تراسيم.. صباح الخير أيها الشاب الجميل!! عبد الباقي الظافر مقديشو تحترق.. السفارات أغلقت أبوابها.. الجنرال سياد برّي يتأهّب للهرب.. لا كهرباء ولا ماء.. رائحة الموت في كل مكان.. الصحفي السودانى سيد أحمد خليفة يصر على أداء مهامه الصحفية تحت ضوء (فانوس) وفي غرفة مهجورة.. كان الرجل يكتب الفصل الأخير في اغتيال دولة الصومال. احتفت صحيفة \"الشرق الأوسط\"، بالمقدرات الاستثنائية لمراسلها في العاصمة الصومالية.. وفي صفحة الغلاف التي يحتكرها كبراء القوم من أصحاب السمو والرفعة.. تحكر (أبو السيد) السوداني وفانوسه على الوصيد. في احتفال أريتريا بالاستقلال.. جاء الناس من كل صوبٍ وحدبٍ.. الأستاذ سيد أحمد خليفة الذي ارتبط بالنضال الأريتري يذهب الى هنالك.. ولكنهم يعيدونه من المطار باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه. وأربعون عاماً الى الوراء.. وسيد أحمد صحفي شاب يتبنى قضية سكان الامتداد.. ويركز الضوء على مشكلة البلاد التي ضاقت بأهلها.. والحكومة التي كانت تقرأ الصحف تستجيب لمقترح الشاب سيد أحمد في التوسعة على الناس.. الأهالي يردون الفضل إلى أهله.. ويسمون مدينتهم الجديدة (الصحافة). في التعددية الثالثة.. الناس لا تذكر الدكتور علي الحاج وزير التجارة.. إلاّ معقوباً (الوزير بتاع القصر العشوائي).. تتغيّر المواقع وتتحول الظروف.. وسيد أحمد الذي فجّر قضية القصر هذه.. يأتي يوم زواج كريمة الدكتور علي الحاج.. الذي كان وقتها طريداً بين الدول.. سيد أحمد خليفة يقف مع أهل العروس ليتقبل التهاني. سيدأحمد خليفة لم يكن سياسياً.. حتى وهو يعارض الإنقاذ.. أو يوالي حزب الأمة.. كان قوياً بقلمه.. يسعى الساسة لكسب وده واتقاء غضبه.. جعله الصادق المهدي رئيساً لصحيفته، والخليفة لم يكن أنصارياً.. مولانا الميرغني كان يستقبله في بيته.. ويسأله عنه في غيبته.. نائب الرئيس علي عثمان زاره في داره.. وتناول العشاء معه. جانبٌ آخر من حياة سيد أحمد خليفة.. كان شفافاً لدرجة غريبة.. لا ينكر حظه القليل من التعليم النظامي.. ولا قلة حيلته التي جعلته يدخل سوق العمل وهو صبي ليّن العود. من يقترب من سيد أحمد يرى شيئاً آخر.. فقد عاش الرجل دائماً بقلبٍ شابٍ.. يكتب عن ذكرياته بافتضاحٍ شديدٍ وبوحٍ خاصٍ وصراحةٍ منقطعة النظير.. كان دائماً أنيقاً في ملبسه ومظهره.. وأقرن القول بالفعل وتزوّج وهو كهل من شابة سودانية.. وهبت له على الكبر زهرتين جميلتين. لم يكن سيد أحمد خليفة يفزع من الموت.. كل ما خرجت إشاعة تفيد برحيله من الفانية.. مَدّ لسانه ساخراً وقال للناس أنا بخير وعلى خير. أخيراً غافل الموت الكاتب الكبير ونَالَ منه.. لم يرحل (أبو السيد) لأنّه ترك وراءه مؤسسة ناجحة وذرية صالحة. التيار