وبعدين اكتشف إن الجنين مات فى بطنى فجأة، وقال السبب ضعفى وضعف الرحم وغير مكتمل التكوين، وقرر تحويلى لمستشفى الجامعة بالمنصورة قسم الحمل الخطر للإجهاض».
وتضيف: «كنت فاكرة أن الموضوع سهل وهيتم الإجهاض فى نفس اليوم، لكن الحكاية كبرت وفضلت رايحة جاية على المستشفى أسابيع من دكتور لدكتور عشان بس يقدروا ياخدوا قرار الإجهاض، وبالفعل خدوا القرار بس كانت النتيجة إنى تعبانة أكثر وصحتى فى النازل وعندى أنيميا حادة وأوجاع فى القلب وهبوط فى الضغط».
«رشا» الفتاة الصغيرة لم تكن بمفردها فى انتظار الخلاص من جنينها المتوفى، بل كان برفقتها زوجها خارج الغرفة ينادى عليه الأطباء والممرضون للتأكد من كون رشا متزوجة، ومع الانتظار الطويل لدور «رشا» فى الإجهاض، تخرج الممرضة والطبيب ويطلبان كل أوراق المريضة بجانب أوارق الزواج الخاصة بها، حيث طلبت الممرضة من زوجها «قسيمة الزواج» للتأكد من زواجهما، وأن حمل «رشا» ليس فى علاقة غير مشروعة، وليس هناك شبهة قتل للجنين، وأنها مجرد فتاة أخطات، وأرادت التخلص من الجنين.
أثناء هذه الإجراءات كانت «رشا» تتألم أكثر، وحياتها فى خطر أكبر مع طول بقاء الجنين فى رحمها وهو ميت، ما قد يودى إلى تسمم الدم ومن ثم وفاة الأم مباشرة.
«رشا» ظللت طوال وجودها بغرفة الحمل الخطر تتأفف وتنتقد أوضاع المستشفيات فى اتخاذ إجراءات عمليات الإجهاض للحمل الخطر، والذى يموت فيها الجنين ويظل أسابيع برحم الأم حتى يستنفد قواها ويصيبها بالأمراض المزمنة من ضغط وقلب وقد تصل للوفاة: «حسبى الله ونعم الوكيل.. تعبانة بقالى أسبوع عاوزة أخلص وجع فى بطنى شديد.. هموت ارحمونى».
ومن «رشا» إلى «صفاء. م»، 24 عاما، إذ تسببت الإجراءات المعقدة لعمليات الإجهاض فى إصابتها بمرض القلب، نظرًا لكونها ظلت حاملا فى جنين متوفى شهرا كاملا، إذ استمرت تعانى والأطباء يرفضون القيام بعملية الإجهاض لها وتتناول فقط مجرد أدوية، وتحت تأثير التعب النفسى وانتظار تحديد موعد للإجهاض أصيبت بضعف فى عضلة القلب حتى تم إجهاضها بعد 21 يوما من دخولها المستشفى، ولا تعرف سببا للمماطلة أو التسويف رغم وفاة جنينها داخل رحمها.
«صفاء» اضطرت للجوء لأحد المنظمات الحقوقية لتقديم شكوى ضد المستشفى، نظرا للتأخر فى إجراء عملية الإجهاض لها، وبالفعل ساعدوها بالتدخل وإتمام إجراء العملية، خاصة بعد تدهور حالتها الصحية، واكتشاف إصابتها بضعف عضلة القلب.
ولم تختلف حالة «دعاء كشك»، البالغة من العمر 19 عاما، عن حالة صفاء فى طول إجراءات عمليات الإجهاض، نظرا لجدلية الإجهاض بين الحرام والحلال، لولا أن ظروف حمل «دعاء» هى ما دفعت الأطباء بعد أسبوعين لاتخاذ قرار الإجهاض نتيجة لنموه الضعيف والذى أثبتته الأشعة وتحاليل نسبة الحمل، والتى أكدت أن الجنين فى رحم دعاء على هئية «كيس فاضى» عمره شهر ونصف بحسب ما ذكرته «دعاء»، ما جعلها بعد العرض على أكثر من طبيب تأخذ قرار الإجهاض، وظلت محتجزة فى غرفة الحمل الخطر بمستشفى الجامعة بالمنصورة أسبوعا حتى تم إجراء عملية الإجهاض.
التقت «المصرى اليوم » ب«دعاء» قبل أيام من عملية الإجهاض فى غرفة الحمل الخطر، وكان ذات وجه شاحب، وجسد هزيل من شدة الإعياء: «أنا فى انتظار إجراء عملية الإجهاض بقالى أسبوع، والجنين ضعيف وغير مكتمل النمو، لأن الدم لم يصل إليه بشكل كافٍ، وجسمى ضعيف، لذلك قررت الإجهاض بعد العرض على عدد من أطباء المستشفى».
لم تكن «دعاء» بمفردها فى غرفة الحمل الخطر بمستشفى الجامعة بالمنصورة، إذ كانت ترافقها «عبير السيد»، 16 عاما، من مركز السنبلاوين، قررت أن تجهض حملها، موضحة أنها متزوجة منذ 5 شهور.
اقتربت «المصرى اليوم» من «عبير»، لتجدها فى حالة صعبة للغاية، حيث كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة نتيجة لضعفها الشديد: «عرفت إنى حامل من شهرين بعد الكشف، بس بعد فترة كان فى أوجاع شديدة فى بطنى، وباستمرار رحت كشفت وطلب الدكتور عمل أشعة وتحليل، وبعدها قال إن الجنين عنقودى ولازم تجهضى وكمان ميت فى رحمك».
وتكمل: «فى الشهر التانى للحمل الوجع كان متكرر، وكشفت، لكن الحمل مكنش ظاهر، ولما ظهر فى الأشعة كان عبارة عن كيس غريب، وظهر أن الجنين عنقودى وميت فى الرحم، والدكتور قرر يحولنى على المستشفى الجامعى بالمنصورة عشان يتم الإجهاض، نظرا لخطورته على صحتى، لكن طول فترة إجراءات الإجهاض تعبتنى جدا، وهضطر أنتظر سنتين لحد ما أقدر أخوض تجربة الحمل تانى».
أما حالة عايدة عبدالمعطى، 37 عاما، من طنطا، كانت خطرة جدا، وتم حجزها أسبوعا بالمستشفى قبل عملية الإجهاض، لحملها المفاجئ بحسب ما ذكرته ل«المصرى اليوم»، إذ تقول: «أنا أم وبقالى 18 سنة مجوزة، وعندى أربعة أولاد، بس حملى الأخير جه مفاجئ ليا من غير ما أعرف إنى حامل إلا من شهرين لما شعرت بنزيف شديد، فكشفت عند الدكتور فأكد لى الحمل، لكن بعد الأشعة قالى إنى حامل فى ثلاث شهور، والمشيمة سابقة الجنين، وده حمل خطر، ولازم يتم الإجهاض، وبالفعل بعد أسبوع الجنين توفى فى الرحم».
عايدة، لديها أربعة أولاد جميعهم أنجبتهم قيصريا، ولم يكن لديها أى مضاعفات فى حملها بأبنائها الأربعة، إلا أن حملها المفاجئ كان صدمة بالنسبة لها، فهى لم تكن تريد طفلا آخر نظرا لظروفها الاقتصادية هى زوجها، حيث إنه مزارع بسيط، ورغم ذلك كانت راضية بمجرد علمها بالحمل، لكن اضطرت للإجهاض بعد وفاة الجنين: «أنا وزوجى ظروفنا صعبة، فهو مزارع بسيط وعندنا الحمد لله أولاد ومش عاوزين خلفة تانى، بس إرادة ربنا يرزقنا بحمل ويكون خطر عليا وعلى الجنين، حتى توفى فى بطنى فى الشهر الثالث، والأشعة أنقذتنى لأنى مكنتش أعرف إنه مات فى الرحم».
طول إجراءات الإجهاض، وفقا لمى محمد، ممرضة بالمستشفى ومسؤولة عن حالات الحمل الخطر، سببه الخوف من أن تكون حالة الإجهاض غير مناسبة للمرأة، ونظرا لكون الإجهاض يعد جريمة بحسب القانون: «غرفة عمليات الحمل الخطر تستقبل أكثر من 5 حالات إجهاض أسبوعيا، ويكون أغلبها بسبب طفل مشوه أو جنين عنقودى أو الطفل متوفى أو الحالة الصحية للأم خطرة، والجنين قد يسبب لها الوفاة، وفى هذه الحالة القرار يكون صعبا، ويحتاج لآراء عدد من أطباء المستشفى».
وأضافت: «لا نقبل حالات بدون زوج، ولا بد من رؤية الأوراق التى تثبت الزواج، وأن يكون زوج المريضة برفقتها، إذ لا تتم عملية الإجهاض الا بموافقة الزوج، ما يجعل إجراء عملية الإجهاض قرارا صعبا ويلزمه بعض الوقت، ولا تتم العملية إلا بعد موافقة الأطباء».
الدكتور أشرف الكاشف، طبيب نساء وتوليد بالمستشفى الجامعة بالمنصورة، يقول إن أغلب الحالات التى تستقبلها غرفة عمليات الحمل الخطر تكون عمليات إجهاض لأن الجنين متوفى فى بطن الأم، نتيجة لوجود أمراض مزمنة لديها فى القلب والكبد، أو نتيجة لضعف التكوين الجسمانى للأم، نظرا لانتشار حالات الزواج المبكر والذى يعد أحد الأسباب الرئيسة للإجهاض.
ويضيف ل«المصرى اليوم»: «أغلب الحالات فى غرفة الحمل الخطر كانت لفتيات صغيرات حوامل، ويتم إجهاضهن لضعف الجنين أو لكونه غير مكتمل النمو، أو لأن الجنين عنقودى أو مشوه، وفى الكثير من الحالات يكون المخ والجمجمة غير مكتملين، وهذا الجنين لا بد من إجهاضه فورا، لأنه سيموت حتما بعد فترة، وأحيانا يتم الإجهاض حفاظا على صحة الأم، خاصة فى الحالات المصابة بأمراض مزمنة، مثل القلب وأمراض الكبد والكلى وهى فى مراحل متأخرة يصعب معها الحمل ويمكن إجهاضها، لكن بعد استشارة الأطباء».
وبرر «الكاشف» سبب مثل هذه الحالات هو وجود جينات وراثية أو ضعف الأم أو لإصابتها بفيروسات تسببت فى تشوه للجنين، وكل هذا يودى لوفاة الجنين، ومن ثم عملية الإجهاض، مؤكدا رفض إجراء عمليات إجهاض للأمهات التى يحملن أطفالا من ذوى الإعاقة أو متلازمة «دوان» أو أى إعاقة أخرى، نظرا لكونها ضد الأخلاق والدين، لكن يتم إجهاض حالات يكون فيها جزء من مخ الجنين لم يتكون وليس هناك غطاء للرأس، لذلك يتم إجهاضه، وهذه حالات تكون نادرة.
وتابع: «هناك أكثر من 5 حالات أسبوعية بسبب ضعف الأم أو وفاة الجنين لضعف أمه أو وجود عيب فى الرحم أو تشوه فى الجنين، ولا بد من موافقة الأطباء أيضا قبل العملية، لذلك الإجراءات تكون مدتها طويلة بعض الشىء، وذلك حتى لا ندخل فى أى شبهة جنائية أو قانوينة بقتل روح، وهناك أنواع من الإجهاض تشمل الإجهاض المتكرر والتى تجهض فيها المرأة من تلقاء ذاتها، خاصة فى حالات التى تحتاج لتعامل طبى لتثبيت الجنين، والإجهاض الحتمى، وهى الحالة التى يكون فيها الجنين متوفى داخل الرحم، وهناك حالة أخرى تسبب ألما مستمرا أو نزيف ملازم للأم، ما يتحتم إجراء عملية الإجهاض للحفاظ على صحة الأم».
من جانبها، أبدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، الحق فى الإجهاض الآمن فى حالات الاغتصاب والضرر بصحة الأم والأجنة المشوه.
وأضافت: «يجوز شرعا إجهاض الأم لطفلها قبل أن تدب فيه الروح، أى قبل 120 يوما، إذا كان خطرا عليها صحيا أو كان الطفل مشوها وخطرا على صحة الأم، وإذا تجاوز عمر الجنين أربعين يوماً ولم يتجاوز مائةً وعشرين يوما وتبين أنه سيولد مشوها بصورة كبيرة لا يمكن شفاؤها أو لا يمكن استمرار حياته يجوز إجهاضه شريطة أن يوافق الزوجان على ذلك».
وأكدت أن من حق الفتاة التى تتعرض للاغتصاب أو زنى المحارم إجهاض نفسها، لكن الإجهاض ليس مباحا فى كل الحالات، خاصة المتضررين من غلاء المعيشة أو من يرفضون الإنجاب بحجة أن لديهم أولاداً.
لا توجد إحصاءات دقيقة حتى الآن توثق عمليات الإجهاض غير الآمن، يعود ذلك إلى إجرائها فى سرية تامة، وغالبية الأرقام رُصدت نتيجة استشارات أو حالات توجهت إلى مراكز حقوقية، لذا فإن 15 سيدة من كل 1000 تتراوح أعمارهن بين 15 و44، لجأن إلى المستشفيات نتيجة حدوث مضاعفات صحية تعرضن لها بعد الإجهاض غير الآمن وفقا لتقرير أعدته هيئة المعونة الأمريكية.
وتصل نسب الإجهاض فى مصر إلى 14.8% لكل 100 مولود، فيما قالت وزارة الصحة إن الإجهاض تسبب فى 1.9% من الوفيات المتعلقة برعاية الأمومة عام 2006، وذلك بحسب دراسة أعدها المجلس الدولى للسكان بالتعاون مع الجمعية المصرية لرعاية الخصوبة، ووفقا لتقرير نشرته مجلة «لانسيت» الطبية، هناك 56 مليون حالة إجهاض على مستوى العالم سنويا.
ويرى رضا الدنبوقى، مدير مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية،: «المركز تلقى كثيرا من الشكاوى بسبب إصابة أمهات بأمراض جراء طول مدة بقاء الجنين المتوفى فى رحمهن، ما أدى إلى تسممهن والبعض الآخر توفى بسبب تعقيد الإجراءات».
العنبر الخاص بنساء الإجهاض الآمن بمستشفى جامعة المنصورة
وأضاف: «طول هذه الإجراءات فى عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة، وفى ظل المنع القانونى، يفتح المجال أمام عيادات الإجهاض غير المرخصة، خصوصاً فى الأحياء المتوسطة والفقيرة وفى أجواء غير صحية وغير آمنة، تجعل من ارتيادها مخاطرة كبيرة، فضلاً عن تكلفتها الباهظة وتعرض السيدات اللاتى يلجأن إلى العيادات غير المرخصة لانتهاكات أخرى، منها الابتزاز المادى، والتهديد بفضح أمرهنّ، وكذلك التحرش الجنسى، وطلب رشوة جنسية مقابل الإجهاض».
وأوضح أن المطالبة الحقوقية بتفعيل الإجهاض الآمن سببها إعطاء الأم حق تقرير المصير، وللحد من حالات الوفاة وأماكن الإجهاض السرية التى تعمل بعيداً عن الرقابة، ولذا يجب إتاحة الإجهاض الآمن (فى حالات محددة) تحت إشراف حكومى، ما يمنع حصول جرائم عدة تحدث فى الخفاء نتيجة إجهاض المرأة فى عيادة أو مستشفى غير مرخص.
وتابع: «قانون العقوبات الذى تم التصديق عليه عام 1937، جرّم كافة أشكال الإجهاض، وعاقب المرأة وكل من قدم لها المساعدة من أجل إنهاء الحمل بالحبس لمدة تراوحت بين يوم حتى السجن المشدد وفق المواد 261 و262 و263 و264 من القانون، ما يعد مخالفة صريحة للدستور.
وتقول هبة عادل، محامية ورئيس مبادرة المحاميات المصريات: «رغم الضمانات الشرعية والدستورية والقانونية فإن الحق فى الحياة لايزال معرضا للعديد من التحديات، وفى مقدمتها الإجهاض الذى يرتكب سرا أو الذى يراد له أن يكون علنيا، وهو تحد على قدر كبير من الخطورة، ومع ذلك فمبادرة المحاميات من الأصوات القليلة التى تطالب بفرض الإجهاض الآمن فى بعض الحالات المرتبطة بالتأثير ارتباطا وثيقا بصحة المرأة وأيضا حالات الاغتصاب، وتقدمنا بتعديل مقترح فى القانون الموحد للعنف ضد المرأة بمادة تحمل رقم 33 وهو منطق إباحة الإجهاض دون موافقة الشريك فى الحالات المذكورة»، منتقدة طول إجراءات عمليات الإجهاض فى بعض المستشفيات، واعتبرت الدكتورة رحاب لطفى، أستاذ مساعد طب النساء والتوليد والعقم بقصر العينى، أن فكرة الإجهاض الآمن لحالات مثل الاغتصاب أمر ضرورى، وأن دار الإفتاء أجازت الإجهاض فى حالة الاغتصاب.
وأضافت: «أنا ضد إجهاض امرأة دخلت فى علاقة بإرادتها، وهناك حالات كثيرة يجب فيها الإجهاض إذا كان الجنين فى حالة تشوهات، لأن التشوه سيجعله يموت سواء فى رحم أمه أو حتى بعد الولادة، وأيضا من الحالات التى وجب فيها الإجهاض حالات الأمهات المريضات بالسرطان والقلب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.