أجندة جريئة. أزمة معامل.. وأزمة تعامل..!! هويدا سر الختم ظهرت بالبلاد منذ فترة حالات إصابة بالإسهالات الحادة.. بدأت ببعض الولاياتكسلا والقضارف وبعض المناطق بغرب السودان.. ثمّ انتقلت الى العاصمة المثلثة الخرطوم وأم درمان وبحري.. منذ حدوث هذا الوباء إذا جَازَ لنا التعبير بعد حالات الإصابات الجماعية المتفرقة.. والجهات المُختصة لم تستطع تحديد أسباب تفشي الإسهالات.. بل إنّ التحرك مازال في مرحلة أخذ عينات من المياه وإرسالها للمعمل المركزي لإثبات تلوثها أو عدمه.. وهناك تصريحات مُتفرّقة من بعض المختصين تحمل شبهة تلوث مياه الشرب، تقابلها تصريحات من هيئة مياه ولاية الخرطوم تنفي تلوث المياه وتتهم وزارة الصحة والمحليات بعدم الإهتمام بنظافة البيئة الأمر الذي أدّى الى تلوث الخُضر والفاكهة مع عدم تعقيم الأسواق والباعة الجائلين. لا أدري من أين أتت هيئة مياه ولاية الخرطوم بهذه الثقة الكبيرة في إثبات عدم تلوث مياه النيل والمعمل المركزي لم يصدر قراره بعد.. صحيحٌ أنّ الاتهامات التي وجّهتها هيئة مياه ولاية الخرطوم لوزارة الصحة والمحليات صحيحة، بل أقل من الواقع الماثل.. ولكن ليس من حق الهيئة تبرئة المياه من التلوث حتى يثبت قرار المعمل هذا الأمر.. من ناحية أخرى تحركنا دائماً للتعامل مع هذه الأمور الصحية الحسّاسة يحدث بصورة سلحفائية.. وحينما يتم تحديد أسباب المشكلة تكون قد قضت على الأخضر واليابس.. حالات الضحك الهستيري التي حدثت في شمال كردفان في منطقة الخوي.. حتى الآن لا نملك إجابة قاطعة لمسببات هذا المرض على الرغم من التصريحات التي خرجت.. فوزارة الصحة ترجع سبب الوباء لتلوث في المياه والولاية تنفي.. ثم تخرج تصريحات مبطنة تقول إنّ المعمل لم يستطيع أن يثبت شيئاً حتى الآن وهكذا سارت الأمور.. وكثيراً ما يحدث هذا الأمر في حالة ما كانت متعلقة بفحوصات معملية.. والآن يحدث ذات الأمر.. فظهور حالات الإسهالات هذه حدث منذ أكثر من شهر.. وحتى الآن التصريحات التي تملأ الصحف تقول إنّ وزارة الصحة أرسلت فريقاً لأخذ عينات من المياه وإرسالها للمعمل وتصريحات مضادة تستبق الأحداث لتستخرج شهادة براءة مقدماً.. لدينا مشكلتان أساسيتان نعاني منهما بصورة خطيرة.. عدم استشعار الخطر وسرعة التعامل معه.. والمشكلة الأخرى خلو البلاد من المعامل المؤهلة القادرة على مواجهة الإشكالات التي تعترض البلاد في المجالات كافة.. في العام 2008م تعرض أحد التجار لخسارة كبيرة بسبب بطء الإجراءات وعدم وجود المعامل المؤهلة في البلاد التي تستطيع أن تحسم قضيته.. ولعلكم تذكرون قضية (اللبان الإسرائيلي) التي اتهم فيها أحد التجار باستيراده للبان يعمل على تغيير هرمونات الذكورة والانوثة (بظهور هرمون الأنثى عند الرجل والعكس)، وكنت قد أجريت تحقيقاً مطولاً عن هذه القضية بصحيفة (السوداني) في ذات العام.. ولم تستطع الجمارك أن تجد معملاً يفصل في هذا الأمر ضمن إداراتها أو في بقية أنحاء الدولة.. وحمل التاجر بمهمة إرسال عينة من بضاعته إلى ألمانيا ليتم الكشف عنها، الأمر الذي كلفه انتظاراً ما يقارب العام حتى وصول النتيجة التي أثبتت براءة اللبان مما نُسب إليه.. لابد من الإلتفات الى قضية تأهيل البلاد معملياً.. واستنهاض همم المسؤولين تجاه القضايا المرتبطة بصحة الإنسان خاصة. التيار