الأسر العفيفة و المتعففة ! بين الجد والهزل أبو ريم فى مناطقنا السكنية نعاني ونقاسي من فقرنا ونتلوى جوعاً ونعيش الحسرة والإحباط الظاهر على وجوهنا الكالحة.. ونتوارى خجلاً أمام أمهاتنا وزوجاتنا ونهرب من الإحراج الدائم أمام أولادنا الذين عجزنا في تعليمهم وتوفير لقمة الخبز الطرية لأفواههم .. وعجزنا عن صد الأمراض الفتاكة عن أجسادهم وأجسامهم التي هزلت بفعل الأنيميا والملاريا الخبيثة !؟ وبعد كل هذا وذاك أطل علينا أهل الزكاة من بناياتهم العالية وبشرونا – حفظهم الله – برحمتهم وبركاتهم وزكاتهم القادمة .. ولوحوا لنا بأياديهم بأننا على بالهم وأننا لم نبرح خيالهم وأكدوا لنا من شرفاتهم ومن بين أسراب سياراتهم المرابطة أمام مكاتبهم العامرة بأنهم يتابعون فى روية وحكمة مواكب الشحادين وتجمعات المتعطلين و"مرافيد" الخدمة المدنية الذين سدوا الشارع السوداني المسلم .. وأعلنوا بأنهم شمروا عن سواعدهم وأياديهم الطاهرة لمساعدة الأسر “العفيفة" وإعانة أفرادها المتعففين في مشوار الحياة !؟ يا سلام على الرحمة .. ويا سلام على الهمة وروح الإخاء والمودة .. ولانملك نحن السادة الفقراء الذين نجتر جوعنا وعطشنا ومرضنا إلا أن نرفع أيدينا بعد صلواتنا أن يلهمنا الله الصبر ويعيننا على فقرنا ويبارك لنا في لجاننا الشعبية ولكل العاملين على الزكاة .. وليتاكدوا اننا لن نشكو لربنا بما فعله فينا وبنا أخوة لنا يرصدون علينا انفاسنا ويحبسون نسمات الهواء النقي الواصلة لأنوفنا .. وبارك الله في من صنفونا إلى أسر عفيفة، وأسر غير عفيفة وربنا سيلهمنا الصبر في مشوار حياتنا القادمة مثلما كان معنا ونحن نرعى أصفار فقرنا حتى شبت وترعرعت في كنفنا، ووصلت لمعدلات فلكية نفاخر الآن بعلوها ونشارك بها بعين قوية اخواتنا في أمريكا اللاتينية و الآسيويين والأفارقة في سباقات وساحات الفقر الدولية !؟ واصابتنا الحيرة وتملكنا كالعادة الاندهاش من الذين يحلقون فى سموات بعيدة عن ارضنا وواقعنا بل يصنفوننا ويصفونا بصفات وأوصاف بعيدة ولاتشبهنا .. ولم يفسروا لنا وهم المتحدثون باسمنا والقائمون على أمرنا وهم أهل الدراية والمعرفة كيف سيتوصلون فى توزيع زكاتهم المتوقعة للأسر “العفيفة والمتعففة" التى يمنعها عفافها أن تعلن عن فقرنا واحتياجاتها أو تمدد أياديها النظيفة لتنابلة السلطان والسلطة لتأخذ نصيبها واستحقاقاتها !؟ وانطلق خيالنا علنا نصل إلى تفسير قد يقنعنا ويقنع غيرنا بسلامة تصنيف أهل الزكاة وقلنا :- - ربما عفة وعفاف الأسرة تأتي من أنها صابرة وتعاني فقرها “كتامي" من داخل حيطان دارها وسكنها العشوائى بعيداً عن اللجان الشعبية المنتخبة ولا تعلن عن حاجتها واحتياجها إلا لرب السماء !؟ - ربما عفة الأسرة وعفافها تأتي بتحمل أفرادها لوجبة طعام واحدة – لا يشترط أن تكون مغذية أو مشبعة – يعيشون عليها وبها كل يومهم ويسدون نقص طعامهم بقزقزة التسالي ومص حبات اللالوب والنبق ولا يعلنون عن جوعهم حتى لجيرانهم ويرددون( عزة نفسي حاميانى افتش نفسي ليك تاني..) !؟ - ربما عفة الأسرة تأتي بصبر أفرادها على الأمراض التي تفتك بهم ويحسونها تسري في أجسادهم وعظامهم ولكنهم لا يزورون الطبيب المداوي لعجزهم المالي ولا يغشون المستشفيات الحكومية لحرجهم وخجلهم من انهم لا يملكون “حق الحقن" وتكاليف الدواء ولا يعرفون رئيس لجنتهم الشعبية المنتخبة أو موقع ديوان الزكاة !؟ - ربما عفة الأسرة وعفافها تقاس بعجز أفرادها جميعاً على توفير حقيبة جلدية صغيرة لطفلهم الصغير في مرحلة الأساس لتعين المسكين في حمل كتبه وكراساته المجبور على ثقلها وحملها وهو يرتقي درجات السلم التعليمي الهرم ولا تعلن عن عجزها وتعاني احباطها الأسرى أمام صغيرها ولا تعرف طريقاً لأهل الزكاة أو أماكن تواجد الخيرين والأخيار لمعالجة الكارثة وتخفيف المأساة !؟ - ربما عفة الأسرة وعفافها تقاس عندما يحل عيد الفطر المبارك أو عيد الأضحى والفداء وتحاصر باحتياجات أطفالها لملابس العيد الجديدة ويجهل أفرادها طريقة الوصول لديوان الزكاة لابلاغهم عن عجزهم كاسرة فى توفير كسوة العيد ولبس الجديد لأطفالها !؟ - ربما عفة وعفاف الأسرة تقاس بعجزها وفضيحتها يوم يأتي ميعاد تأهيل بناتها وأولادها ولا تجد ما تقدمه لأصهارها وضيوفها ولا تعرف كيف تضاري فضيحتها الاجتماعية بستر بناتها ولا تعرف حتى طريق الاقتراض والدين حتى “تدين وتتبين" !؟ ياسادة يا كرام كل الأسر السودانية عفيفة ومليئة نفوسها بالعفاف ولكنها بحسها الوطني وتربيتها الأصيلة متعففة في الوصول إلى ديوان الزكاة للبحث عن اللقمة الطرية .. فدعوها تستمتع بهدوء ولذة بفقرها مع احتفاظها بعزة نفسها وكرامتها .. وأتركوها كما تركتكم وبعدت عن طريقكم لتبحث عن طعامها من خشاش الأرض بعيداً عن زكاتكم وهبركم الحلال حتى لا تدخلوا النار بحبسها وعذابها وعدم إطعامها وساعدوها بالصمت .. يرحمكم الله !؟ الميدان