سلمت مجموعة من النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني مذكرة مشتركة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان جوي واي سونق، اكدت من خلالها انها تمثل قطاعات وشرائح هامة من الشعب السوداني، وتبذل جهودها الوطنية من أجل تحقيق السلام المستدام، وتعزيز الاستقرار، والعمل على إنجاح الفترة الانتقالية وإنجاز برنامجها المعلن في الوثيقة الدستورية، الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان وتحقيق التحول الديمقراطي، وتمكين الشعب السوداني من ممارسة حقوقه الدستورية في اختياره ممثليه عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع بما يتوافق والمعايير الدولية؛ وأوضحت انها ترفع للأمين العام للأمم المتحدة وللسادة رئيس وأعضاء مجلس الامن الدولي، عبر الممثل المقيم في السودان عن المنظمة الدولية، المذكرة واعربوا فيها عن رفضهم وبالغ قلقهم بخصوص المداولات التي تجري في الامانة العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي بشأن ارسال بعثة سياسية دولية لبناء السلام في السودان استجابة لطلب رئيس وزراء الحكومة الانتقالية بالسودان. وأشارت المنظمات التي شملت نقابة المحامين السودانيين، واتحاد عام نقابات عمال السودان واتحاد الصحفيين السودانيين، والاتحاد العام للمرأة السودانية واتحاد المعلمين السودانيين، واتحاد الزراعيين السودانيين و رابطة المحاميين الوطنيين. و رابطة القانونيات السودانيات و منتدي شباب المحاميين السودانيين و منظمة محامون لأجل الوطن. أن رئيس الوزراء لا يملك التفويض الدستوري أو الشعبي لطلب مثل هذه البعثة، ولا يقع هذا الطلب ضمن مهامه الاصيلة في إنفاذ أجندة الفترة الانتقالية وإقامة الانتخابات وفقا للشرعية الديمقراطية،واوضحت ان هذا الطلب فاقم الانقسام المجتمعي وزاد من حدة الاستقطاب والاحتقان السياسي في البلاد، في وقت نحن احوج ما نكون فيه للتوافق والتراضي الوطني لمواجهة التحديات الراهنة. واكدت اسهامه في زيادة حدة الاستقطاب السياسي ونوهت إلى ان هذا الطلب لم تجر حوله اي حوار أو مشاورات مع الشعب السوداني و ممثليه و قواه الحية، بل فوجئت الاوساط السياسية والمدنية بسرية هذا الطلب في مداولات مجلس الامن، وزاد من غبن الجماهير ان النسخة المسربة من مسودة القرار في كبريات الصحف العالمية كشفت أن هذا الاجراء يمثل تعديا علي مباديء السيادة الوطنية ويرهن مستقبل البلاد السياسي لعناصر خارجية ستمتلك القرار وتكون لها اليد العليا في شئون البلاد أكثر من الحراك الوطني الداخلي لممثلي الشعب ومنظماته وأصحاب المصلحة. وأكدت المنظمات إن البلاد وهي تتجه نحو تحقيق السلام، وإنجاز التحول الديمقراطي المأمول، تحتاج إلي تعزيز قدراتها الوطنية عبر تقوية الشراكات الراهنة مع الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة الموجودة في السودان والتي تبلغ حسب علمنا حوالي 18 ممثلاً مقيماً، وليس عبر انشاء بعثة سياسية جديدة لبناء السلام ترهق تكاليفها كاهل المجتمع الدولي دون أسباب مقنعة، وتزيد من حدة الاستقطاب والانقسام السياسي والمجتمعي، وتضاعف من احتمالات إشتعال الحروب الاهلية مجددا مما يتعارض مع مباديء تعزيز الامن والسلم الدوليين حسب ميثاق الاممالمتحدة؛ خاصة وأن ولاية البعثة المقترحة تشمل كامل التراب السوداني، وأن تفويضها السياسي يجعلها بلا شك طرفاً فاعلاً في الصراع السياسي الداخلي ويدمغها بالانحياز لمساندة طرف دون آخر مما يعرض عملية السلام و التحول الديمقراطي في بلادنا للخطر الماحق. وأشارت المذكرة الى أن مهام البعثة تشمل، حسب الطلب المقدم من رئيس وزراء الفترة الانتقالية بالسودان، إنفاذ الوثيقة الدستورية وحماية المدنيين والمساعدة في كتابة الدستور وتوطين و اعادة النازحين وحماية حقوق الانسان، و تسهيل الدعم الاقتصادي الدولي، وتنفيذ اتفاقية السلام، بما في ذلك الترتيبات الامنية،وأكدت انه في هذا الخصوص، فإن هذه المهام تقع في صميم أعمال الحكومة التنفيذية وهي أعمال وطنية وسيادية بإمتياز، لا يمكن تركها لجهة خارجية مهما تكن مشروعيتها الدولية. ولقد كان من المأمول، في هذا الخصوص، أن تنتبه القيادة السياسية والتنفيذية في البلاد لضرورة إجراء مشاورات وطنية متكاملة قبل الدفع بالمقترح، وأن تمضي بدلا عن ذلك في تنفيذ اتفاقيات حكومة السودان مع الأممالمتحدة في السحب التدريجي وانفاذ خطة خروج اليوناميد، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2363 (2017) وتركيز جهودها علي قضايا السلام والازمة الاقتصادية والجائحة الصحية وتوفير مطلوبات التحول الديمقراطي. لكن للأسف اختارت الحكومة الانتقالية ان تمضي عكس الاجماع الوطني وضد تطلعات الجماهير، وأضافت المنظمات في مذكرتها بالقول (نحن نربأ بالاممالمتحدة أن تكون عاملا اضافيا في تقسيم المجتمع السوداني، واضعاف ارادته الوطنية، وتعريضه لمزيد من الحروب والصراعات و تأخير عملية السلام ونسف أسس الاستقرار المستدام والتحول الديمقراطي المنشود) . وفي سياق ذي صلة أكدت المذكرة إن تجربة وأداء الحكومة الانتقالية خلال الاشهر الماضية منذ تأسيسها كشفت عن ممارسات تتناقض مع المباديء المستقرة في مجال إدارة العدالة وإرساء أسس حكم القانون بما يتناقض مع شعارات التغيير، وزادت (يمثل لجوء الحكومة الانتقالية المفاجيء والآحادي للتقدم بطلب للامين العام ، علي نحو ما أسلفنا، تخبطاً وإنتهاج لمسلك لا يتوافق مع مبادىء الحكم الرشيد من حيث إيكالها إنجاز مهامها الاساسية لبعثة أممية دون سبب ظاهر أومقنع. ومن ثم، كان علي المجتمع الدولي أن يحجم عن تشجيعها علي السير في هذا الطريق ويدعوها للتصدي لمسئولياتها). وبينت أن الوثيقة الدستوية التي تسعي الحكومة الانتقالية في السودان إلى إنفاذها بمساعدة الاممالمتحدة وبإجماع أهل الراي في السودان، لا تتمتع بدعم وموافقة غالبية القوي السياسية النشطة في ساحة السياسة السودانية ولا تعبر عن طموحاتهم. كما أن في ثنايا هذه الوثيقة من الاحكام والمواد ما يعزز روح التفرقة والتمييز بين مكونات وقوى المجتمع المدني السوداني، ويميز بينهم بسبب إنتماءاتهم السياسية، الامر الذي يتجافي مع مقاصد وأهداف ميثاق الاممالمتحدة والمواثيق الدولية الاخري في مجالات حقوق الانسان والحقوق السياسية والاقتصادية والقواعد المستقرة في القانون الدولي وأضافت بأنها، إذ ترفض انشاء بعثة سياسية اممية في السودان ، لاتريد أن ترى الاممالمتحدة تناصر حكومة إنتقالية، لا تزال تفتقر للاجماع الوطني ولم تأت بها إنتخابات ديموقراطية، في مواجهة القوي السياسية السودانية الأخرى ، وأكدت مواصلة جهودها ضمن جبهة وطنية عريضة لمناهضة هذا التوجه بالطرق الوطنية، القانونية منها والسلمية. وناشدت الأمين العام للأمم المتحدة والسادة رئيس وأعضاء مجلس الامن الدولي بإرجاء البت في الطلب المقدم من رئيس وزراء الفترة الانتقالية في السودان وعدم تنفيذه، الي أن تجري حوله مشاورات وطنية واسعة حتي يحوز الرضي والاجماع، أو حتي يتم تعديله بما يتوافق مع الارادة الوطنية الجامعة. مشيرة الى إن عملية الفرض القسري لبعثة الاممالمتحدة المقترحة علي الشعب السوداني، دون أية مشاورات، وفي إهمال تام لرأي قوي المجتمع الحية، ستسفر– دون أدني شك – عن نتائج وخيمة ستؤثر علي مستقبل وإستقرار السودان وإنتقاله الديموقراطي. وأكدت المنظمات الوطنية في ختام مذكرتها انها ليست ضد مبدأ الاستعانة بالمنظمة الدولية في تحقيق السلام وإنفاذ إستحقاقات الفترة الانتقالية، لكنها ترى أن ذلك لا يتم بإبتعاث البعثات السياسية التي قلما تنجح في في مهامها علي النحو المرجو حسبما أثبتته العديد من تجارب انشاء البعثات الأممية في افريقيا وفي مناطق أخري من العالم،وقال أن هذه الاهداف يمكن أن تتحقق بصورة أفضل عن طريق تعزيز وتقوية الشراكة مع الأممالمتحدة عبر وكالاتها المتخصصة، وعن طريق زيادة التخصيصات المالية لانجاز برامج السلام و مطلوبات التحول الديمقراطي المتفق عليها، ولفتت إلى أن تخصيص جزء مقدر من نفقات هذه البعثات من أجل التنمية وإعادة التعمير في البلدان المعنية هو الطريق الأمثل لمساعدة تلك الدول وشعوبها للخروج من ازماتها، اما فرض مثل هذه البعثات علي الشعوب دون موافقتها فقد قادت وستقود لمزيد من الاضطرابات والانقسامات والحروب الأهلية.