"تأسيس" تهنئ إثيوبيا بإفتتاح سد النهضة    تحالف تأسيس: استهدفنا مواقع عسكرية تخدم المجهود الحربي للجيش    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    بث مباشر لمباراة السودان وتوغو في تصفيات كأس العالم    إعفاء غرامات الإقامة للسودانيين الراغبين فى مغادرة مصر    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    اتصال هاتفي بين"البرهان" و"تميم"    إيران: هجوم إسرائيل على قيادات حماس في قطر "خطير" وانتهاك للقانون الدولي    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    سلاح الجو السوداني يشن غارات مكثفة على مواقع ميليشيا الدعم السريع في محيط بارا    دموع رئيس وزراء إثيوبيا تسيل مع جريان المياه من سد النهضة    أزمة تضرب أوروبا.. إغلاق قياسي للشركات منذ 2009 وتسريح 18 ألف عامل    الهجرة الدولية للأمم المتّحدة تعيد افتتاح مكتبها في الخرطوم    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: السودان يشهد أكثر التحولات السياسية تعقيدا    الجزيرة تصنع درعها    المريخ بربر يعزز صفوفه بالمهاجم القناص عمار سراج    عودة إلى العمل.. الهلال يستعد لمواجهة حاسمة في سيكافا    أخَوات (إنّ) بالرِّضَاعَة    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    شعب منكوب محاط بالغزاة والطامعين ومغتصبي الأرض والنساء والمعادن    "فيلم ثقافي".. هل تعمد صلاح استفزاز بوركينا فاسو؟    «لا يُجيدون الفصحى».. ممثل سوري شهير يسخر من الفنانين المصريين: «عندهم مشكلة حقيقية» (فيديو)    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الهلال والأهلي مدني يتعادلان في سيكافا    شاهد بالصورة.. بعد هجوم الجمهور عليه.. المذيع حازم حلمي يكتب تدوينة مؤثرة: (ممكن أغلط وأقع في أخطاء، لكن عمري ما كنت بسوء ظن بعض الناس.. كلنا بنحب السودان، لكن ما بنحب بعض)    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    شاهد بالفيديو.. "عينك فوقو تركب فوقو".. الفريق كباشي يحمس جنود الجيش في محاور القتال بكردفان بإشارة البرهان    شاهد.. الفنانة ميادة قمر الدين تفتح النار على زميلتها المطربة إيمان الشريف: (كفاية تناخيس وخساسة وضرب على الضهر)    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    شاهد بالفيديو.. فنان سوداني يشعل حفل غنائي في مصر وأسطورة نادي الزمالك وساحر الكرة المصرية يتفاعل في الرقص إعجاباً بأغنياته    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    الإمارات تتوقف عن استيراد النفط السوداني    شاهد.. كروان الطمبور يبعث برسالة قوية للمطرب "الفارس" الذي وبخ الجمهور وحسم الفوضى وفرض النظام داخل حفل غنائي    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    بالصورة.. حسناء الفن أفراح عصام تتغزل في سيدة الغناء السوداني وتطلق عليها لقب "المرعبة": (انتي في مكان بعيد شديد لا يقبل أي مقارنة)    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    من صدمات يوم القيامة    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللاءات الثلاثة ..... (2 من 2)
نشر في النيلين يوم 21 - 12 - 2021

بحسب ما أثبتنا في الجزء الأول؛ فإن أهم مهام وإختصاصات الجيش، بحسب نص قانون قوات الشعب المسلحة هي: حماية سيادة البلاد والدفاع عن النظام الدستوري والذود عنه، وتأمين سلامة البلاد والدفاع عنها فى مواجهة التهديدات ((الداخلية)) والخارجية، وتأمين احترام سيادة حكم القانون والحكم المدنى الديمقراطى وحقوق الإنسان ، والتصدى لحالات الطوارئ المحددة قانوناً " وأثبتنا أن وضعها ودورها الطبيعي هو بقاؤها في ثكناتها ومواقع انتشارها في حالة التأهب التام تراقب الأوضاع وترصد المهددات (الداخلية و الخارجية) لسلامة البلاد ولنظامها الدستوري وسيادة حكم القانون، ولا شأن لها مطلقاً بتسيير دولاب العمل التنفيذي المدني الخالص الذي من الطبيعي أن تتولاه حكومة مدنية ذات شرعية دستورية بحسب نظام الحكم المتبع في الدولة.
الناظر بتجرد للأحوال والأسباب التي استدعت الجيش في تاريخنا السياسي الحديث للتدخل في ساحة العمل السياسي واستلام السلطة في العام 1958م ثم في العام 1969م ثم في العام 1985م ثم في العام 1989م، لأبد أن يلحظ ثلاث حقائق لا يمكن أن تخفى على أحد: أولها أن كل حالات تدخل الجيش المذكورة كان بتخطيط أو تنفيذ أو إيحاء أو دعم من أحزاب مدنية!! ولم يخلو حكم أنجزه الجيش في عهود عبود ونميري والبشير من مشاركة غالب الأحزاب المدنية في حكوماته المتعددة، بل إن غالب وزراء حكوماتهم كانوا من مدنيين تكنوقراط !! والحقيقة الثانية هي أن كل حالات استلام الجيش للسلطة أعقبت فترات من التشاحن والتشظي والاحتقان السياسي الداخلي بين الأحزاب السياسية بسبب فشلها الذريع في القيام بأدوارها في إدارة الشأن العام للدولة، وإانشغالها بالصراعات الحزبية داخلها، وفيما بينها عن حفظ الأمن القومي وتوفير حياة كريمة للمواطنين، والمؤسف أن؛ هذا الفشل الناتج عن تدني مستويات الرشد السياسي داخل هذه الأحزاب ظل يتولى، بل ويتصاعد بصورة مخيفة كلما مضى بنا الزمان، فمستويات الاختراق الخارجي للأمن القومي والانفلات الأمني والانقسام المجتمعي الناتج عن الاحتقان السياسي والتشاحن والاختلاف الحادث اليوم بين مكونات الساحة السياسية والمهدد مباشرةً للأمن القومي والمجتمعي، هو اليوم أشد مما كان عليه في كل سوابق أيام الانَقلابات العسكرية!! والحقيقة الثالثة المخيفة جداً، والتي لا تلقى اهتماماً كبيراً لا من عامة الناس ولا من قادة الأحزاب هي أن غالب أحزابنا السياسية ذات امتدادات وولاءات خارجية وتربطها (حبال سرية) بكفلاء في الخارج يتلقون منهم الدعم المالي والتوجيه السياسي بما يخدم مصالح الخارج لا مصالح الوطن، مما يشكل تهديداً مباشراً للأمن و المصالح القومية لا يمكن تجاوزه ولا السكوت عليه بأي حال، وبلغ الأمر بمدير مخابرات دولة أجنبية أن يهدد علناً بأن لديهم كشوفات بكل من استلم منا (درهماً)، وصارت بعض السياسات تطبخ لخدمة أهداف لا جدال في مساسها بالأمن و الاقتصاد الوطني لكنها تخدم مصالح محاور إقليمية!!
هذه الحقائق الثلاث تثبت الدور الكبير الذي ظلت وما زالت تلعبه الأحزاب السياسية في صناعة وتوفير دواعي تدخل الجيش في الساحة السياسية، لا تطفلاً ولا تسلطاً بل قياماً بدوره المنصوص عليه في قوانينه، حيث أن مؤشرات الواقع اليوم تثبت مستويات الرشد السياسي لدى أحزابنا ظلت تتدنى ولا ترتفع، وأنها لم تعي بعدُ دروس الماضي ومازالت في غييها القديم تتجاهل التمسك بروح السيادة والكرامة الوطنية فتجدها تستنصر بالخارج والأجنبي على بني وطنها وعلى وطنها، وترفض التوافق الوطني و قبول الآخر، وتصر على نقيصة التخوين و التجريم و الشيطنة والإقصاء لكل من خالفها رأيها، ولا تتورع في مد يدها بالقوة والعنف بكافة أشكاله من الانقلاب العسكري وتكوين المليشيات المسلحة وحتى التتريس والإرهاب الفكري للخصوم.
إن أرادت الأحزاب ومكونات الساحة السياسية المختلفة أن يعود الجيش لثكناته و أن ينصرف لمهامه الأساسية، وأرادت أن تتجنب تدخله المباشر في العمل السياسي وتوليه لمقاليد الحكم، فعليها أن ترتقي هي لمستويات الرشد السياسي اللازمة لتأسيس حياة سياسية نظيفة، بأن تتوافق على ثوابت خمسة تؤسس لدولة مدنية مستقرة، وهي : أولها: ثابت السيادة والكرامة الوطنية ورفض التدخلات الأجنبية والاستنصار بالخارج بأي حال، وثانيها: ثابت الدستور الوطني المنظم للحقوق والواجبات والمتوافق عليه من غالبية الشعب باستفتاء نزيه، وثالثها: لا سلطة لجهة أو حزب إلا بتفويض شرعي من الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة، ورابعها: لا فرض لدين أو فكرة أو ايدولوجية سياسية على الناس بالقوة، وأن الشعب هو من يختار مصادر تشريعه وحاكميته، وخامسها: وآخرها: هو قبول الآخر والتصالح و التسامح السياسي والإيمان بأن رأي الحزب الذي أنتمي إليه صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيره من الأحزاب في نظري خطأ لكنه يحتمل الصواب، و الفيصل بيننا هو الشعب عبر صناديق الانتخاب النزيه.
سيعود الجيش لثكناته عندما تتخلى الأحزاب السياسية عن سلوكها المهدد لأمن وسلامة البلاد، وعندما تتوافق على الثوابت الوطنية و تلتزم بها، وتؤسس لدولة مدنية مستقرة تحمي الحقوق بدستور قوي متوافق عليه وتنظم التداول السلمي للسلطة بينها، ولها أن تحدد في صلب دستورها هذا واجبات واختصاصات الجيش كما تشاء. فما الذي يمنع هذه الأحزاب عن القيام بدورها في تأسيس الحياة السياسية المدنية ليبتعد الجيش عنها!!؟ فما سمعنا ولا رأينا منذ سقوط النظام السابق اجتماعاً للأحزاب تناقش فيه قيام مؤتمر دستوري أو أن تُقر دستوراً متوافقاً عليه يحكم البلاد، ولا رأيناها تتحدث عن مفوضية انتخابات أو قيام انتخابات تمنح الشرعية الشعبية لمن يستحقها ليقود البلاد والشعب وفق رغبته، ولا هي بحكومتيها المدنيتين السابقتين حققت للشعب أحلامه في حياة كريمة أو عدالة أو سلام.
حتماً سيعود الجيش لثكناته ململماً صناديق ذخيرته ، عندما تلملم الأحزاب شتاتها وتذهب لصناديق الانتخابات وفق دستور منظم للتداول السلمي للسلطة بينها ينهي تشاكسها صراعات ها.
أماني ايلا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.