حديث المدينة صح النوم.. يا كهرباء..!! عثمان ميرغني قبل يومين.. انقطع التيار الكهربائي في منزلي منتصف الليل.. رقم (بلاغات) الكهرباء مسجل في هاتفي.. اتصلت بالرقم؛ وجدته مغلقاً.. كررت الاتصال كثيراً بلا طائل.. توكلت على الله وركبت السيارة – بعد منتصف الليل - إلى مقر مكتب بلاغات الكهرباء المختص.. دخلت إلى المكتب.. لم يكن هناك أحد سوى عنصريْ حراسة يتبعان لشركة (الهدف).. سألتهما أين الموظف المختص بالبلاغات؟ لم يجيبا لكن أحدهما تحرك إلى داخل المكاتب.. كررت السؤال؛ أجاب الشاب بكل ضجر(يا شيخنا.. إنت سألت.. وحا نصحيهو ليك..) بعد حوالي خمس دقائق خرج من أحد الغرف الجانبية شاب يعاند أجفانه المثقلة بالنوم.. ويحمل في يده جهاز الهاتف (كنار) الخاص بالمكتب.. سألته لماذا أنت نائم في وقت العمل الرسمي؟.. رد عليّ باندهاش.. ليست هناك بلاغات.. وبالتالي ليس هناك عمل لأوديه.. قلت له كيف تكون هناك بلاغات وأنت نائم والجهاز مغلق.. انتبه الشاب لمسألة إغلاق الجهاز فمد يده وضغط على زر التشغيل لفتح جهاز الهاتف.. قلت للشاب.. على الأقل أنا أسكن قريباً من مكتب بلاغات الكهرباء ومعي سيارة أستطيع أن أنتقل بها للمكتب للإبلاغ عن العطل.. لكن هناك عشرات الآلاف من المواطنين الذين يتبعون للمكتب بعيدون جداً والوقت متأخر في عمق الليل.. وليست في أيديهم سيارات للوصول إلى المكتب.. فماذا يفعلون؟.. وهو عين ما اشتكى لي منه مواطنو قرية الفكي هاشم الذين يقع (مكتب الكهرباء) على بعد (20) كيلومتراً منهم.. في مدينة الجيلي.. وعندما يتصلون برقم الهاتف يجدونه مغلقاً.. فالموظف هناك يحرص على إغلاق الهاتف حتى لا يعكر صفو أحلامه (بلاغ)..!! ظل الشاب يتمتم ببعض عبارات الاعتذار ويؤكد أنه لن يكرر الفعلة.. ولن ينام حتى الصباح.. عدت إلى المنزل فعادت الكهرباء سريعاً بعد رجوعي مباشرة.. انتظرت نصف ساعة وقلت دعني أختبره مرة أخرى.. اتصلت على رقم هاتف البلاغات.. ارتد إليَّ صمته البليد.. الشاب أغلق الجهاز ورجع ليكمل نومه.. تُرى.. كم من عشرات الآلاف من الشباب عاطلين عن العمل يبحثون بكل لهفة عن فرصة مثل التي حصل عليها الشاب الذي يعمل في مكتب الكهرباء؟.. كم شاباً لديه همة ورغبة في العمل الجاد النظيف.. وقادر على المثابرة على عمله ليلاً حتى الصباح دون أن يغلق الهاتف.. ولا يجد فرصة.. بينما آخرون وجدوا الفرصة.. للعمل في وظيفة (موظف نائم).. بكل أسف مثل هذا الموظف النائم.. ما كان له أن ينام إلا إذا كان المسؤول عنه أيضاً (نائماً).. وترتفع حالة (النوم) إلى أعلى حتى آخر السلم الهرمي في الجهة التي يعمل بها.. والمشكلة أن الخريف على الأبواب. والأمطار لا تهطل إلا ليلاً.. والكهرباء لا تنتظر البلل. وعندها تكتظ مكاتب بلاغات الكهرباء بالشكاوى.. فكيف العمل إذا كانت تلك هي (همَّة!).. وضمير الموظفين المسؤولين عن خدمة الجمهور؟.. التيار