لست مع معسكر الرأي الذي غضب من تقدم السودان الشقيق في التصنيف الدولي قبل المنتخب السعودي، طالما التاريخ يعيد نفسه بعد عقود من الزمان كان فيها السودان أعلى كعبا في فنيات كرة القدم وأبجدياتها. مثلما تحسسنا من فقدان زمن ملكنا فيه عرش الهيمنة على القارة الصفراء ومن قبلها تربعنا على عرش الفن العربي يجب أن ننزل الكرة السودانية وتاريخ زمنها الجميل منازلهم عندما أخذ لاعبو السودان على عاتقهم تعليم أسياسات الكرة وفنياتها لبدايات الجيل الأول. لاعبون امتلأت بهم جنبات كبار أندية زين التي قامت على أكتاف ما بذلوه من عرض وجهد وتضحيات منهم من غادر حياتنا (نطلب لهم الرحمة) قبل أن نترحم على أيامهم الجميلة ولمساتهم الكروية الساحرة ومنهم من فضل البقاء بيننا عرفانا بالحب والتقدير ومنهم من عاد إلى وطنه حاملا أجمل الذكريات. بقدر ما أحزنني ترتيب منتخب المسحل وريكارد صاحب الخمسة بعد المائة إلا ما أثلج صدري أن كرة القدم السودانية بدأت تتنفس أوكسجين نقيا رغما عن إمكانياتها وقدراتها واعتمادها على كوادرها الوطنيين. ليس هناك مجال للغضب فمنتخب عريق يحسب له أمجاده التي بدأت قبلنا مثل السودان الشقيق تقدمنا دون أن يحظى بمدربين (نخب أول) مثل فتلة العصر التدريبي (ريكارد) ومن قبله (بوسيرو) ولم يحظ برئيس شؤون منتخبات (معجزة) عصره في علم وفلسفلة الكرة والخطط طويلة المدى مثل المسحل ودون أن يملك مصباح علاء الدين السحري (شبيك لبيك الفلوس بين يديك). نعم يحق للشارع الرياضي أن يغضب للترتيب الذي وصل إليه منتخبنا بعد المائة لا لشيء سوى أن ما نملكه من إمكانيات مادية لو توفرت للسودان الشقيق لحصل على كأس العالم (رايح جاي) ولجعل من البرازيل (مكاو) زمانه. ولكن يحق لنا في الوقت (ذاته) وعرفانا للجميل أن نفخر بأن السودان الذي أسس مشكورا أول لبنة احترافية في تاريخنا استدل على خارطة الطريق قبلنا وأشعل شمعته الرياضية بدلا من أن يلعن الظلام. سألني من عاصر ذلك الزمان الجميل ما بال القوم غاضبون من تقدم (الزول) الأنيق قبلنا منتخبنا عالميا؟ أولا يكفي شهادة أنهم مثلوا بيئة جاذبة للحضور الجماهيري للملاعب آنذاك بفنياتهم قبل أن تتشكل رابطة دوري محترفين أو مسطحات خضراء وعقول احترافية جرداء. فختم حديثه قائلا: قل لهم أن يقرؤوا التاريخ فهؤلاء عندما جاء أشقاؤنا هؤلاء قدموا ما في جعبتهم فنيا وكرويا بأمانة مطلقة ورحلوا مع زمانهم في الوقت الذي أضاع فيه من نصبوا أنفسهم أوصياء على منتخبنا الوطني هيبة الأولين التي طوعوها من أجل مصالح شخصية وأحلام وردية. عبد الله الحربي